الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥٠ مساءً

ما الذي يخشاه اليمني من "كورونا"؟!

فكرية شحرة
الاربعاء ، ١٨ مارس ٢٠٢٠ الساعة ٠٩:٥٣ مساءً

الآن فقط هناك قاسم مشترك بين مخاوف كل البشر..   لطالما كان هناك شعوب تنهكها الحرب وتبيت تحت القصف، وأخرى تسحقها المجاعات والفقر، وأخرى لا يرعبها سوى الطقس وكوارث المناخ..   فيما هناك دول أخرى مرفهة، نسبة السعادة فيها 90 في المائة؛ وقد تكون أعلى نسبة للموت فيها بسبب الانتحار لفشل العلاقات العاطفية..   ودول أخرى تستمتع بمباهج السياحة والمنتجعات؛ تعرف عن المحميات الطبيعية أكثر مما تعرف عن معاناة شعوب تجمعها بهم الإنسانية!!..   الآن، هذا الكائن الضئيل وحّد شعور العالم في ذات الخوف وذات العدو. العالم كله يتحدث عن فيروس "كورونا"، العدو الغامض، فكيف يواجه البشر هذا المفترس للتنفس؟!   كيف يواجه البشر هذا الخوف..؟!   معروف أنه كلما ارتفعت درجة الوعي عند الشعوب، ارتفع منسوب الخوف. قد لا يكون الوعي بمخاطر الفيروس الصحية، التي تؤدي إلى الوفاة فقط، بل الوعي بمواجع الموت وترك الحياة الجميلة والهنيئة.   بالنسبة لغالبية اليمنيين، لا ينقصهم الوعي أبدا؛ لكن لا تشكل فكرة الموت عن الحياة، فرقا لديهم!!؛ الموت عبر المرض، لا يختلف عن الموت في الجبهات، أو تحت طائلة المجاعة..!!   أتذكر أن نسبة هائلة، ممن قضوا بوباء "الكوليرا"، كانوا من البسطاء والفقراء والمتسولين على الأرصفة، وكأن الموت أرحم بهم من الحياة طويلة التعب!!.   في وباء "الكورونا"، سيكون الإنسان اليمني خائفا من عواقب الأمر، وليس الأمر نفسه!!؛ يخاف من ردة فعل من حوله، فحين يقع فريسة المرض، لن يجد أبسط مستويات الرعاية أو الاهتمام، نظرا لحالة الناس الاقتصادية. وكذلك: أن لا دولة ستعني بالمرضى، بل أنه ربما يتعرض للتصفية من قبل المليشيا، فالموت أنجع الحلول بالنسبة لهم. اليمني يحارب ضغوطات لا حصر لها، حتى يخشى أن يسقط فريسة لفيروس غامض..! يواجه كل الضغوط النفسية، وسوء التغذية، والمعيشة الكالحة، والسموم التي يتشربها في معيشته بكل صمود، فلا بأس أن زاد هذا الفيروس، كعدو محتمل، ضمن جيوش المعيشة الضنكى. فقد مرت عليه أوبئة كانت قد انقرضت في العالم كلهّ!!

ليست المرة الأولى التي تواجه فيه البشرية وباء ما يهدد وجودها، ومع ذلك تنتصر عليه بإذن الله. ولعل هذا الوضع يحدث تغييرا في سياسات وأوضاع بلدان كثيرة.

العالم يمر بمخاضات مؤلمة وعجيبة، تجعلنا نثق أن هناك تغييرات ستحدث، ليس في خارطة الشرق الأوسط فقط، كما كانوا يطمحون، إنما في خارطة الوجود الإنساني بأكمله.