الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٣ صباحاً

إيقاعات وجدانية ,,,, من وحي الثورة(15)

عباس القاضي
الاربعاء ، ٢١ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
وهم في مكان الوضوء لا حظ بندر إتقان الثلاثة للوضوء, بشكل جعله يسأل الشيخ : كيف يتقن من هو حديث عهد بالهداية أفضل ممن تعلمه عن صِغَر ؟ قال له الشيخ : نعم يا بندر, الكثير ممن يقوم بعمل ما تقليدا للآخرين, قد يقع على شخص غير متقن, فيقلده, ويستمر على هذا الحال بخطئه دون أن يرجع إلى فقه أو حديث, أما أصحابك فقد تعلموا على يد من يتقن, فلا عجب إذن, وهنا تساءل عبده غبش قائلا : أيها الشيخ الجليل عندما حضرت إلى المسجد, يوم الأحد, أعطيتني قميصا ومئزرا, قلتُ :يومَها فائضَ ملابسٍ كان لديك, وفي اليوم التالي عندما جاء سعيد ناولته قميصا ومئزر فقلت: احتياطي ملابس استغنيت عنه, وعندما حضر علي زؤبه في اليوم اللاحق أعطيته كذلك, و عندما وصلنا اليوم ومعنا بندر هممت بالذهاب إلى الحقيبة لتحضر له قميصا ومئزرا, من أين لك كل هذا؟ هل لديك معرض ملابس ؟ تبسم الشيخ ضاحكا من ملاحظته, ثم قال : فكرة اقتحام مجتمع المهمشين راودتني منذ زمن وزاد حماسي عندما وجدت الحاج صلاح, والأستاذ محسن, يشاطراني نفس الهم, وكنت عندما أهم بالسفر في كل مرة, لم آخذ معي سوى ملابسي, ولكن هذه المرة عقدت العزم على أن أبدأ في التنفيذ, فأخذت فائض ملابس إيمانا مني وعزيمة على إنجاز هذا المشروع, تماما ,كذاك المزارع الذي يدعي الله أن ينزل الغيث , وهو يرى السماء صافية من السحب, ولكن ثقته بالله دفعته بأن يقوم بإصلاح الأعبار (مجاري الأمطار) إلى الحقل,فيستجيب الله له فما إن ينتهي إلا وقَطْر المطر يسقط, والغريب في الأمر وأنا أَهِمُّ بالخروج من السوق في قدومي إلى هنا, رأيت رجلا يَدُلُّ بمقص لنزع الخاتم والحلق وغيرها, فقلت : آخذها لعلي أحتاجها, لذلك وأنا انزع الخياتم والحلق من أصابع أخينا علي زؤبه, ذكرت هذا الموقف, فسبحت الله على سابق علمه .

اتجهوا صوب القبلة ليصلوا ما شاء الله لهم أن يصلوا من قيام, قبل أذان الفجر, وهاهو الحاج والأستاذ يَصِلون إلى المسجد والشيخ في استقبالهم, والأربعة ما زالوا قياما يصلون, أومأ لهما الشيخ أن ينظرا, فوجدوهم أربعة, وزادت فرحتهم حينما وجدوا أن رابعهم , بندر صاحب الحنجرة الذهبية.

انتهوا من الصلاة وكعادتهم يجلسون لمناقشة الآتي, وبشروهم بأنهم سيصبحون من سكان القرية من هذا اليوم الخميس,وسيكون لهم بيوت من حجر وطين, حيث تم حصر البيوت الفارغة في القريتين من قِبَل الأستاذ محسن, فوجد عشرة منازل في كل قرية, أصحابها هجروها بعد أن بنوا بيوتا في المدن أو في الوديان عند مزارعهم, ساعده أولئك الذين كانوا يحضرون إلى بيت الحاج ليتناولوا الوجبات ومعهم غبش وعجب وزؤبه,,حيث كان حماسهم على أشده بأن الأمر طبيعي أن نتعايش ونتجاور معهم, وقد كنا جهزنا ثلاث بيوت, لعدم علمنا بانضمام بندر إلى الثلاثة لكنه ما زال الأمر متاحا لتسكين بندر.
وهنا تدخل الشيخ والحاج وهم يوجهون حديثهم صوب بندر قائلين: يجب أن لا تسكن نجوى حتى تتعلم الصلاة وتمكث لمدة يومين أو يوم على الأقل في بيت الحاج, وهنا نطق بندر ما دام الأمر متعلق بنجوى وفراقها حيث قال وكله لهفة : يوم واحد يا حاج تكفي والباقي عليَّ.

وهنا تدخل عبده غبش بقوله : ولكن كيف بتجهيز البيوت وتأثيثها؟ وأنتم تعرفون أنه كان أكلنا كله سفري, وهز رأسه يعني سياحي , فقال الحاج : هذا عملي اليوم ومعي الشيخ, سنذهب إلى المدينة, ومعنا وثائق المشروع, ولن تغيب شمس هذا اليوم إلا وأنتم في بيوتكم بكامل تجهيزاتها, كذلك سنجلب الملابس لكم ولنسائكم.

بعد الإفطار قال لهم الحاج : غبش, عجب, زؤبه ستذهبون الآن إلى المزرعة, أما أنت يا بندر اذهب لإحضار نجوى لتأتي عند حسينه لتقضي معها اليوم فقال بندر : تعلمها الظهر والعصر, والمغرب والعشاء عليَّ فقال له الحاج :والمغرب والعشاء عليك.
ذهبوا إلى المزرعة وكلهم شوق وتفاؤل فهذه الليلة ستكون في بيوت غير بيوت الصفيح التي تعودوا عليها منذ طفولتهم بفرش جديدة وأثاث جديد هم ونساؤهم يدشنون حياة جديدة كذلك بندر ذهب لإحضار نجوى إلى بيت الحاج, ومن ثَمَّ سيلحق بهم للعمل في المزرعة, وسيتعمدون أن يكون العمل في أماكن متقاربة حتى يبثُّ كل واحد لصاحبه بهذه المشاعر الفياضة.

وصل الحاج والشيخ إلى المدينة, الحاج سينطلق إلى الغرفة التجارية, والشيخ إلى الجمعيات الخيرية.

هذا يوم الخميس :الاجتماع الدوري للغرفة التجارية, وعلى هامش الاجتماع, عرض عليهم المشروع, فكان التنافس على أشده حتى أن احدهم عرض على الحاج أن يمول المشروع بالكامل, وتدخل آخر وهمس بأذن الحاج قائلا : أربعين أسرة فقط خليهم عليّ, ورد آخر لا تكونوا أنانيين, وتستأثرون به لوحدكم, وهنا جاء رئيس الغرفة التجارية وحسم الأمر بنفسه بقوله : نعود للاجتماع وسوف نعالج الموضوع, بدأ الاجتماع بتكليف لجنة لفرز المتطلبات, حتى إذا ما تم الفرز وزعها بحسب القطاعات, الاثاث والمفروشات, تجهيز ما عليهم وكذلك المكتبات, والأدوات المنزلية, مصانع البلك وتجار الاسمنت, أصحاب المواد الغذائية, اصحاب المصانع لاستيعاب العمالة, شركات الاتصالات والخدمات للتمويل النقدي, فسجل كل ما يمكن التبرع به حتى إن رئيس الغرفة التجارية والحاج صلاح يقومون بالخصم لا بطلب المزيد نتيجة لاندفاع التجار واقتناعهم بالمشروع لرقي أهدافه وتقديرهم للقائم عليه :الحاج صلاح القتادي, المبادر دائما, والمتجاوب لكل المشاريع الخيرية التي يقدمها الآخرون, ولما يمتلك من سمعة طيبة.