الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤٩ مساءً

هل ستعيد الثورة أخلاقياتنا من جديد ..؟

محمد حمود الفقيه
الاربعاء ، ٢١ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٩:٥٩ مساءً
في العقود الثلاثة الماضية من تاريخ اليمنيين ، فقدنا دولة النظام والقانون ، و قد أدى ظهور الفساد الكبير الذي نما وترعرع في نسيج البلاد الإداري والمالي الى فساد الأخلاق والمكارم والصفات والخصال الحميدة ، وانتشرة العبثية والفوضى في أوساط كثير من اليمنيين ، ذلك ان السيئة لا تخلق إلا سيئة مثلها ، والحسنة دائما بعشر أمثالها ، وهكذا وصل الحال باليمن الى الغرق في وحل الفساد المنتشر في جميع المؤسسات الحكومية والخاصة .

والذي يلاحظ كيف كانت تجري الحياة العامة في اليمن بمختلف ميادينها ، يجد ان الناس كانوا قد فقدوا جزء كبير من أخلاقياتهم وسوء معاملاتهم فيما بينهم ، والأمثلة كثيرة على ذلك ، منها ان أمانة العمل ضاعة في بيئة الفساد المنتشر ، ومنها الغش التحاري والغش التعليمي والغش في العمل والواجب .

إنني أتكلم كوني أحد المواطنون اليمنيون ، أتكلم من واقع الحياة التي مررت بها ، واكتب الآن عنها حيث لم أجد في الصحف أو المواقع الإخبارية المختلفة من يتحدث أو يكتب على ذلك .. لاحظ أيها القارئ عندما كنت أنت تذهب الى الطبيب في أحد المستشفيات ، تراه يقوم بتشخيص المنافع منك قبل ان يشخص الألم !!ويعمل جاهدا على استبدال الدواء القديم الذي منحه لك غيره من الأطباء وذلك لتتم عملية الاحتيال كي تدفع فاتورة ِ طبية أخرى صادره منه هو ، ويجبرك طبياً على الغاء الدواء السابق لماذا ؟ اما ان تكون الصيدلية التي يرسلك اليها تابعة له ، واما ان تكون له نسبة محددة في حال تم اصطياده لمريض ويوقعه في شباك الصيدليات !!؟ أضف الى ذلك حين يتعمد الطبيب على ان تجري الفحوصات الغير لازمة للمرض كي يتلقى النسبة المقررة له من غرف المختبرات وكذلك الأشعة ، هذا السلوك القبيح لا يمت لمهنة الطب بصلة ، ما كان له ان يحدث لولا غياب المسؤولية والرقابة ، وغياب مبدأ الثواب والعقاب .

كذلك أخي القارئ تأتي الى مهندس الطرقات الذي يشرف على إنشائها .. تراه يرفع تكاليف رقابته اولى من رفعه تقييم عمل الطريق ومستوى الجودة ، حتى ماتنقضي مدة وجيزة وانظر الى الطريق التي تم فتحها بموكب رئاسي كبير تراها منتهية الصلاحية !!

اذهب الى المدرسة ، التي يتم فيها اعداد الأجيال التي يعوول عليها كثيرا في بناء الدول ، وبناء الحضارات ، وبلوغ التطور والتقدم ، لكن ما يحدث في مدارسنا اليمنية ليس إلا هياكل بناء بمختلف الأحجار ، نرى علماً يرفرف في سماء المدرسة لكننا لا نراه يرفرف في قلوب المعلمين ، نتيجة انحراف المهمة الربانية التي كلف بها هذا المعلم أو ذاك عن طريقها الأساسي ، وأصبح المعلم في اليمن يمارس وظائف بعض الاجهزة الالكترونية الحديثة الذي يسميه صانعوه 3 ان 1 ، ونحن نعرف ان السبب الكبير لأنحراف المسار هذا هو غياب الدولة التعليمية ، وضعف مستوى الدخل للمعلم كي لا نظلم بعض المدرسين كذلك ، وعدم اهتمام النظام السابق بالجانب التربوي والتعليمي الذي يعتبر ركيزة أساسية في بناء التنمية والتطوير ، ادى كل هذا الى نشوب أخلاقيات وخصال غير سوية لدى كثير من المنتسبين للسلك التربوي والتعليمي ، وغابت أمانة المهنة التعليمية و قد حدثت تصدعات كبيرة في سير العلم والتعليم في بلادنا ، مما ادى الى هروب الكثير من المدرسين الى الخارج للبحث عن حياة أفضل ومصدر دخل ينعم فيه بحياة كريمة .

وعلى هذا النحو _ أعمل معيارا لقياس الأخلاق المهنية هذه ، وقيسها على الوظائف والمهن الأخري ، في جميع النخصصات ومختلف المجالات ، إن ملاحظاتي هذه ، ليست للتخدير أو تحريك للمشاعر ،، إنما هي حس وطني وشعورا بالغيره الوطنية على ما أصاب اليمن من آفات وأمراض أخلاقية مزمنة ، ووصل شعور الانسان اليمني الى عدم الثقة بهذا الوطن الكبير ..