الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٢ صباحاً

مسيرة ( الحياة ) الراجلة .. وغزوة العسرة !!!

محمد حمود الفقيه
الجمعة ، ٢٣ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١٢:٤٠ صباحاً
مضى على غزوة العسرة أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان ، وقد سمى الله سبحانه وتعالى غزوة تبوك ب _ غزوة العسرة _ نظرا لأنها كانت في أشد أيام الحر حينذاك في فصل الصيف من. ، وقد قطع الجيش الإسلامي في غزوة العسرة مسافة تقدر بخمسة عشر يوما من المدينه المنوره الى تبوك على حدود الأردن اليوم ، و نظرا لأن تلك الغزوة كانت في مناخ شديد الحر و بعد المسافة التي قطعها المسلمون ، وصل بهم الحال من شدة العطش الى ان ينحروا حواصل الإبل التي تخزن الماء لمدة قد تقارب سبعة أيام ، وشربوها من شدة الضماء في تلك الرحلة الطويلة ، ولكن الله تعالى يرى عبادة بعين الرحمة ، فقد اثنى الله تعالى على أولائك الذين شاركوا فيها فقال تعالى : (( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة )) التوبة 117

هو الهدف السامي وحده الذي جعل من المؤمنين ان يذهبوا آلاف الأميال تحت حر الشمس ، وفي المناخ الحار الشديد ، يرافقهم الايمان في قلوبهم و ما خرجوا من أجله هو إرضاء الله سبحانه وتعالى ، فتحملوا بذلك الحر الشديد و مشقة السير الطويل ، لا لشئ إلا مرضاة الله سبحانه وتعالى .

وعلى هذا فإننا نرى اليوم ثلة من الناس من الشباب اليمني ، الذين قرروا ان يمشون على أقدامهم من تعز الى صنعاء في ضل توفر وسائل النقل الحديثة في عالمنا اليوم ، هؤلاء الشباب لم يكن لهم ان يفعلوا هذا لولا إيمانهم العميق بما يذهبون اليه من غاية إنسانية كريمة ، انها التعبير في الوقوف أمام الظلم أمام الجور أمام الاستبداد الإنساني ، هؤلاء الشباب لا يسعون الى غنيمة يجدونها في طريقهم الطويل ، ولا يهدفون الى إشهار أنفسهم بمقاييس غينيس ، بل هم فتية آمنوا بربهم الحق العدل الذي قال جل في علاه في الحديث القدسي يرد على دعاء النفس المظلومة : ( لانصرنك و لو بعد حين ) ، نعم انهم فتية آمنوا بالحقوق المشروعة ، آمنوا بالدفاع عن المظلوم ، آمنوا بمدأ القصاص من المجرمين ، هؤلاء الفتية سيخلدون في قلوب العالمين ، هؤلاء الفتية تغلبوا على مشقة الطريق ، وتغلبوا على شدة البرد القارس في ذروة الشتاء ، تخلوا عن فرشهم المرفوعة واكوابهم الموضوعة ، في سبيل الحق ، في سبيل الحرية ، في سبيل الحياة الكريمة .

ان [ مسيرة الحياة الراجلة ] اليوم ضربت لنا أروع الأمثلة في التضحية والذود عن المظلوم ، ضربت لنا مثالاً لتحطيم اليأس في عقولنا ، ومثالاً في كسر الحصار الذي غطى على قلوبنا طيلة حياتنا الماضية ، مسيرة ( الحياة ) هذه ، ضربت لنا مثالاً لشراء الحرية بأغلي ما يملك الانسان وهي نفسه وماله ، و اننا حين ننظر ونشاهد هذه المسيرة النوعية في تاريخ التغيير الحضاري والإنساني ، لينتابنا شعوراً بالأمل ، واحساساً بالنور المشرق الذي قد أطل على شبابنا شباب الحرية والتغيير ، و تطمئن قلوبنا نحو بوابة المستقبل القريب الذي نجلم به ، اليوم الارادة الحرة وجدت لتبقى ، اليوم النفوس تغيرت ، اليوم القلوب آمنت بالغايات والأهداف السامية ، اليوم العقول تسلك الطريق الصحيح وتتخلص من الفكر الجمودي التبعي ، اليوم الشباب رسموا لنا كروكي المستقبل الجديد ، وهتفوا ان لا ذل بعد اليوم ولا خنوع و لا مجاملات ولا منافع رخيصة أمام الحق والعدل والحرية .

ان على كل انسان ينتمي الى هذا الوطن بعد ان يشاهد _ مسيرة الحياة _ ان يرجع الى نفسه ويحاسبها على ما اقترفت من جرم التبعية للمجرمين ، والتبعية السلبية للفاسدين ، والتجرد من الوهن والضعف والتردد نحو ما من شأنه ان يحرر البلاد والعباد ، اسأل الله العلي الكبير ان ينتقم من الظالمين ، وان يرينا كيد الكائدين وان يبلغ شبابنا مقاصدهم السامية ، انه سميع قريب مجيب ..