السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٦ صباحاً

ثقافة التغيير بين الأصدقاء

محمد هادي
الثلاثاء ، ٢٧ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
قابلني أحد الزملاء وهو في مراحل الدراسة العليا ودار نقاش غلبت عليه العقلانية والهدوء وكان يسير في منحى الرأي والرأي الآخر، وذلك حتى لا أفقد صداقة هذا الزميل الذي يستميت في الدفاع عن النظام وبكل ما أوتي من قوة، حيث يرفض التغيير بكل معانيه وصوره، وأقصد هنا التغيير على المستوى السياسي الذي يعد المنطلق الأساس للتغيير في مسارات الحياة الأخرى، ومن خلاله تتطور الأوضاع ويتقدم الوطن أو يتراجع وينتكس.

كان صديقي رجلاً مثقفاً لكنه ممن يرى بالطاعة العمياء لولاة الأمر، وعدم الخروج عنهم في كل الحالات، وصديق آخر منفتح ومتحرر في شئون حياته، ما عدى التغيير للنظام خاصة في اليمن كونه صديقاً حميماً ومقرباً من بعض رموز النظام، فتنقضي مصالحه وتُحل مشاكله على خير وجه، فليست لديه مشكلة يعانيها ولا قضية تؤرقه مع النظام.

والحقيقة التي خرجت بها من موقف هذين الصديقين والكثير من أمثالهم أن موقفهم الرافض للتغيير يعود إلى أنانية الذات والفكر الخاطئ الذي يتشبث به أولئك، فكون مصالحي تجد طريقها إلى النور، واحتياجاتي تتحقق فلا بأس من حرمان باقي المجتمع ووضع كل العقبات أمامهم لأبقى أنا ! المتفرد بين المجتمع وتلك هي المصيبة الكبرى التي نعيشها مع هذه الفئة من مجتمعنا أنانية مقيتة، ومصالح ذاتية يدعمها تضخم الأنا وحب الذات، ولا ما نع أن يتملق هذا الشخص بين وقت وآخر بحب الوطن والتضحية من أجله فأي حب وأي تضحية هذه التي يتغنى بها وهو من أجل ذاته ومصالحه يصادر حق الملايين من أبناء شعبه!! .

وأما صديقي الآخر الذي يرى بالطاعة العمياء لولي الأمر بفتوى شرعية باعتباره يخاف الله ويتبع في ذلك المنهج القويم فقد رد عليه علماء الأمة ومرجعياتها والمجتهدون منهم الذين جمعوا بين الأصالة والمعاصرة وتفهموا أوضاع الأمة في كل مكان وما يعانوه من ظلم واستبداد وقهر بكافة صوره وأشكاله، وقدروا هموم الشعوب والإسلامية ومعاناتهم للفساد، وإهدار مقدرات وثروات البلاد لصالح فئة باغية تتحكم في كل شيء داخل الوطن كونها النظام المقدس الذي لا يخطئ، متناسياً صديقي تلك الحقوق التي ضاعت وصودرت في كثير من الأحيان بحجة أن ذلك الشخص المراجع ليس صديقاً ودوداً لنظامه المعصوم ! أو ليس له من يدعمه ويزكيه عنده، وربما يكون صاحب ذلك الحق من أفضل وأكفأ الرجال للوطن في تخصصه ومجاله، كما يعين إما خريج ثانوية لا يدرك حجم المسئولية ولا يملك فهماً لدوره ومهامه، أو خريج جامعة ربما لا يجيد كتابة اسمه وبعيداً عن تخصصه ومجاله لمنصب مهم وحيوي في الوطن، فماذا نتوقع منه يا ترى لينتج لأبناء شعبه إذ أن فاقد الشيء لا يعطيه، فلا معرفة ولا خبرة ولا وطنية ولا حكمة في التعامل مع الآخرين فكل ما يعنيه من عمله الذي يديره ويتحكم فيه بهواه ومزاجه وسطحية عقله كم من المال سيجنيه حلال أم حرام هذا لايهمه، وكم من المكاسب سيحققها لذاته.

إن صديقي يتناسى كذلك تلك المظالم الكبيرة التي ارتكبها النظام العبثي في حق الملايين من المجتمع بالعبث في المال العام، ومصادرة حقوقهم في العيش الكريم، والحياة النظيفة بعدم توفير أدنى مقومات العيش في أوطانهم خاصة تلك التي تعيش في الريف والذين يمثلون النسبة الأكبر بين سكان اليمن والبلاد العربية بحسب الدراسات العلمية في هذا المجال.
إن الذي يرفض منهج التغيير الإيجابي في الحياة لاشك أنه يكره التغيير حتى في حق نفسه وأهله، والتغيير هنا يعني التطوير إلى الأفضل، والتقدم إلى الأمام، يعني نهضة الأمة وحراكها الفاعل في كل مسارات الحياة الثقافية والاقتصادية والتاريخية والسياسية والاجتماعية، فمن يعارض التغيير يعارض التطور والرقي في حياته، فالتغيير سنة من سنن الله في الكون والحياة.

إن صديقي عزيز علي كثيراً لكنه يختلف عني في فهم مثل هذه الحقائق بل ويخالف فكره ما يحكيه واقع الأمة ومعاناة أبنائها في كل أرجاء الوطن، فهو ينسى كذلك ذلك الظلم في المحاكم الشرعية عبر أناس نصبوا أنفسهم في أماكن حساسة ولا رادع من ضمير أو خوف من الله، وينسى سلب الكثير من الناس عقولهم عبر وسائل إعلام تدعى بالرسمية دأبها تغير الحقيقة، وتزيف المعلومة لإرضاء الحاكم المقدس، وإشباع رغباته في المدح والإطراء والتبجيل، كما ينسى تلك الدماء التي أراقها المدافعين عن الظلم والظالمين عندما خرج شباب الوطن ليقولوا بصوت واحد لا للفساد..لا للاستبداد..لا للقهر والظلم.. لا لمزيد من النهب لثروات البلاد.. لا لحياة الذل والتخلف، لا للزيف وانتهاك الحقوق.

نعم صديقي يعز علي،، لكن وطني وأمتي أعز وأغلى.