الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:١٨ صباحاً

بلاحدود وثورات التغير العربي

محمد هادي
الجمعة ، ٣٠ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
تابعت مقتطفات من البرنامج التلفزيوني الفضائي "بلا حدود" والذي يعرفه ملايين المشاهدين من العرب، وأعجبني ذلك الحوار الرائع الذي دار بين مقدم البرنامج أحمد منصور وضيفه رئيس الحكومة التونسية الجديد الذي يعد مخرجاً من مخرجات الثورة التونسية المميزة في سرعة حسمها، والثورة القدوة للثورات العربية، ولا يخفى ما عانه هذا الضيف لسنين طويلة من السجن والتنكيل، وقد ركز الحوار على المحور الاقتصادي، وأوضاع الشعب التونسي الاقتصادية والمعيشية، وكيف يمكن للحكومة الجديدة الخروج بالمجتمع مما يعيشه من أوضاع متردية وبطالة متنامية، ثم تناول الضيف بداية نشاطهم وبرنامجهم في الحكومة لمحاربة الفساد والبطالة ورفع مستوى الناس للوصول إلى الحد المطلوب كي يعيشوا في وطنهم، ويأمنوا على لقمة عيشهم اليومية.

الحقيقة أن هذا هو ديدن كل المجتمعات في مختلف أنحاء العالم، وهم كل الشعوب وقلقها الوصول إلى لقمة العيش وإشباع احتياجاتها المعيشية، وتحقيق العيش النظيف والكريم، وأعتقد جازماً أن السبب الرئيس لقيام ثورات الربيع العربي كما يطلق عليه الكثير هو سوأ الأحوال الاقتصادية وتردي المستوى المعيشي للشعوب، وتدني الدخل للمواطن إلى أدنى مستوياته.

ولا ننسى وضعنا حيث تصنف اليمن بأنها من أشدّ الدول النامية ذات الاقتصاد المتدهور، كما أشارت تقارير GRP وCIA بأن اليمن تحتل المرتبة الأخيرة بين هذه الدول إذ يبلغ دخل الفرد فيها حوالى دولار واحد، علماً بأننا نملك ثروات وإمكانات طبيعية وبشرية وزراعية وبحرية تؤهلنا للعيش على أفضل حال، وبأرقى مستوى للعيش الكريم.

وما أرمي إليه في هذا الحديث أنه بعد تحقق مرحلة التغيير، وانطلاقاً من حكومة الوفاق الوطني لابد بل يجب وطنياً التركيز على المسار الاقتصادي للوطن، والبحث بجدية وعزيمة عن جميع السبل والحلول السريعة والناجعة لإنقاذ الشعب، ودرأ الخطر الاقتصادي الرهيب الذي يكاد يفتك بحياة الناس وأمنهم واستقرارهم، إذ أن الجانب الاقتصادي هو محور الارتكاز التي تنبني عليه بقية المجالات والمسارات الحياتية الأخرى للمجتمعات، ومن خلاله يرقى أفراد المجتمع ويتطور ثقافياً وسياسياً وفكرياً واجتماعياً وصحياً.

إن كل ما يأمله ويتمناه أفراد الشعب جميعاً بعد التغيير الحاصل على المستوى السياسي توفير لقمة العيش لأفراد أسرهم، وقدرة الوصول إلى أساسيات الحياة وخدماتها حتى يتمكن الجميع من العيش الطيب، والشعور بالأمان في هذا الجانب الذي لم يعرف اليمنيون أماناً فيه من سنيين طويلة، فالظلم الذي خيم على رؤوس اليمنيين والفساد المالي والإداري الضخم الذي استشرى عقوداً من الزمن في حاجة ماسة إلى العمل المتواصل، والجهود القوية، والنيات الصادقة للوصول بالوطن إلى بر الأمان.

فكم هي بداية جميلة ومبشرة لكل يمني أن يعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني ويطبق ذلك على نفسه أولاً سياسة التقشف على جميع وزراء الحكومة ومسئوليها أياً كانوا، وكم هو رائع أن ينطلق الجميع يداً واحدة لبناء يمن جديد يسوده النظام والقانون، ويحكمه منهج الحق والعدل، ليصبح الكل أمام الحق سواء دون محاباة لأحد، ووضع الأمور في مسارها الصحيح بعيداً عن المكائد والمغالطات والعناد، فالوطن لا يقبل التحدي على مصالح أبنائه، ولتضع حكومة الوفاق بكل قوة وثقة حداً لكل المعايير المزدوجة التي أضرت بالوطن وأضعفت مقوماته وأهدرت ثرواته وخيراته.

ويبقى الهدف أمام الجميع .. يمن جديد يرفع مستوى الشعب ليعيش بعز وكرامة بين الشعوب الأخرى، يمن جديد لبناء اقتصاد قوي بأيادي أبنائه المخلصين الأكفاء همهم قبل كل شيء الوطن والأمة أولاً.