الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣٨ مساءً

ثورة المؤسسات المستمرة ... ومسيرة الوفاء للأحبة!

د. علي مهيوب العسلي
السبت ، ٣١ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
لقد أذهل اليمانيون العالم في الذكاء والإبداع الذي يتحلون به في بلوغ أهداف ثورتهم التي ينجزونها بكل اقتدار رغم الصعوبات التي يواجهونها من انضمام فئات متناقضة في الولاءات والبرامج إلى ساحات الثورة . وهاهم الشباب يعكفون هذه الأيام على رسم معالم جديدة نحو قيادة جديدة للثورة من وحي مسيرة الحياة ، والعمل على خلق الأفكار المميزة لإيجاد الحلول لاستيعاب كل هذه التناقضات تضمن للجميع المشاركة بفاعلية دون إقصاء لأحد،سواء على مستوى تجميع التكتلات أو على سبيل طرح الأفكار بكل حرية دون أن يخوّن أحد الأخر ، وما قضية المنصة المفتعلة الآن والتي لها تداعياتها منذ عدة اشهر إلا دليل على أننا مازلنا لا نقبل الرأي الأخر، وإلا ما هو المانع أن تقسم المنصة على التكتلات في برامج مزمنة ما دام الجميع يؤمن بنفس الهدف وما الضير أن يكون في الساحة اكثر من منصة ليتاح للجميع حرية الإبداع وابتكار الوسائل لانجاز الهدف المُجمع عليه من قبل الجميع!

إن ما حصل لمسيرة الحياة الراجلة من تعز عند وصولها ساحة التغيير أمر مخزي ومعيب،كذلك ما حصل من عدم تحمل اللجنة التنظيمية المسئولية في توجيه المسيرة في وجهتها الصحيحة بحسب أهداف المنظمين والسماح لتدخل قوى سياسية أدى إلى تشتيت المسيرة وتبعثرها واستشهاد العديد من الشباب الأبطال وجرح آخرين واعتقال عدد غير معروف حتى الآن أمر معيب كذلك لمن تسببوا في ذلك ، فلو كان هذا التصرف من بقايا النظام لما تحدثنا عن ذلك لأنه متوقع منه القتل والإساءة لهذه المسيرة وغيرها من المسيرات،لكن أن تأتي هذه الإساءة والتشويش على مسيرة حياة اجمع على صدقها كل اليمنيين والتفوا حولها وباركوها ، من فئات منضمة إلى الثورة الشعبية منذ اكثر من عشرة أشهر فهذا يدل على إشكالية حقيقية ، وعلى شباب الثورة إعلان موقفهم والتصدي بحزم لكل التشوهات القائمة على سياسة الإقصاء وتهميش الآخر وان يسارعوا في تشكيل هيئة تنسيقية عليا تمثل الثورة وتتحدث باسمها وتكون مرجعية لحل أية مشكلات قد تحدث في الساحات وبخاصة ساحة التغيير بصنعاء التي تضم كل تلك القوى المتناقضة.

إن ما جعلني أتحدث عن فكرة التناقضات في ساحة التغيير هو ما ظهر على السطح من خلافات وكذلك ما أثاره القائم بأعمال رئيس الجمهورية الفريق عبده ربه منصور أمام اللجنة العسكرية وبحضور سفراء الدول الخليجية والاتحاد الأوروبي والسفير الأمريكي الذي أساء لمسيرة الحياة الراجلة التي انطلقت من تعز عاصمة الثورة الأسبوع الماضي عندما وصفها بأنها غير سلمية ! وكان الواجب على نائب الرئيس أن يطلب من السفير الأمريكي الاعتذار ،وبدلا من ذلك قام القائم بالأعمال ليصب الزيت على النار وهو يتحدث عن مسيرة الحياة وما جرى لها في مدخل صنعاء ،ثم أشار لما جرى في ساحة التغيير بصنعاء من عراك وخلافات بين مكونات العمل الثوري .
ونحن إذ نشيد بالأخ الفريق هذا الاهتمام المتأخر لما جرى في ساحة التغيير بصنعاء ،نحب أن نلفت انتباهه لما يجري أيضا في مؤسسات الدولة المختلفة من ثورة مؤسسية إدارية ومالية قائمة على إبعاد الفاسدين من تلك المؤسسات،وكان الأجدر به أن يؤكد للسفراء من أن هناك ثورة حقيقية بدأت في تطهير الفساد ويطمئنهم من أن الانتقال السلمي السلس الذي كانوا يرغبون الوصول إليه قد بدأ تحقيقه بالفعل ، ولا يجهد نفسه بالتحدث عن مشكلة بسيطة حدثت في ساحة التغيير بصنعاء جراء التعبئة الحزبية والمذهبية المقيتة التي جرت أثناء ووصول قافلة الحياة التـــــــــاريخية .

كذلك تحدث الفريق أمام ضيوفه من انه قد اتفق مع أحزاب اللقاء المشترك من عدم تسيير المسيرات وبخاصة بين المحافظات وهذا اعتراف من قيادة المشترك بأنهم لم يعد لهم علاقة بالمسيرات والسؤال الذي يتطلب الإجابة عليه من السفراء ،هل ردوا عليه بالإيجاب ؟ فنحن نظرا لانعدام الشفافية في المعلومات نجهل الحوار الذي دار،وثورتنا من أهم مطالبها الشفافية وإتاحة المعلومات للجميع ، وهل باركوا اتفاق المشترك و النائب ؟وهل كان هذا الاتفاق بالأساس ديمقراطي؟ثم ما رد أحزاب اللقاء المشترك الذين هم بالساحات هل يؤيدون هذا الاتفاق وهل سيلتزمون به ؟ وأخيراً يا سادة ما موقف قيادة المشترك مما صرح به النائب؟! ولماذا لا يهل علينا الناطق الرسمي بالمشترك ليتحفنا بتبريرات لهذا الاتفاق ويكرر لنا الاسطوانة المشروخة التي كان يتحفنا بها النظام السابق من انه حريص على وحدة البلاد وان هذه المسيرات قد تؤدي إلى حرب أهلية وانهيار الدولة وهلم جرا ...من شعارات وفزّاعات!

إنني أناشد شباب الثورة اليدأ في الإعداد لمسيرة راجلة من صنعاء إلى تعز تسمى مسيرة الوفاء تكون ردا لهذا الاتفاق المشين وتأكيدا على استمرار النهج الديمقراطي وتعزيزا للإخوة والتلاحم واستنفارا للشارع اليمني المتعطش للثورة وجبر خاطر لأبناء تعز مما قد يكون لحق بهم من التصرفات غير المسؤولة التي حصلت في ساحة التغيير بصنعاء.اعتقد أن هذا هو الرد الفعلي لمن يحاول أن يسلب الشباب ثورتهم!
يا حكام اليمن من الأوروبيين والخليجيين والنظام الجديد ، إن في اليمن ثورة ستدك أوكار الفساد والإفساد مهما علا شأنها ولم تعد أحزاب اللقاء المشترك أحزاب معارضة بل أصبحت أحزاب سلطة و المعارضة الآن تتبلور في الساحات وفي المسيرات والاحتجاجات التي تعم أوكار الحكم الفاسد بكل مكوناته ورموزه ومؤسساته وعلى الجميع أن يدرك في كل الساحات أنها لم تعد معارضة طالما وهي مشاركة في الحكم.
لقد تم منح الثقة لحكومة الوفاق من مجلس النواب المنتهي ولايته منذ اكثر من ثلاث سنوات ،وكنا ننتظر من هذه الحكومة الوفاقية أن تؤيد العمل الجبار الذي قام به الأبطال في التوجيه المعنوي وفي الأحوال المدنية وفي أمن محافظة صنعاء وفي المؤسسة الاقتصادية وغيرها من مؤسسات الدولة لكنها فاجأتنا بتصريح للناطق الرسمي باسمها طلبت من الموظفين في المؤسسات إعطائها الفرصة وان لا يتصدون للفاسدين وإبعادهم وأنها هي من سيتكفل بذلك .بالله عليكم قوة ومقدرة الحكومة أقوى من الشعب؟! وهل كنا نتوقع قبل هذه الثورة أن يأتي اليوم الذي يُطرد فيها علي الشاطر وان يطالب بعودة المؤسسة الاقتصادية إلى الشعب ،وان يطاح برؤوس من العيار الثقيل أمثال أبو حورية وطُريق وحافظ معياد وقبلهم وبعدهم علي صالح وأبنائه وإخوانه وكل الفاسدين. إن ما يجري على ارض الواقع هو استفتاء الشعب اليمني الذي لم يعد يطيق الفساد والمفسدين ،فأي فرصة تطلبها الحكومة هل باستطاعتها تطهير مؤسسات الدولة كلها أم طلبها الفرصة فقط لتطبيع الفساد في مؤسسات الدولة المختلفة والتعايش السلمي مع الفاسدين.
أما أنت يا رئيس الوزراء فإننا نشفق عليك هذا الذي يجري ،ولكن إرادة الله قد وفرت لك فرصة النجاح من خلال هذه الهبَّة الشعبية للموظفين والعاملين في كافة مرافق الدولة التي شخصت الداء ووفرت الدواء ، فلا حاجة أن تضحي بنفسك في سبيل القضاء على الفساد ، فرجال الله قد بدءوا فعلا بتطهير المؤسسات وما عليك إلا مباركة هذا الفعل الثوري في مرحلته الثانية ولا تتردد في الوقوف بجانبهم واجعل مصدرك المسؤول يذهب إلى الجحيم لأننا تعودنا أن المصدر المسؤول المجهول دائما يعبر عن المطبخ الأمني فلا تجعلوننا نكفر بكم وبمصدركم المسؤول!

أيها العالم هذا هو شعب اليمن العظيم الذي لم تعرفوه من قبل رغم مخابراتكم ودراساتكم واستطلاعاتكم ،فاعرفوه الآن على حقيقته دون تجميل ،انه يحدث في كل يوم المفاجآت من اجل التغيير وبإذن الله في الأيام القليلة القادمة سترون تغييرات عميقة في القطاعات الإيرادية والتعليمية والخدمية الأكثر أهمية للشعب ، فانتظروا إن معكم منتظرون .وإن الفاسدين منهزمون وفي اليمن الجديد سيحاسبون وللتصحيح قادمون وحتماً أن الملوثين لن يحكمون....