الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٣ صباحاً

جار الله عمر .. مهندس البيت السياسي اليمني المعارض !

محمد حمود الفقيه
الأحد ، ٠١ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
في السابع و العشرون من ديسمبر الجاري من العام 2002م ، طالت أيدي الغدر و الجقد الإنساني و الفكري و السياسي الآثمة جار الله عمر أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني ، صاحب الرؤية السياسية و الفكرية الوطنيتين ، و سعت تلك الأيادي الخبيثة و من ورائها لشق المعارضة السياسية في البلاد و لم يكن يعرف الذي كان وراء هذه الجريمة البشعة ، ان بمقتل المناضل الشهيد جار الله عمر سيعمل على ولادة وحدة سياسية جديدة تهدد كيان النظام العائلي و إزاحته من عرش الحكم في اليمن ، ولكنه ضل طريقه هذا الذي فكر وخطط للنيل من رجل وحدوي ووطني بكل المقاييس .

جار الله عمر الذي ولد بيوم استشهاده مئات الأطفال اليمنيين الذين سميوا باسمه ، فقد كان جار الله عمر جار للسياسة و جار للثقافة و الفكر ، و كان جار و حامي و مدافع للوحدة اليمنية المباركة ، و قد أبلى بلاءً حسناً في سعيه لتوحيد القوى و الفعاليات السياسية و الحزبية ، و استطاع بهندسته السياسية ان يؤلف بين قلوب الساسة المخضرمون اليمنيون ، و سعت حكمته و دهائه السياسي الى وضع مختلف الأفكار و التوجهات السياسية اليمنية في طاولة مستديرة واحدة ، و العمل معاً ببرنامج سياسي واحد و كتلة واحدة سميت بتكتل أحزاب اللقاء المشترك التي تعمل الآن تحت مظلة واحدة في عملها السياسي .

لقد تغلب جار الله عمر على الخصوصيات الحزبية و الفكرية و استطاع ان يلتئم بحزبه في كينونة المعارضه اليمنية رغم اتساع الخلافات الفكرية و المنهجية فيما بين تلك الأحزاب ، ولكن وطنيته المخلصة قادته الى التخلي عن الانتماء الحزبي و المسميات و مضى نحو دروب التغيير السلمي للسلطة و الحكم من خلال وضع اللبنة الأولى لتكتل المعارضة في اليمن كأساس لوحدة العمل السياسي المشترك ، و استفادة الأحزاب المعارضه في اليمن من بعضها البعض ، فكان يعرف رحمه الله انه ليس بمقدور اليد الواحدة ان تصفق من دون الأخرى ، وان الرأي و الرأي الآخر قاعدة متينة يمكن ان تقود الأمة الى بر الأمان ، وان مبدأ التعاون و الشراكة الوطنية و الحزبية ، لربما تخلق أفق سياسي كبير لتحقيق الأهداف الكبيرة التي يجمع عليها كل اليمنيين .

جار الله عمر.. ذلك الرجل الوحدوي المحبوب لدى اتباعه و لدى البيئة السياسية اليمنية ، نظرا لتوجهاته الوحدوية على مستوى الأرض و الانسان ، ولكن حكمة الله قضت على ان يكون ضحية من ضجايا الاستبداد السياسي في اليمن من قبل مجموعة من المافيا السياسية التي لم تدع شيئاً في اليمن سياسياً كان أو اقتصادياً أو فكرياً إلا وقضت عليه ، و لاشك ان هذا حال المستبدون في الأرض أينما حلوا و يحلون في كوكب الأرض ، لا يقبلون بالآخر مهما كانت صفته ، و كيف سيقبلون بالآخر ان يشاركهم و أهدافهم تصبو الى الى أشياء دنيوية رخيصة و مطامع مالية زائلة لا محالة ، حسهم الوطني يندرج تحت الكم و الكيف المصلحي و لم يصعد يوماً همهم نحو الوطن و تنميته و تطويره ، ولم يعتادوا على الإجهاز على ثرواته و مقدراته و حسب ، بل ساقتهم اطماعهم الى القضاء على البراءة الانسانية التي تناديهم ان أرجعوا عن ضلالاتكم و بغيكم في الأرض ، و قتلوا كل نفس شريفة تواقه للبناء و تواقه للتضحية في سبيل اليمن السعيد ، أعدموا كل وسائل المحبه و الإخاء الإنساني ، و احرقوا قلوب الثكالى و أفقدوا البشاشة من وجوه الأطفال و الكبار ، فلا نامت أعينهم من جبناء ، و لا نامت أعينهم حين يبيتون و هم يسمعون النياح على القتلى ، و لا نامت أعينهم حين لا يرتوون من عطشهم إلا حين يشربون من الدماء الزكيه الطاهرة ، و لا نامت أعينهم حين لا يشبعون إلا من السحت ، جعلوا في زمنهم الباغي علامات ظاهرها الرحمة و من باطنها أشد العذاب ، فلا بارك الله لهم و لا من اقتدى بهديهم و لا من سار في طريقهم الذي فيه يعمهون .