الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥١ مساءً

أنا واليمن والنيل بين مرحلتين 3

اسكندر شاهر
الاثنين ، ٠٢ يناير ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
مع بجاش الأغبري ..
قليلون أولئك الذين يعملون بصمت ودون ضجيج .. لستُ واحداً منهم لكن صديقي بجاش الأغبري لا شك أحدهم

التقيته قبل أيام في القاهرة في مجلس كنا نبحث فيه عن بعضنا دون أن نقرر ذلك سلفاً .. وبدلاً من أن يخرج من جيبه ورقة تقص حكايته مع السجن التي امتدت لأكثر من عقد ونصف في زنازن نظام صالح أخرج ورقة طبية تحكي حاجة جريح من شباب الثورة يعاني من المرض ويهدد ببتر ساقه ويحتاج لمساعدة مالية تفك أسره.

بجاش علي محمد الأغبري عمل برتبة مقدم في مكتب وزير الدفاع السابق هيثم قاسم ، قاتل في صفوف الثورة الفلسطينية وتعرض للإصابة أثناء تنفيذه عملية فدائية في 5 / 8/ 1982م عندما احتلت بيروت ، وقتل وجرح أكثر من عشرة جنود إسرائليين ، ونقل الأغبري إثرها إلى العاصمة السويدية استوكهولم لتلقي العلاج .

بعد حرب 94م فصل من عمله لينضم إلى قافلة من الجنوبيين الذين قالت لهم الوحدة المعمدة بالدم بأنهم انفصاليون وأن الوحدة مقدسة والإنسان الذي حققها لا قيمة له في نوع من استحكام معايير الشيطان الأسود بجنوده الحمر ، لنكتشف فيما بعد بأن الوحدة دفنت وأن السلطة تحكم في ظل الانفصال وليس في ظل الوحدة وبالرغم من ذلك كان بعضهم ولا يزال يتحدث عن سقف اسمه سقف الوحدة وهو غير موجود إلا في سقيفة رؤوسهم .

أسس الأغبري منظمة وطنية للعدل والمساواة في محاولة منه لوضع هواجسه وتعبيراته السياسية في مسار معين يحاول اجتراح السكة في النفق المظلم ، ولكن السلطات اعتقلته في 2 / 8/ 95م في محافظة المهرة بتهمة إقلاق الأمن ومحاولة اغتيال رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح الأحمر غير المُقلق أبداً .

صدر حكم قضائي مفبرك على الطريقة إياها بإعدام الأغبري ، ثم تم تعديل الحكم إلى السجن مدة عشرين عاماً ، ووضع في زنزانة للمختلين عقلياً ممنوعاً من أية زيارة لمدة عشر سنوات .

توسطت عدة شخصيات سياسية وقبلية ومنظمات مجتمع مدني للإفراج عنه وكانت آخرها محاولة عميد الأسرى في إسرائيل سمير القنطار إلا أن الرئيس المقلق للأمن رفض كل هذه الوساطات وأصر على إبقاء الأغبري خلف القضبان لينعم اليمن بالسكينة والتقدم والرفاه .

وبعد اندلاع ثورة الشباب السلمية في اليمن بمايقرب من شهرين وتحديداً بتاريخ 16 / 3/ 2011م أفرج عن الأغبري بفضل هذه الثورة التي هزت عرش الحكم الجمهوملكي ، وبالرغم من فضل هذه الثورة على الأغبري واعترافه بذلك وإيمانه حد اليقين بعظمتها إلا أنه يشاطرني الرأي بأنه تم تشويهها بعد انضمام الكثير من القتلة والفاسدين إلى صفوفها بدعوى الانخراط أولاً فدعوى قيادتها وحمايتها وامتلاكها تالياً ، فالاشتراك في تطويقها وخنقها ، وصولاً إلى اعتلاء منصة التفرج على مشاهد إعدام مسيرة الحياة .

*عن صحيفة اليقين الأسبوعية