الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٠٠ مساءً

حتى اذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت و ضاقت عليهم انفسهم ..!

محمد حمود الفقيه
الاثنين ، ٠٢ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
يصف الله سبحانه و تعالى بالأية الكريمة السابقة ، مدى الضيق الذي حل بالثلاثة الذين خلّفوا في غزوة تبوك _ هلال بن أميّة ، وكعب بن مالك ، و مرارة بن الربيع _ و ضيق الأرض عليهم رغم اتساعها ، لكنها بلاغة القرآن الكريم حينما يشدد الخناق اللغوي في قضايا الانحراف عن طريق الحق و الهدى ، رغم نيل هؤلاء الثلاثة الذين خلّفوا على العفو من الله تعالى و حصولهم على التوبة قال تعالى : (( و على الثلاثة الذين خلّفوا حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت و ضاقت عليهم أنفسهم و ظنوا ان لا ملجأ من الله إلا اليه ثم تاب عليهم ليتوبوا ان الله هو التواب الرحيم )) التوبة 44 ، إلا انه لا بد من إيضاح الحقيقة تجاه كل من يخالف الحق حتى و لو كان قلبه مطمئن بالإيمان ، فالتردد في لحاق الحق لا يجوز في قاموس العقيدة الربانية ، مهما كان حجم التضحية و الفداء ، طالما ان هذه التضحية في سبيل نشر الحق واتباعه و دحر الباطل أين ما وجد و الوقوف أمام الظلم صغيره و كبيره .

و الذين تخلفوا في لحاق العمل الثوري من دون عذر ، سيما و هم حاضرون المكان و الزمان ، فقد تضيق صدورهم ذرعاً بسبب تخلفهم هذا عن الركب التغييري ، الذي يقودنا للقضاء على الفساد و درء المنكر الذي قاد الحاكم الى استباحة دماء الشهداء في سيبيل بقائه في كرسي السلطة ، هذا القارب الثوري الذي يستمد رخصة سيره من الشرائع السماوية أولا ، و من كل الدساتير و القوانين الوضعية الانسانية ، فهو يبحر في محيط العدالة الانسانية ليقضي على الظالم و يسقطه ، شعاره رفروفة سلام بيضاء سلمية لا تحمل السلاح في مواجهة السلاح ، بل خرج هؤلاء الثائرون الأحرار بصدورِ عارية حتى عن ارتداء ما يقيهم حرارة الصيف و زمهرير الشتاء .
ان الذين لم يلحقوا بدروب التغيير الثوري السلمي ، فإن عليهم واجب شرعي مقدس ان يلحقوا بهذا الواجب السامي ليدرأو عن إخوانهم الظلم و البغي الذي طال الشعب اليمني طيلة عقود من الزمان ، فصاحب المال لا يبخل بماله تجاه الجهاد الثوري ، و القادر على الحضور السلمي لا يبخل بوقته بسد الفراغ ، ولنعلم جميعاً ان هذا العمل الذي من شأنه إزاحة الظلم و الفساد من طريق الشعب اليمني ، فالذي لم يقتنع بالجهاد الثوري هذا ، عليه ان يبحث في ديننا الإسلامي ليتيقن بنفسه عن ما ندعو له من خروج ضد الباغي و الفاسد ، و قد أعلن كثير من العلماء وقوفهم و موافقتهم مع ما يقوم به شباب التغيير ، و مادام هناك منكر يشعر و يحس به الجميع ، فإن على كل مسلم ان ينكره ، و يقوم بتغييره ، قال صلى الله عليه و سلم : (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الايمان .

لقد تمنينا نحن البعيدون عن يمننا ان نلحق دروب التغيير الثوري ، لكن ما يحول بيننا و بين اللحاق بهم ، هو بعدنا الجغرافي نحن الثائرون المغتربون في الخارج ، فنحن رغم مشاركاتنا المتواضعة في سبيل الكلمة الثورية ، إلا أننا نراكم أيها الشباب المرابطون في ساحات الحرية و التغيير و أعيننا تفيض من الدمع حزناً ألا نجد سبيلا لحضورنا بينكم ، لاكننا نؤكد لكم انّا معكم و همومنا معكم و قلوبنا تهوى دربكم الثوري ، اللهم أنا نسألك ان ترينا الحق حقاً و ترزقنا اتباعه و ان ترينا الباطل باطلاً و ترزقنا اجتنابه انك سميع مجيب .