الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٦ صباحاً

إنْقَرَضَتِ (الكُبْرَى) وحَانَتِ (الثعَابِيْن)

احمد محمد نعمان
الثلاثاء ، ٠٣ يناير ٢٠١٢ الساعة ١٠:٥٥ مساءً
في كل قطر عربي تربت فيه (أفعى) كبيرة الحجم طويلة العنق كالتي تعيش في صحراء الهند أو الربع الخالي وغابة الأمازون ولها أنياب وأسنان تنفث منها السم وتنهش بها لحوم الحيوان والبشر هذه (الأفعى) تسمى (الكُبْرَى) ويختلف عمرها من قطر إلى أخر ففي تونس تعمرت (23عاما) وفي مصر (30عاما) وفي ليبيا (42عاما) وفي اليمن (33عاما) وفي سوريا (11عاما) ومن خصائصها أنها مصاصة للدماء وقاتلة للبشر وناهبة للمال العام والخاص وقامعة للحريات ومانعة للمسيرات والمظاهرات ومتوحشة.

وظلت تحكم الأقطار العربية وقد ساعدها على توحشها وطغيانها( الثعابين) الذين ربتهم وشجعتهم كي يقوموا بخدمتها وحمايتها وتذليل الصعاب أمامها وقيد حرية الآخرين من أرباب الأقلام والكتابة وأصحاب الرأي والسياسة وقادة الأحزاب والشباب وكل من يريد الإطاحة بها.

لأن من خصائصها حب السلطة وعدم القبول بالأخر وإقصائه فهل تجدون فارقاً بين هذه (الكُبْرَى) وبين الزعماء المخلوعين المرحلين من الشعوب فقد انتفض الشعب التونسي (ثلاثين يوما) ضدها فانقرضت وانتفض الشعب المصري ضدها (17يوما) فانقرضت وانتفض الشعب الليبي ضدها ستة أشهر فانقرضت وانتفض الشعب اليمني عشرة أشهر ضدها فانقرضت ومازال الشعب السوري يثور بركاناً ضدها وقريبا ستنقرض بإذن الله وإذا كانت الشعوب قد ثارت ضد (الكُبْرَى) بمختلف أحجامها وأعمارها فانقرضت فان الثورة مستمرة ضد (الثعابين) التي لا تجد الآن من يراقصها أو يدللها أو يحميها أو يدافع عنها فقد كانت تحتمي بها فانقرضت وقد انتهت السموم التي كان (الثعابين) يلدغون بها الأبرياء والضعفاء والمساكين وكانت تُخِيفهم حتى لا يخرجون عن طاعتها وولائها فلتستمر الثورات ضدهم في جميع الأقطار العربية أينما وُجِدُوا وفي أي منصب كانوا لان بقائهم وحياتهم كانت مرتبطة ببقاء (الكُبْرَى) التي كانوا يحتمون بها وهذه (الثعابين) كانت تشكل منظومة فساد استبدادية متكاملة مرتبطة (بالكُبْرَى) التي تحميها إلا أنهم وبعد انقراضها في كل قطر عربي بدأت الثعابين تتفكك وتتلاشى وتنقرض فعلى سبيل المثال كانت كُبْرَى اليمن (صالح) تستبعد سقوطها من الكرسي وتستبعد تخليها عن الحكم فقد كان يخطب (صالح) ويقول (سنواجه التحدي بالتحدي في القرى والعزل )وكان يسخر ويتحدى في نفس الوقت بقوله (يرحل من يرحل يرحلوا هم ) فاجبره شعبه الثائر على التخلي والانقراض وهاهي منظومته الاستبدادية من (الثعابين) كل يوم تتفكك فهذا القائد يثور عليه الضباط والصف والأفراد بسبب ظلمه لهم وطغيانه عليهم وخصم رواتبهم واكل مستحقاتهم وإهانتهم طيلة (33عاما) قبل انقرض (الأفعى الكُبْرَى) فكم نشاهد هذه الأيام ولله الحمد والمنة على شاشات التلفاز في القنوات الفضائية من ثورات شعبية يومية متواصلة في المؤسسات (ضد الثعابين) الذين كانوا على رأس المعسكرات أي قادة لها قاموا بمنح الرتب لأبنائهم وأقاربهم ولولم يكونوا من خريجي الكليات العسكرية وأعطوهم المناصب التي لا يستحقونها وأيضا ضد رؤساء جامعات وظفوا الأبناء والأهل والأقارب ولو كانوا أُمِّيِّن واحرموا المستحقين من الشباب الدارسين والأكادميين بسبب عدم انتمائهم إلى حزب (الكُبْرَى) وتَرقَّى الإداريون في شؤون الطلاب إلى مرتبة الأستاذ الجامعي والعميد بدون مؤهلات اكادمية واضطر الاكادميون الحقيقيون وحاملين المؤهلات العلياء والدارسون بالخارج إلى البقاء في بيوتهم أو تقديم أوراقهم إلى الجامعات الأهلية التي تمنحهم رواتب زهيدة لا تساوي إلا جزءً يسيراً من راتب الأستاذ في الجامعة الحكومية لكن ثورة الطلاب والمدرسيين والإداريين أسقطت الأذناب والأذيال و(الثعابين) من رؤساء الجامعات وغيرهم وما زالت الثورات مستمرة ضدهم فهذا قائد اللواء (35) مدرع أسقطه الضباط والأفراد الأحرار ولا أحد كان يتوقع سقوطه لولا هذه الثورات العظيمة كما سقط مدراء الكليات العسكرية بثورة الجنود والصف والضباط حتى أسقطوهم من عروشهم الهشة التي وُجِدت واستمرت لفترة طويلة تزامناً مع وجود الكُبْرَى ( صالح ) وها هي تنقرض بانقراضه لاسيما بعد أن عرف الشعب طريقه في التحرر من ربقة العبودية والطغيان فانتفض برمته قائلا (ارحلوا أيها الفاسدون) وقد عبثت (الثعابين) بالشعوب العربية ومنها الشعب اليمني وذلك على مستوى القرى والعزل والمديريات والمحافظات المهم أن يكون الانتماء إلى حزب(الكُبْرَى) التي حولت معظم الشعب إلى فقراء رافعة شعار (جوع كلبك يتبعك) حتى صار معظم الشعب فقراء مستحقين للضمان الاجتماعي من دول مانحة ومنظمات دولية ومع ذلك فلم تُقَيّد أسماء المستحقين الحقيقيين من الفقراء حال كون هذه الدرجات الخاصة بالضمان الاجتماعي يتم منحها عن طريق العدول المنتميين إلى حزب (الكُبْرَى) فيُسَجِّلُون أولادهم ونسائهم وأقاربهم وما تبقى منها تُعطَى لمن لا يستحق من حزب (الكُبْرَى) ويُحرَم منها الفقراء والمساكين كما يتم الإعلان عن وظائف في المكاتب الحكومية فيتقدم المؤهلون من الشباب وتُقَيَّد أسمائهم في الخدمة المدنية وتَشِيب رؤؤسهم دون الحصول على وظيفة لأن الوظائف التي يُعلََن عنها قد خُصصت لأبناء (الثعابين) الفاشلين في دراستهم وأيضا لأقاربهم ولولم يكونوا مؤهلين أما عن التجنيد في الجيش والأمن الذي هو حق لكل مواطن يمني فيتم صرف الاستمارات عبر إدارات الأمن ووحدات الجيش الموالية لنظام (الكُبْرَى) ولا يُقبُل في الالتحاق بالجيش والأمن إلا من كان موالياً للحزب الحاكم ويُحرَم المستحقون .

وكلنا يعلم أن نظام (صالح) قد غرس في الجيش والأمن بالفترة السابقة ثقافة التبعية لحماية الفرد والأسرة والعائلة لا حماية الوطن والشعب والأمة وهَلُمّ جراء من هذه المفاسد والحبل على الجرار ولذلك فان نظام (صالح ) كان سلطوياً عبثياً لا يهدف إلى بناء دولة قوية متماسكة ولذلك فسرعان ما انهار وتلاشى لأن تأسيسه كان على شفى جرف هار فانهار به إلى الهاوية قال تعالى (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ.)

وقد كَسَرَتِ الشعوب حاجز الخوف وكل يوم تثور ضد (ثعابين) الفساد في مؤسسات أخربوها لعشرات السنين فعلى سبيل المثل في اليمن.

الثورات مشتعلة جداً ضد (الثعابين) في المؤسسات الحكومية ولم تتوقف الثورة حتى يسقط أخر فاسد في بقايا النظام وهاهم أفراد وضباط الأمن المركزي والجيش يثورون كل يوم لإسقاط (قيران والعوبلي وضبعان) ناهيك أن موظفي ديوان وزارة التربية والتعليم يثورون لإسقاط المسئولين الفاسدين في الوزارة وطلاب تعز يثورون ضد مدير التربية الذي عطل مستقبلهم بتعطيل المدارس وسماحه بجعلها ثكنات عسكرية كما اسقط أفراد التوجيه المعنوي للقوات المسلحة مديريهم ( الشاطر) الذي رأس تحرير صحيفة (26ستمبر) الناطقة باسم الجيش اليمني الذي ظل مسئولاً عليهم (36) عاما كما نجح ضباط وأفراد المرور في إيقاف العميد يحي زاهر وعدداً من المسئولين كما أن عمال وموظفي المؤسسة الاقتصادية يعدون لأكبر انتفاضةٍ على مستوى الجمهورية اليمنية .

والثورة ضد (الثعابين) مستمرة وقد حان التصحيح والبناء من جديد عبر تولي شخصيات وطنية تعمل مخلصة لله ولخدمة هذا الوطن فيحتاج الجميع إلى التكاتف والتلاحم والتآزر والوقوف صفاً واحداً في بناء يمن الإيمان والحكمة والدولة المدنية الحديثة وليجعل الجميع نصب أعينهم قول الشاعر :
فوداعاً ولقاءً في صفوف الثائرين
وإلى النصر المؤزر وجلاء الفاسدين