الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠١ مساءً

ثورة الجيش اليمني السلمية في مؤسساته العسكرية !

د. علي مهيوب العسلي
الاربعاء ، ٠٤ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
ما يثلج الصدر والروح هو ما نشاهده هذه الأيام من لوحات جميلة في مؤسساتنا العسكرية والأمنية وهم يثورون ضد الفاسدين الذين عاثوا كثيرا في وحداتـــــهم العسكرية ،والذين صودرت مستحقاتهم وتمويلاتهم على امتداد ثلاثة عقود من الزمن .

لقد أدهشتني الصورة الجميلة التي شاهدتها في شاشة التلفاز وأنا أرى جندي الأمن المركزي وجندي النجدة بجانب جندي المرور وهو يلحن لهم أناشيد الثورة بصفارته التي كان ينظم بها السير وقد أصبحت تحمل معنى أوسع وهو بناء اليمن الجديد الذي سيلبي الطموحات المستقبلية الخالية من الفساد , كذلك شاهدنا في موقع أخر جنود وموظفي التوجيه المعنوي وهم يعتصمون ويغبرون علي الشاطر الذي استمر في هذا الموقع اكثر من صالح نفسه أي ما يقارب السبعة والثلاثين سنة .

أيضا سمعنا عن احتجاجات مماثلة لم ترى النور بعد في الحرس الجمهوري والأمن المركزي وغيرها من مواقع الشرف والبطولة في مختلف أصناف وحداتنا العسكرية في مسيـــــرة سلميــــة مرة و في وقفة احتجاجية مـــرة أخرى للمطــــالبة بإبعاد وطرد هذا الفاسد أو ذاك وهم جميعا يرددون شعارات الثورة المعروفة كلا حسب ما يناسب وحدته العسكرية "ارفع رأسك فوق أنت جندي حر...لا للاستبداد لا للعيش المر" .

الآن أدرك الجميع أن الشعب اليمني كله يريد التغيير وما كان يسمـــى في الســـابق بالفئة المحايدة أو الصامتة هم الآن أول من يجني تعب وجهد الشباب في الساحات للتغيــــــير المؤسسي ،اليـــوم بشبـــاب اليمـــن يؤمل الجميع على بناء مستقبل الكل فيه سواء أمام القانون والفرص المتساوية .
لقد كان لمن انضم إلى الثورة في وقت مبكر من أبناء قواتنا المسلحة والأمن اكبر الأثر فيما يحدث اليوم من رفض الاستبداد والعبودية التي كانت تمارس على جنود القوات المسلحة والأمن ،ليس ذلك فحسب وإنما كل الشعارات التي رددها الثوار على مدى عشرة أشهر كاملة قد حفظها جنودنا البواسل وكانوا يتغنون بها في وحداتهم وكانوا يقاومون الظلم دون أن يشعر بهم احد لكنهم اليوم يقولونها بأعلى صوت ارفع رأسك فوق أنا جنــــــــدي حر لا للاستعباد لا للعيش المر ,, انه شعار ينم عن الوعي الذي وصل إليه شعبنا بكل فئاته واهم هذه الفئات الشباب يليهم قواتنا المسلحة والأمن الذي بهما يمكن بناء اليمن الجديد يمن الحرية والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية بإذن الله.

إن شعب اليمن وجيشه قد اثبتا أنهما حالة واحدة بهذا التناغم والتمازج الذي حصل في يمن الإيمان والحكمة خلف الشباب الثائر الذي فجر كل الطاقات والإبداعات في كافة المجالات وانتفض الجميع على الظلم وأعوانه ولم يعد الحديث واردا الآن عن مؤتمر شعبي وحلفائه أو عن المشترك وشركائه بل الحديث اليوم عن الشعب اليمني بكل مكوناته وعدد قليل من الفاسدين والمفسدين الذين عاثوا في هذا البلد وأهله الاستعباد والإقصاء وتحويل البلاد بكل مقدراتها إلى ضيعة للفرد والعائلة .

عشت يا شعب اليمن وعاشت قواتك المسلحة التي تريد أن تكون نموذجا يقتدي بها وها هي اليوم تسعى إلى ذلك وتصدِّر التغيير إلى المؤسسات المدنية التي تتأخر عنها بمسافات نرجو أن تتقلص هذه الفجوة بأقرب وقت ممكن ، فالجامعات التي يعوّل عليها كونها عقل الأمة مازالت تراوح مكانها بل وتسعى قياداتها النقابية إلى التهدئة استجابة إلى نداء حكومة الوفاق ! رغم حساسية هذه الشريحة للفساد إذ هي أكبر من اكتوت به بعد القوات المسلحة والأمن منذ عدة عقود ، فالتعليم يتأخر وينهار والنخب تتابـــع بصمـــــــــت ما يجري بها عاجـــزة عن قول " كفى هدرا للأموال وللتعيينات المخالفة " وحان الوقت لإصلاح العملية التعليمية وتوظيف الأموال في خدمة العملية التعليمية وتطوير التعليم والبحث العلمي الذي هو أساس حل المشكلات التي تواجه اليمن الحديث ، فلتتعظ الجامعات مما يجري في المؤسسات المختلفة وخـــــــــــــــاصة مؤسسات الجيش ولا تضيع الفرص المتاحة أمامها للتغيـــــــــــــير وتبادر إلى التغيير بحيث يتحقق التغيير الذي ينشده أعضاء هيئة التدريس والموظفين والطالب.

إن قواتنا المسلحة والأمن بما تفعله الآن من تصدي للفاسدين في وحداتها أمر يبعث الأمل لكنه لا يكفي بل عليها أن تفكر مليا في بناء المؤسسة العسكرية على أسس وطنية ولائها للوطن وليس للأفراد والأسر ، ولا بــــد أن تنتهي المصطلحــــات النابيــــــة من قاموس السلك العسكري التي حرصت القيادات العسكرية طوال الفترة الماضية على تلقينها للجنود بغرض الإذلال واستخدام مصطلحات لا تليق بجندي يذود عن حياض الوطن ويحمي منشأته ويدافع عن المواطنين في كل الظروف والأزمان وعلى المتخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع أن يبدعوا في إيجاد المناهج المنــاسبة للجندي للالتزام دون ممارسة المصطلحات غير اللائقة عليـــه كانسان حر كريم .

إن قواتنا المسلحة والأمن هي مؤسسة رائدة نعتز بها جميعا ويجب علينا تنميتها وتحويلها من مجرد أداة بيد أشخاص إلى مؤسسة تعتمد على ذاتها وتنمي مواردها وتشارك في بناء الوطن بالإعمار والتصنيع وكافة المجالات الاقتصادية وفي كل ما تستطيع فعله في إطار من المنافسة الحرة مع القطاع الخاص ، فالمعيار اليوم في العهد الجديد هو الجودة وتقليل التكاليف فهل تستطيع الدولة تحقيق ذلك و هــل تستطيـــع رفــع مستوى الجندي علميـــا ماديا وصحيا و معيشيا ؟!
و على قواتنا المسلحة أن تبقى مراقبة لسياسة وبرامج الدولة وان تشترك في البناء لمستقبل اليمن الواعد للحفــــــــاظ على منجزات ثورتنــــا الشبابية الشعبية ..
و تبقى المدَنية خيـــــــــــــــــارنا , و الديمقراطية وسيلتنـــــــــا و بناء اليمــــــــــــــــن الجديد غايتنا .

عـــاشت قواتنا المسلحـــــــــــة الباسلة ...وعاش شعبنا اليمنــــــــــــــي المجيــــــــــد...و المجـــــــــد و الخلود لشهدائنا الأبرار ....