السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٤ مساءً

وعود رئاسية زائفة وجرع ملثمة وعاطلون

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
يمن برس - رداد السلامي :

في الانتخابات الرئاسية المنصرمة وفي إحدى مهرجاناته قال مرشح الحزب الحاكم علي عبد الله صالح للرسائة قال أنه سيعمل من أجل القضاء على الفقر والأمية والبطالة وإيجاد فرص عمل للعاطلين وبعد تأكيده أنه صادقاً لا يهدف إلى دغدغة العواطف واستجاشة المشاعر مر" 572 " يوماً هي كلمح البصر أو أقرب إلى خفقة جفن في عين طارفة.
لا ثمة وعد تحقق إلا النقيض في كل جوانب الحياة ... وحد ه الفقر يقف منتصباً في ساحة الحياة الوطنية يجوب الشوارع بأسمال بالية .. يدق أعناق ذويه ويمرغ بقايا كرامة طمرت في وحل الذل ..
الأيادي الممدودة بارتعاش واهن كأعلام خافقاتٍ في أجواء مدائننا واحتفالاتنا الصاخبة بالمنجزات تنبئ العابرين عن مأساة ما تعيشه البلاد من أواضع لا تطاق وفسادٍ لا يحتمل .. وفيما يستأثر قلة من المفسدون بالثورات ويمتصون أقوات الناس ودمائهم بجحيم الأسعار الملتهبة يتكدس أبناء الشعب في أرصفة البطالة بحثاً عن كرامة ملقاة على قارعة الطريق تتمثل في عمل يسد خواء البطن ويخرس صراخ ضمير على حالة أ هل تأن بطونهم جوعا .
"منذ الصباح وأنا أبحث عن عمل لكني لم أجد ولي سبعة أخوة صغار وأم وأب أقعده المرض بسبب حصوات في كليته". هذا ما قاله محمد عبد الله وهو يشرح قصة بحثه اللامجدية عن عمل يستطيع من خلاله توفير لقمة العيش لذويه الذين لا عائل لهم غيرة ويضيف "تخرجت من الجامعة قبل سنتان من كلية التربية قسم الجغرافيا وإلى الآن لم أتوظف ولم أجد عملاً " وبنبرة علتها رنة حزينة ونغمة متعبةًَ تنبئ عن ألم دفين أضاف "يا أخي سئمنا الحياة وأين يروح واحد ؟؟ .. "
بينما يتمنى جمال خليل- خريج جامعي- أن يجد فرصة للسفر إلى دولة خليجية كي يعمل فيها ولو بأجر بسيط فهو حد قولة منذ أن تخرج لم يجد عملاً وسئم الفراغ الذي يعيشه ويقول "مثلت عبئ أضافي على أسرتي التي لا دخل لها غير راتب والدي الذي يعمل جندياً في القوات المسلحة وراتبه لا يكفي لتوفير أدنى متطلبات الحياة الضرورية" وأضاف "لو أستطيع السفر إلى الخارج لخرجت" وعن أمنيته يقول (أتمنى لو أ ن لي جناحي طائر لغادرت الوطن ).
يتفق معه في فكرة الهجرة إلى بلد أخر- سليم الشميري- الذي قال أن الوطن لم يعد مكاناً صالحاً للعيش فيه ، كل شيء حد تعبيرة يسير نحو الأسواء وأضاف "غلاء متزايد .. ولا يوجد عمل" وعن بحثه عن عمل قال "بحثت عن عمل هنا في صنعاء ذهبت إلى العمارات التي تبنى لعل مقاول يحتاج إلى عامل ولكني لم أجد"
ومع زيادة الارتفاع في الأسعار الغير معلن الذي أجتاح الأسواق منذ فترة ليست بالطويلة وبالذات ارتفاع أسعار المواد الأساسية والضرورية بدأ الواقع أكثر تشاؤماً ومفاجئاً أدى إلى تنامي مد البطالة في الشارع بين أوساط الأسر وبالذات ذوي الدخل المحدود مشكلاً إعصار جديداً عصف ببقايا أمل منتظر كان وعد به مرشح الرئاسة علي عبد الله صالح في الانتخابات الرئاسية .
تجلس ( ف،ع) أمام مسجد الجامعة الجديدة محتضنةٍ طفلها الرضيع بينما ينام الباقون أمامها وعن دوافع خروجها قالت "لا يوجد من يعولنا وزوجي متوفي وأطفالي خمسة صغار لا يستطيعون العمل وإذا ما خرجناش يتصدق علينا أهل الخير سنموت جوعاً " وأضافت "ما نعمل يأبني هذا قدرنا"!! .
لم تكن تعلم (ف ، ع) أنه قدر صنعه رموز الفساد في البلاد وأنه في الوقت الذي تخرج لتستجدي عطاء المحسنين يخرج الفاسدون في سفيرات سياحية وترفيهية بأموال الشعب إلى أفخم مصائف أوروبا وأن جزء يسير من قيمة ملابسهم التي تصنع هناك تكفي لإعالة شعب بأكمله .
"لله يا محسنين ، ربي يديلك ويسترك" دعاء استجداء تردده الطفلة وفاء التي لم تبلغ العاشرة بعد وهي تمد يديها أمام حد الأكشاك في العاصمة صنعاء ، وبشعرها المنفوش وثيابها الرثة تجتاز الشوارع من رصيف إلى أخر تبحث عن قيمة كسرة خبز وتقول وفاء أن لديها أختين وأم يمارسن ذات المهنة وبلهجة بريئة قالت "ما فيش معنا أب ولا أخ يشقى علينا".
شبابٌ ينتحر على أعواد البطالة فقراً وجوعاً .. وطفولة تسحق برائتها في الشوارع .. طاقات تذوى في الفراغ .. وقدرات يصيبها عطل الإهمال .. غضب مكبوت يتحول إلى قنابل موقوته وإجرام مؤجل .. نفوس محتقنة بالثورة على سلطة بذخت في الانتخابات بالوعود من أجل نيل أصواتهم وبخلت بتنفيذ الحد الأدنى منها .
وكل يوم والأسعار في ازدياد بينما تحتضن الشوارع ضحايا جرع جديدة غير معلنه .