الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:١٧ مساءً

البنك اليمني للإنشاء و التعمير .. المشروع الكبير و الإهمال الأكبر ...!

محمد حمود الفقيه
الجمعة ، ٠٦ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٤ صباحاً
كبيرٌ هو العنوان صغيراً هو نجاحه ، انه البنك اليمني للإنشاء و التعمير ، الذي تأسس عام 1962 م بعد قيام ثورة السادس و العشرون من سبتمبر المباركة ، و رغم مضي خمسون عاماً على إنشائه ، لكن ( التعمير ) الذي أنشئ من أجله ، لم يحظى بعمراً يوازي عمر سنوات البنك اليمني للإنشاء والتعمير ، و لم نشعر يوماً ان بنكنا هذا قد عمل على تعمير الشقق و البيوت ، أو حتى ساهم في بنائها ، هذا هو حال واحد من أهم و أقدم البنوك اليمنية .
ان المتأمل لواقع البنوك في بلادنا ، يراها لوحات فنية مرسومة على واجهاتها ، و مطبوعة في أغلفة الصحف و المجلاّت ، و وميضِ تلاحظه أعيننا في شاشات التلفزيون ، و نغمات نسمعها من حين الى آخر عبر الذبذبات الإذاعية .
لقد بلغ البنك اليمني للإنشاء و التعمير من الكبر عتيّا ، و دخل في مرحلة الشيخوخة ، لكنني أظنه عاش عقيماً طوال عمره ، فلم يلد و لم يولد ، ولربما يموت و لم يترك لليمنيين إرثاً من موروث البنوك .
في ذات مرة طرقت أبواب أحد فروع البنك اليمني للإنشاء ، و تحديداً فرع مديرية السّدة ، ناوياً فتح حساب بهذا البنك ، لكنني فوجئت برجالِ أشبه ببائعي القات في أسواقها ، تحيطهم فئات الريال من كل مكان ، يفترشون البلاط البارد ، ويغمرهم الغبار مغطياً شبابيك الزجاج حتى أنني رأيت النقود بألوان داكنة و كأنها جلوداً دفنت في ركام التراب ، و لم ارى علامة تدل على ان البنك مرّ برحلة نقدية حسابها خمسين عاماً ، غير هرم الشيخوخة بعد تلك السنين .
و لا أدري لماذا لم ينجب هذا البنك الكثير من النشاطات التجارية و الاقتصادية رغم عمره الطويل ، غير أنني متأكد انه يعاني من الفساد المدّكر ، و السحت المستمر ، الذي جعلاه يغرق في بحرِ من الإفلاس النشاطي و التطويري ، كان بأمكانه ان ينافس البنوك الإقليمية و العالمية ، و كان بأمكانه ان يوصل الشبكة اليمنية النقدية الى كامل التراب الوطني ، فعمره بلغ مبلغاً من الخبرة و الأدراة النقدية ، و كان و إجب عليه ان يحتضن آلاف العاطلون عن العمل ، و كان أجدر به ان يوزع ملايين البطاقات الالكترونية و ان يوصلها الى البيوت .
لكنه كغيره من المشاريع الحكومية الكبيرة ، التي ضاعت بين غيوم الفساد ، و انتهت في حادث سير السياسة الصالحية ، قد يسرّ النظر اليها ، و يحزن القلب لدخولها ، فلا يجدها إلا بيوت خاوية على عروشها ....