الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤٥ مساءً

إيقاعات وجدانية ,,,, من وحي الثورة(19)

عباس القاضي
السبت ، ٠٧ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٠٥ مساءً
كان هذا اليوم الجمعة يوما استثنائيا, فقد تم التنسيق مع الخمسة الأشخاص ليساعدوا الأربعة المتواجدين ويُكَوِّنُوا فريق عمل واحد, فقد تم الجلوس بعد صلاة الفجر, واتفقوا معهم أن ينتشروا في القريتين ليعلنوا هذا الخبر, وفعلا تحقق أهدافهم في النشر حيث احتشد الناس فجاءواا قبل أن يحضر المهمشين أنفسهم, بعضهم يرغب في المشاركة والبعض الآخر حضر ليتأكد, لأنه لم يصدق ما حدث.
في الساعة الثامنة صباحا حضر صالح زعقه ومن خلفه البقية, وكان الحاج والشيخ والأستاذ قد استعدوا من بعد صلاة الفجر في تجهيز المتطلبات بحسب الخطة, سلموا كل واحد قميصا ومئزرا وقطعة صابون ليأخذوا دورهم بحسب الدُّفَع المتفق عليها , وتقدم الناس وعلى رأسهم المدرسون يبحثون عن دور يقومون به, فقام الأستاذ محسن بتوزيع الأدوار على المدرسين, والحاج بتوزيع الأدوار على الباقين, وهم جنبا إلى جنب بحيث لا يتداخل العمل والأدوار, حتى النساء حضرن للمسجد يبحثن عن ما يمكنهن عمله, طلب منهن الحاج الانتظار , فذهب إلى زوجته حسينه وسند لها مهمة إدارة النساء, وبعد النقاش المستفيض مع زوجته من جهة ومع بقية اللجنة من جهة أخرى توصلوا إلى أن تقوم المدرسات ومن معهن من المتعاونات والمتجاوبات باستقبال النساء من مجتمع المهمشين, وتوزيعهن على القريتين ليكون تدريبهن وتحفيظهن وتعليمهن الصلاة في البيوت, ويكون المهمات مسندة لكل واحدة بالاسم بالمقابل تلك المهمشة لتأخذ بيدها في طريق السالكين إلى درب الفوز والنجاة درب الحرية والكرامة من هذا الباب, باب التوبة والهداية.
كان للواحد من المهمشين في المسجد ثلاثة من الرجال أحدهم على الأقل مدرس, هذا يدربه وذاك يحفظه وذلك يعلمه الصلاة, وكان الحاج والشيخ والأستاذ يطوفون عليهم وهم كخلية نحل هذا راكع وذاك ساجد وذلك يتحفظ وبجانبه آخر يتدرب, وكانوا يلتقون في جنبات المسجد ويتشابكون بالأيدي بمستوى أكتافهم ويدنون برؤوسهم إلى رؤوس بعض يتهامسون حول سير العمل وكأنهم فريق كرة قدم يتشاورون حول خطة لعب في مباراة مصيرية.
النساء في البيوت قد استلمن كساءهن ومتطلباتهن من لدن الحجة حسينه, كان يوم لم تعرف القريتان مثلها, همة ونشاط وتفاعل, وفي أحد اللقاءات المتكررة في المسجد قال الأستاذ : نخطط, نخطط , كل مرة ولم نتقدم بخطوة إلى الأمام, وهذه المرة كلما خططنا تفاجأنا أن التنفيذ يسبق الخطة, سبحان الله! المشكلة الآن التي تواجهنا هو تسكينهم, كانت خطتنا السابقة الدعوية في أشهر وفي خلال هذه الفترة سيتم تجهيزهم, أما الآن دورك يا حاج فيما يخص الدمج.
قال الحاج : بعد صلاة الجمعة سنجلس معا ونناقش هذا الموضوع, لا تعكر صفو هذه اللحظة التاريخية , دع المستقبل بيد الله , ثم التفت إلى الشيخ وقال له: الخطبة هذه اليوم عليك, لم يتبق وقت طويل لتحضيرها وركز فيها على الحدث بشكل أساسي, وإن استعطت أن تدخل ببقية المحاور فافعل .
وفي الساعة الحادية عشرة ظهرا بدأ الناس يتوافدون لصلاة الجمعة وحضر أعيان القريتين ووجدوا هؤلاء الذين كانوا قبل ساعات مهمشين, قد ذهبت عنهم تلك النظرة الدونية, فقد كان حضورهم للمسجد أول درجات العز والحرية ولأن اللحظة غير اعتيادية مثل أي جمعة, لم يقر لهم قرار داخل المسجد, فقاموا يطوفون ليشاهدوا هذا المنظر العجيب والنشاط الدءوب, فالتقوا بالحاج يعرضون خدماتهم, وكانوا عشرة بواقع خمسة من كل قرية, فقال لهم الحاج: اخبروني كيف النشاط خارج المسجد يقصد في البيوت, فقالوا :اطمئن بيوتنا تحتفي بنسائهم وأطفالهم يلعبون مع أطفالنا وقد كُسِرت أيها الحاج الأنفة التي ورثناها , عندما كنا نحضر إلى بيتك ونأكل مع السابقين منهم في مائدة واحدة, خاصة وثيابهم وثياب نسائهم هي الآن أنظف من ثيابنا وثياب نسائنا, ثم قال أحدهم وهو شيخ قرية مَدَرْ واسمه الشيخ هزاع :سنتفاهم أنا والشيخ ناصر شيخ قرية حجر بأكلهم وشربهم وقضاء يومهم وليلتهم حتى يتم تدبير سكن لكل واحد منهم.