الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:١١ مساءً

اليمن .. بين الديمقراطية المنشودة والثيوقراطية المتربصة

حسام ردمان
الأحد ، ٠٨ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٧:٤٤ صباحاً
لم نخطئ عندما تخوفنا من أن تتحول اليمن من دولة ديمقراطية كنا ننشدها إلى دولة ثيوقراطية تقدس الفرد على غرار دولة الفقيه [إيران] .
وكنا نخشى أيضا بان تتحول السلطة السياسية في البلاد إلى أيدي الفقهاء لتصبح اليمن دولة للكهنة والكرادلة لنعود على إثر ذالك بزمن ونحيى مجدداً في العصور الوسطى .
ولا أخفيكم القول بأن تخوفي أنا شخصيا كانت دائما ما تنبعث إشعاعاته من صوب الشمس الإصلاحية التي اعتقدنا بأنها تدعم دولة المشايخ ،ولكن بعد متابعتنا لسياسات الأخوان المسلمين في أكثر من دولة عربية كان فيها موجهم قد طغى عن موج الأحزاب السياسية الباقية ، أدركنا بأن الأخوان يمثلون الإسلام السياسي المعتدل ، والذي جمع بين الإسلام والحداثة والذي استطاع أن يكسب الرأي العام المحلي و الدولي على عكس التوجه الإسلامي الأخر المتمثل بالسلفيين .. ولو أن الأخوان في اليمن أتبعوا نهج أخوتهم في مصر وتونس فإننا سنرفع لهم القبعة و ننحني لهم احتراماً وتقدراً .

ولكن رغم هذا فإن إشعاعات مخوفنا استمرت بالانبعاث دون توقف ،وكان الاختلاف الوحيد يتمثل بتغير الاتجاه ، فسرعان ما اتضحت نوايا وسياسات الحوثيين الذين أخفوها تحت غطاء الثورية الزائف الذي سرعان ما انقشع هو الأخر .
فالحوثيون بالأصل كانوا مجرد مجاميع دينية تقوم بالدعوة وتعليم المذهب الزيدي المتشيع ، ولكن مع استمرار الدعم الموجه إليهم تبادر إلى ذهنهم العديد من المساعي السياسية والتي أرادوا تحقيقها عن طريق العنف وعن طريق الاستخدام النفعي لدين .
و مؤخراً ظهر لنا تحالف كان يجمعهم مع النظام بهدف إفساد الحياة السياسية تحت ذريعة الحفاظ على الأمن .

وحالياً أراد الحوثيون التماشي مع المرحلة الجديدة ، فارتدوا ثوب الحداثة المترهل ولبس المدنية المهترئ والذي أكسبهم بعضا ًمن الاحترام ،ولكن حربهم الضروس ضد السلفيين وحصارهم لدماج عراهم تماماً من كل هذه الأكاذيب وأظهرهم كما هي حقيقتهم .

ومع هذا كله توطدت المخاوف في نفوسنا .. وبتنا نراقب كل هذا الحراك السياسي الديني المتطرف ونحن نتخوف من القادم الذي كنا نرسمه ونلونه بأحلامنا الوردية .. ولكن إيران لا يرضيها هذا أبداً فهي تسعى جاهدتاً لإفساد الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية ، وزرع الفتن ، وتوتير الأجواء عن طريق جناحها في اليمن والذي يسمي نفسه "الحوثيين" .

وبالأمس تم افتتاح وتدشين حزب "الأمة" الذي حوا شخصيات طائفية متشيعة.. وكأن إيران إلى جانب دعمها للجماعات التي تمثل طائفتها بداءت أيضا تؤيد الأحزاب التي تدافع عن نفس القضية ..وما يدعوا لسخرية هو أن مفتاح "رئيس اللجنة التحضيرية للحزب" قال في خطابة بأن أهم أهداف الحزب الحفاظ على سيادة اليمن وسيادة قرارها السياسي ، وكأنهم بذالك يثبتون التهمه على أنفسهم .

وبين هذا وذاك يبقى الصراع الطائفي عدوا الدولة المدنية الأول .