الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٧ صباحاً

قانون سكسونيا واحكام قرقوش

محمد الحميدي
الأحد ، ٠٨ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
يقول المثل العربي خالف تعرف , أي خالف العرف والواقع .خالف القانون والمنطق , وشذ عن كل قواعد الأخلاق ,شرع القتل, شرع الفساد, فأنت مش مسئول وستمنح الحصانه.

هذه هي القاعدة التي يحاول إن يؤسسها النظام القائم لنهاية كل مستبد بإقرار ما سمي بقانون الحصانة لمنع محاكمة صالح وأعوانه من إفراد الطغمه العسكرية التي حكمة اليمن 33عام.

إن هذا الفعل ليس أكثر من بذرة شيطانيه أراد النظام من خلاله زرع الفرقة والفتنه بين أوساط المجتمع كون المشروع لا يحقن الدماء بل يشرع استباحتها ويصادر الحقوق التي كفلها القانون وينتهك القواعد الشرعية التي تهدر دماء ألقتله وتمنع منحهم الحصانة تصديقا" لكتاب الله الذي يقول جل شأنه في علاه في سورة الإسراء إيه (33) (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً ) أي إن القصاص والعفو بالدماء والأرواح حق خاص وليس عام وان القصاص الشرعي هو المعيار الحقيقي لاستمرار الحياة لقوله( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) و ايضا"تحقيقا" لقوله ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) الايه (33) من سورة المائدة,.

هذه حدود الله وشريعته فكيف لهولا إن ينتهكونها ,كما أن الشارع بمشروعه الميت قد خالف أيضا "نصوص المواد (3و5و17و18) من قانون الإجراءات الجزائية رقم 13/1994م والمواد (3و4) من قانون إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا في الدولة رقم 6/ 1995م والمواد(104و105)من الدستور النافذ بشأن عدم سريان القوانين بأثر رجعي ومواد القوانين الأخرى ذات الصله.

وإجمالا" فأن هذا الإجراء للحكومة والنواب تعد مخالفتا" لإحكام الشريعة الاسلاميه ونصوص القوانين والدستور أنفة الذكر وكذالك الاتفاقيات الدولية ألموقع عليها من قبل الجمهورية اليمنية وانطلق مشرعيه من منطلقات ذاتيه وسياسيه دون دراسته دراسة متأنية وعقلانيه والنظر بتجرد لمدى إمكانية تطبيقه واحترامه التي أراء استحالتها لأسباب موضوعيه وذاتيه.

إن هذا الفرية الشاذة عن أعراف وأخلاق المجتمع اليمني التي ابتدعها دهاة فقه القانون وعلم السياسة في السلطة والنظام قد تجاوز ة إحكام قرقوش وقانون سكسونيا حيث تميز الأول بتبرئة الجاني ومعاقبة البري وتميز الثاني بإعدام الفقير والعفو عن الغني من مرتكبي جرائم القتل.

وإما في بلادي التي في شرعها قطع الأيادي كما قال الشاعر(أحمد مطر) فأنها تسعى بمشروعها الجديد إلى الجمع بين إحكام قرقوش وقانون سكسونيا والتمييز ليس بين جاني وبري أو فقير وغني بل بين طغمه وأمه وبين حاكم وشعب.

لذالك نذكر هولا الساسة بمقولة رجل الدين والسياسة الفرنسي السيد/ شارل تاليران عندما قال بعد انضمامه للثورة الفرنسية( أن الخطاء السياسي اكبر من الجريمة) فترك الكنيسة ومكانته الدينية وغلب مصلحة الشعب على مصالحه الشخصية وتخلى عن الماضي وناصر الحاضر.

وبالنظر إلى مايجري اليوم في اليمن لانراء إن إطراف الصراع القائم يؤثرون مصلحة الشعب والمجتمع على مصالحهم كما فعل تاليران أو أنهم يدركون حتى أن ما يرتكبونها من أخطاء سياسيه هي اكبر من الجريمة بكل إبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية لأنهم لايقدرون حجم مسئوليتهم وخطورة مواقفهم تلك وتأثيرها البعيد على امن واستقرار الوطن أو ترك السلطة بعد انتهاء شرعيتهم الدستورية وفقا" لمايلي:-
1- انتهاء صلاحية عمل مجلس النواب في ابريل 2010م وغياب الظرف القهري الذي يبرر استمراره من ذالك الحين إلى ألان وفقا" للمادة (65) من الدستور.
2- سقوط الشرعية الدستورية للسلطة وغياب شرعية تمثيل المعارضة في السلطة وفقا" للمواد(4و5) من الدستور المعدل.
3-عدم مشروعية المبادرة والاليه لإلغائها للدستور والقوانين النافذة وفقا" لما ورد في الفقرة (4) من الاليه وفقرات اخرى.

وبالتالي فأنه كان الأجدر بالسلطة والمعارضة عدم تجاوز القانون وتشريع الحصانة للعفو عن الرئيس وأعوانه بل الالتزام بالدستور و تطبيق مواد القوانين ألقائمه للتعامل مع الأمر مع اخذ بعين الاعتبار ما يلي:_
1- المادة (128) من الدستور والمواد 5-11و15و16 من قانون إجراءات اتهام ومحاكمة شغالين وظائف السلطة التنفيذية العليا رقم 6/1995م كلفت مجلس النواب بمهام سلطة الاتهام عند محاكمة الرئيس ونائبه والوزراء ونوابهم وبالتالي فأنه كان من الواجب إن يقوم النواب بمباشرة إجراءات سلطة الاتهام التي خولها لهم القانون ضد كل من الرئيس / علي عبدا لله صالح وأعضاء حكومته ونوابهم من المتهمين بارتكاب أي من الجرائم المحددة في القانون انف الذكر وليس تشريع العفو عنهم فهم سلطة تحقيق وليس سلطة قضاء.
2- ترك مسألة تقدير العفو عن صالح وجماعته لمجلس النواب القادم وبعد مثولهم إمام السلطات القضائية وصدور العقوبات النهائية بحقهم وفقا" للمادة (33) م من قانون رقم 6/1995م بدلا" من ممارسة سلطات الكنيسة البابوية في إسقاط الخطايا عن المجرمين دون محاكمه.
3- مشروع القانون استند في ديباجته على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014م وهي حجه مردودة كون ألفقره (2) من قرار المجلس اكدة على وجهة نظر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن عدم منح أية حصانه لضمان المحاسبة الكاملة بالاضافه إلى ماورد في مقدمة القرار وتصريحات ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر خلال زياراته المتكررة لليمن بهذا ألشأن.

وخلاصة القول إن الحصانة مرتبطة بوظيفة الرئيس إثناء ممارسته لمهامه وليس بعد زوالها وذالك لتوفير له أفضل الظروف الملائمة للاطلاع بالمسئوليات الملقاة على عاتقه دون أي تدخل وهي حصانه مقيده وليست مطلقه تزول بزوال الصفة أو بأجراء قانوني ممن يمتلكه شرعا" وبالتالي فأنه بعد ترك السلطة يصبح مواطنا" عاديا" يخضع كغيره من المواطنين لكافة القوانين دون استثناء.

ونؤكد بأن جرائم إبادة الجنس البشري وجرائم الحرب والتعذيب الواردة في اتفاقيات جنيف الأربع ليست من الجرائم السياسية حتى وان كان الباعث لها سياسيا" وتعتبر من الجرائم الجسيمة العمديه التي لأتسقط بالتقادم ولا يجوز منح مرتكبيها حق اللجوء السياسي أو الإنساني أو العفو والحصانة مثل الرئيس الصربي وأركان نظامه.

كما أن قواعد المسئولية القانونية الوطنية وقواعد القانون الدولي ملزمه بمحاسبة كل من اصدر وحرض وشارك وخطط في تلك الجرائم ولا يأخذ بذرائع تنفيذ الأوامر أو الحصانة الممنوحة لهم بموجب القوانين الوطنية وبالتالي فأن تلك الحصانة وان منحة لا يعتد بها ويستطيع الشعب تغيير ذالك القانون الذي لم يحمي يوما" الرئيس التشيلي بونشيت ولا الأرجنتيني فديلا خورخيه ولا صدام أو مبارك وبن علي.