الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:١٣ صباحاً

إجابات عن الأسئلة المثارة من قبل بعض شباب الثورة على المبادرة الخليجية!

د. علي مهيوب العسلي
الثلاثاء ، ١٧ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٣:٤٠ مساءً
ــــ أليس التوقيع على المبادرة خيانة لدماء الشهداء ؟
إن التوقيع على المبادرة يدل على العجز والوهن الذي وصلت إليه القوى السياسية المتمثلة في اللقاء المشترك،ويدل كذلك على عدم وصول الرسالة إلى تلك القوى التي لم تفهم الشباب وثورتهم بعد واتجهت إلى حزب الحاكم لتحاوره بل ذهبت إلى ابعد من ذلك وهو الارتهان للدول الإقليمية وبخاصة الشقيقة الكبرى (السعودية) التي نعرف موقفها من اليمن عبر التاريخ القديم والمعاصر.إن الأحزاب السياسية التي انضمت إلى الثورة قد خانت دماء الشهداء من غير قصد وما عليها الآن إلا أن ترفع يدها الآن وليس غداَ عن الوصاية على الساحات وان تجعل الساحات هي نفسها تقرر الفعل الثوري الذي تريده.

ــــ أليس حزب الرئيس صالح يمتلك نصف الحكومة ونصف الجيش ورئاسة الجمهورية لسنتين ؟
في اعتقادي أن علي صالح مازال يحكم وسيضل يحكم طالما وهذه القوى بهذا الضعف أو ما يسمى بالعقلانية أو لنقل "عقلنة الثورة" .إنني اعتقد أن من أهم حيل الرئيس استغلال المشترك في نقاط ضعفه التي من أهمها انه لا يستطيع وليست لديه الجاهزية لاستلام السلطة بعد أن كانت قاب قوسين أو ادنى من تحقيق النصر بحجة أن خزينة الدولة قد صفرت من قبل بقايا النظام ولذلك لجأت المعارضة إلى السعودية ودول الخليج الأخرى في الانقياد لما تمليه عليهم من اجل جلب الأموال لكي يحكموا وبالتالي المحافظة على أنصارهم بل وزيادة الأنصار في ظل الأوضاع الاقتصادية المزرية التي يتكبدها الشعب اليمني عبر ثلاثة عقود خلت ،ولذلك أدرك على صالح هذا التوجه فوافق على التوقيع وحوّل المشترك إلى "شحا تين" في دول الخليج وعندما ستصل الأموال إلى البنك المركزي سيكون على صالح على الاستعداد لافتعال أية مشكلة للنكوص عن المبادرة وبالتالي عزل الحكومة "الشحاتة" وبالتالي سيستعيد شراء من يستطيع من ضعفاء النفوس ليواصل بهم قتل الأبرياء كما اعتقد!

ــــالم يكن حريا بالمعارضة أن تحترم مواقف الشباب وتضحياتهم وتتنحى جانبا لا أن تتكلم باسمهم ؟
بكل تأكيد كان يجب على ما كانت تسمى بأحزاب المعارضة أن تتنحى جانبا طالما وهي انضمت إلى الشباب ولم تكن مشاركة منذ اليوم الأول بل تلكأت وتأخرت عن النزول مع الشباب إلى أن درست الخيارات والسياسات التي ستنتهجها عند نزولها وملخص تلك السياسات أن المعارضة خلطت بين الاستراتيجي والتكتيكي، فلم يكن سقف مطالبها كما هو عند الشباب ،إذ أن الشباب كان سقفهم إسقاط النظام بينما المعارضة كان سقفها ولازال هو إسقاط الرئيس والفرق واضح وهي بهذا الفعل حوّلت التكتيكي الذي هو تنحي الرئيس إلى استراتيجي وتنازلت عن الاستراتيجي الذي هو إسقاط النظام ،بل وتسعى من خلال مشاركتها في حكومة الوفاق إلى التطبيع مع الفساد والتعايش السلمي مع الفاسدين للأسف!
وهي من حال نزولها قد همشت الشباب واقصد بالشباب الفئة العمرية وليس الشباب المستقل كما يحلوا للبعض تسميتهم .إن الشباب في الحقيقة هم أولا : شباب الأحزاب الذين تمردوا على أحزابهم ونزلوا بهذا السقف العالي الذي هو إسقاط النظام وثانيا : الشباب المستقل الذين تقاطروا إلى المسيرات والساحات كأفراد ولم يتأطروا وهم بذلك قد سهُل تهميشهم وعدم الالتفات إلى أرائهم وتصوراتهم ،وثالثا : شباب المؤتمر الذين كانوا ينزلون عندما كان النظام يرتكب حماقات في قتل المتظاهرين السلميين هذا ما قصدناه بالفئة العمرية الذين كانوا ولازالوا ولائهم للثورة قبل ولائهم للأحزاب والذي بهم ستنتصر الثورة بأذن الله تعالى. نعم كان الواجب على الوجوه القديمة أن تفسح المجال للشباب لكي يديروا ثورتهم بكل حرية وان يتخلوا عن الأبوية التي لم تجلب لشعبنا إلا الاتكالية والعجز وعدم الإبداع بسبب تحكم الجيل القديم بكل القرارات المصيرية والمستقبلية وحتى الحياتية اليومية سواء على مستوى البيت أو حتى في المستويات العليا في البلد .

ـــ الم تهمش الفترة الانتقالية شباب الثورة بعدم إشراك شبابها ؟
كل المبادرة وآليات تنفيذها لم تعطي للشباب أي شيء عدا القتل والاعتقال والإصابات حتى في كل ما سبق أعطت المبادرة الحصانة لمن ارتكبها للأسف !، مما عقّد المشهد اليمني وأحرج المشترك الذي كان يريد أن يحقن دماء اليمانيين كما زعم .لكن الآلية التنفيذية ألزمت الحكومة الحوار مع الشباب وإشراكهم في العملية السياسية .إن هذا يدل على الثقة المطلقة بالقدرة على احتوائهم فالأبوية مازالت مسيطرة على عقول القادة السياسيين .

ـــــــ ولكن في المقابل ؟

ـــ لماذا هذه الهجمة الشرسة ضد أحزاب المشترك .؟ أليس هم من اسقط صالح وشرعيته الدستورية في حين عجز الشباب عن ذلك ؟
في اعتقادي لا توجد هجمة شرسة على المشترك بدليل تحمل الشباب وإعطائهم الفرص تلو الفرص طيلة الشهور السابقة .لكن المشترك لم يستطيع عمل أي شيء يذكر في تحقيق أهداف الشباب ،وما يقال من أن المشترك استطاع إسقاط شرعية صالح مردود عليهم ،لان الحقيقة أن الشباب استطاع إسقاط النظام بكامله في جمعة الكرامة التي انهار فيها النظام شبه الكامل، لكن الحوارات السرية والاتفاقات التي أعقبت جمعة الكرامة من بعض قادة المشترك هي التي أخرت الحسم الثوري وحولت الثورة في نظر العالم إلى أزمة سياسية أفقدت الثوار المبادرة بعد أن أعيد زرع الخوف في قلوب الثوار من جديد الأمر الذي عقّد عملية التصعيد الثوري بسبب هذه الازدواجية في سياسة قادة الأحزاب ؛ فتصريحاتهم كانت تدل على ثبات موقفهم مع الثورة والثوار لكنهم في الطاولات والصالات المغلقة كانوا يمارسون السياسة القذرة مع حزب الحاكم والدول الأخرى باعترافهم انه لا توجد ثورة وإنما هناك أزمة وجاهزين لتسوية تلك الأزمة عن طريق المبادرة سيّئة الصيت .
ـــ أليس المعارضة بدهائها السياسي فضحت صالح عربيا وعالميا وألجأته إلى التوقيع في نهاية المطاف ؟
لا يوجد دهاء سياسي على الإطلاق لدى قادة أحزاب اللقاء المشترك فلو كان لديهم دهاء سياسي كما يعتقد البعض لما كانت تلك التضحيات التي قدمها شبابنا الأطهار وكان بإمكان هذه القوى أن تحل خلافاتها السياسية مع النظام الفاسد منذ التسعينات !،لكن الرئيس بدهائه وحيله استطاع أن يقزّم ادوار المعارضة ويشرك البعض ويشتري البعض الآخر حتى جاءت اللحظة التاريخية التي التقطها الشباب وتم نزولهم للشارع وقاموا بهذا الصمود الأسطوري والتضحيات الجبارة المقدمة من قبلهم هي التي أجبرت علي صالح على التوقيع ظناً منه أنه سيلتقط أنفاسه ثم يعاود الكرة على خصومه ويصفيهم كما حدث في اكثر من مرة عبر تاريخه السياسي المعروف ،لكن خسيَ وخسيَ معه قادة المشترك؛ فالثورة مستمرة وستحقق كامل أهدافها بإذن الله وستسقط النظام الجديد المعد سلفا من دوائر الخليج والغرب، بالرغم من كل الصعوبات التي تحدثنا عنها .

ـــ الم يحن الوقت لننظر إلى المستقبل ,وبناء اليمن الجديد ؟
نعم لابد بعد كل هذا الحراك أن نلتفت إلى المستقبل والتفكير الجدّي لبناء اليمن الجديد يمن الحرية والكرامة والمواطنة المتساوية، يمن الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدل والشفافية والمسألة والمحاسبة ،يمن الكفاءات ،ويمن خالي من الفساد، يمن ديمقراطي تعددي يرفض الاستبداد مهما كان لونه يؤمن بحرية الفكر ويقاوم الإرهاب ، يؤمن بالتعدد وقبول الرأي الآخر،ولن يتأتى كل ذلك إلا بذهاب هذا النظام التسلطي الأسري الفردي، وكذلك بذهاب من شاخت عقولهم وأفكارهم وأصبحوا لا يستطيعون التمييز بين الثورة والأزمة للأسف ...