الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠١ صباحاً

معتقل غوانتانامو .. الجريمة المسكوت عنها في الإعلام العربي‎

فائز سالم بن عمرو
الاربعاء ، ١٨ يناير ٢٠١٢ الساعة ١١:٤٠ مساءً
تؤكد الأحداث المتسارعة في الوطن العربي والتي وسمت عام 2011م بالربيع الثوري وصور الأشلاء والجثث وصار المواطن العربي مدمنا على مشهد وصور وأخبار القتل والسحل والاحتكام للفوضى وتصدير العنف والتخريب تحت مسمى الربيع العربي الذي رفع شعارات عتيقة طالما رددتها أعتى الأنظمة الدكتاتورية والعائلية والفردية والثورية ، وهي " الحرية ، المساواة ، الديمقراطية ، حقوق الإنسان " .

يوم بعد يوم تثبت الأحداث والوقائع بان الإعلام العربي أعجز من ان يؤثر في المشاهد العربي واضعف من ان يخلق قضية اجتماعية أو سياسية اقتصادية ويجمع الآراء حولها ويفرضها قضية رأي عام ، فهو إعلام مسلوب وناقل ومردد لما يقول الآخرون ويعالج ويدعم قضايا ومشاريع العالم متناسيا قضاياه وضارب بأطناب الغفلة والجهل حول قضايا الأمة المحقة والملحة وتلوك وسائل إعلامنا مشاريع وتغطيات تجاوزها الزمن ودفنتها الأحداث ، فالمشهد العربي الإعلامي تضاف له كل أسبوع قناة مذهبية تحريضية لتذكر بالصراع السني الشيعي .

يودع العالم الذكرى العاشرة لمأساة اكبر جريمة في القرن الحادي والعشرين وهي جريمة معتقل غونتنامو المعتقل القائم على الهيمنة الأمريكية والداعس لحقوق البشرية والتي تنعدم فيه أدمية البشر ويتحولون إلى أرقام كثيرة الاصفرار ويرتدون ملابس وردية تذكر بالربيع العربي . لم يعط هذا الحدث حقه الإنساني والبشري إلا من قبل الصحافة الغربية والكتاب الأجانب الذين تجمهروا أمام البيت الأبيض وفي الساحات العامة مذكرين العالم بهذه الجريمة المسكوت عنها أمام مرأى ومسمع من العالم الحر الذي ينادي بالديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان وهو يدوس قيم الحرية ليل نهار في تناقض سافر للخطاب الغربي والأمريكي لقيم حقوق الإنسان .

الظاهرة العجيبة ان الصحافة العربية سكتت عن كشف جريمة المعتقل وان شهدت بعض الصحف العربية كتابات فهي لا تخرج عن إسقاط الواجب وتعالج الظاهرة بشكل فردي وبأسلوب احتجاجي ، فلم تشكل الصحافة العربية رأيا إنسانيا ضاغطا على العالم وصناع الرأي من السياسيين والمثقفين للمطالبة بإسقاط هذه الظاهرة ، والسبب في ذلك في رأيي هيمنة الربيع العربي على أجواء ومناخات الدول العربية ، فلا يمكن للجماعات الإسلامية التي نالها النصيب الأكبر من خيرات الربيع العربي ان تخاطر بفقدان الدعم الأمريكي والغربي ، فهي لذلك تعود إلى نبش تاريخها القديم الفقهي " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح " وكأن الإنسان العربي بضاعة تجارية يجوز المتاجرة بدمه وقضاياه ، والظاهرة الأخرى الذي اختارت لغة السكوت هي الجماعات الثورية التي تتلقى الدعم الغربي والأمريكي تحت بند دعم منظمات المجتمع المدني ، وهذا الدعم يضمن سكوتها ويجعلها تغمض عينها على مأساة المعتقلين العرب ويفرض عليها إغلاق ملف أنساني مع حلفاءهم الجدد .

الصحافة اليمنية ومنظمات المجتمع المدني مثل " منظمة هود " وغيرها من المنظمات المتكاثرة كالفطر تبنت سابقا شعار " معتقلي غونتنامو " ملفا سياسيا وليس إنسانيا وطالبت الرئيس اليمني بالتحرك لإخراج أبناء اليمن من هذا المعتقل الرهيب ، فما ان جاء الربيع العربي وبعد اتفاق الخليج الذي أوصل أحزاب الإسلامية ودعاتها إلى سدة الحكم صمتت هذه المنظمات والجماعات الإسلامية صمت الموتى ، ولم تطالب وهي تترأس حكومة الوفاق أمريكا ولا المجتمع الغربي بإخراج المساجين اليمنيين الذين تزيد فترة اعتقالهم على عشر سنوات بدون محاكمة أو أي وجهة قانوني .

أناشد رئيس الحكومة الأستاذ محمد سالم باسندوة ان يطالب بصورة واضحة وجلية السفير الأمريكي بصنعاء بإطلاق معتقلي غونتنامو كوني احد الذين اكتووا بنار هذا المعتقل المظلم والذي ما زال يعاني فقدان الأخ والصديق ، وأطالب أيضا السيدة توكل كرمان التي تجوب العالم يمينا ويسارا ان تحمل ملف المعتقلين اليمنيين في هذا السجن الرهيب لنشعر أنها تتحدث عن أبناء الوطن جميعا وليس عن بعضهم .