الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٩ مساءً

التغابي .. ضرورة وطنية وراحة نفسية

عبدالمجيد أحمد الزيلعي
الأحد ، ٢٩ يناير ٢٠١٢ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
إلى: من قدموا أرواحهم رخيصة, وسهروا لينام الآخرين, وجاعوا ليشبع البقية,
إلى : من فارقوا أمهاتهم, وأولادهم, وأزواجهم في سبيل الوطن.

إلى: من ومن وصفهم أعظم الخلق, بالإيمان والحكمة والفقه.
لأنني أحبكم, وحريص على ماضيكم وحاضركم دعوني أقول ما نفسي وبدون رتوش.

التغابي: هو فن لا يتقنه إلا الأذكياء.

نعم الأذكياء فقط! هل تريد أن تعرف أكثر؟ ارجع بذاكرتك إلى الوراء قليلاً وأعد شريط الذكريات وانظر إلى كم من شخص كبير أسقطه حقير, عندما نزل إليه وترك برجه المشيد العتيد,إقرأ معي لتعرف ما أعني:

البحث عن عذر للآخرين, سعة الصدر, التريث بانتظار الرد أو التوضيح, العفو, هذه الأخلاق وما دار في فلكها تجعل المتصف بها في مصاف العظماء, ومحج للناس, ومصدر إلهام لهم, فما بالنا اليوم نرى هذه القيم تتقاذفها الأيام والسنون! ويتركها بعض السامقون! ومن بعدهم البنات والبنون! إنهم والله هم الجاهلون!

مثال1: في جمعة من الجمع الثورية أعلن عن إسم لها من قبل المعنيين بهذا الأمر وبعد ساعات أعيد النظر في الاسم, ووجد ما هو أكثر منه ملائمة للواقع أو المتغير الذي طرأ, فكيف يكون هذا السلوك المتميز وهذا التغيير الذي يُهدف منه: الوصول للأفضل هدفاً للسهام! والقيل والقال!

مثال2: مقال لشابة يمنية -ليست معصومة- يكون سبباً للتشققات, والتكفير المتبادل, وتبادل الاتهامات,ألم تعطي هذه التصرفات للمقال وصاحبته أكبر من حجمهم بكثير؟ بينما وسائل وقنوات الحل متاحة للجميع, حتى أنه يمكن لأي شخص تقديم دعوى قضائية أو بلاغ للنائب العام للنظر وعمل ما يلزم,وكفى الله المؤمنين شر القتال! أليست هذه وغيرها وسائل شرعية وقانونية قادرة على إحقاق الحق, وإبطال الباطل, وإقامة حدود الردع والزجر؟ ولماذا البعض يريد أن يرد على كل ما يقرأ أو يسمع؟ لما ذا البعض يجعل من نفسه كبارود ومن الآخرين كعود كبريت!؟

لماذا نقبل أحياناً بكبت الآخرين, وممارسة الديكتاتورية, على الرغم من أننا بلا سلطان ثم نلعن الديكتاتوريين!
يستطيع اليوم مرضى النفوس وعشاق الظهور أن يظهروا أنفسهم كأنداد لعمالقة (استطاعوا أن يساموا السماء, ويضعوا بصمات ستكتبها الأجيال بماء الذهب), بكلمات عبثية في قناة تلفزيونية أو أي وسيلة إعلامية أخرى لأن أنصار الثاني لا يدركون حجمهم ومكانتهم ولا يعرفون كذلك التغابي ولغة الصمت, وحجم خصمهم, ومكانته , وشعبيته, ثم إن بعضهم يتصورون أن الحق, وشريعة الله تعالى ساقطة, إن لم يقفوا هم ضد هؤلاء والرد عليهم بالمثل, في هذه الحالة: كم أُكبر في نفسي أبو طالب عندما قال : "أنا رب إبلي وللبيت رب يحميه"
يا هؤلاء الأعزاء هل ترضون أن تكونوا كالقش؟ هكذا أنتم حين يلقي الآخرين عليكم "شرارة"!

اليوم وبعد حالة الهدوء والوفاق الجيدة -إلى حد ما- يجب أن نجبر الأصوات النشاز على التوقف, بتوقفنا نحن عن الرد عليها.

من شعر الإمام الشافعي في هذا الموكب:
قالـــــوا سكت وقد خوصمت قلت لهم .. إن الجواب لباب الشر مفتــــــــاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف .. وفيه أيضا لصون العرض إصـلاح
أما ترى الأسْد تُخشى وهي صامتـــة؟ .. والكلب يـُخسَا لعمري وهو نبــاح

وقال أيضاً :
إذا سبني نذل تزايدت رفعــــــة .. و ما العيب إلا أن أكون مساببه
و لو لم تكن نفسي علي عزيــزة .. لمكنتها من كــل نذل تحـاربـــه
و لو أنني أسعى لنفعي لوجدتني .. كثيـر التواني للذي أنا طالبـ ــه
ولكني أسعى لأنفع صاحبي و عار .. على الشبعان إن جاع صاحبه

حكمة: من الذكاء أن تكون غبياً في بعض المواقف.