الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٥ صباحاً

الثورة اليمنية : حلال على الشمال .. حرام على الجنوب !‎

سماح عبدالله الفران
الأحد ، ٢٩ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
حينما رأيت مسيرتي الحياة والكرامة تمضيان نحو صنعاء من أجل تجديد روح الثورة هناك، كنت أشعر أن الثورة تتسلل خلسة من تحت أقدام الراجلين لتمضي نحو الجنوب إيماناً مني أنها تلحق بالمظلومين في أي مكان وزمان متى أرادوا هم ذلك، وهذا الأمر ليس ابن اللحظة، أو رهينة الواقع الثوري الحاصل في الشمال، بل العكس، ثورتهم سابقة بكثير، ولكننا لم نؤمن بما يصنعوه، أو بمعنى أصح لا نريد أن نؤمن بذلك.

كثير من نخب الشمال يتعاملون مع القضية الجنوبية وكأنها ملف مرفق بملفات الثورة في صنعاء، بحجة أننا جميعنا ذقنا مرارة الظلم من كأس واحدة، وأن ما وقع علينا نحن أبناء الشمال صورة مشابهة لما وقع على إخواننا الجنوبيين. بينما التعامل مع القضية الجنوبية بمضض، والدفاع عن الوحدة بحنق، وتولي زمام التخوين والإقصاء كان سيد الموقف.

إن من يستخدم الأسلوب الإقصائي، ويدهس الحقائق بمنطق القوة، لا يدرك أن الحقيقة ابنة السماء، لا يمكن أن تطاله حتى أيديهم!

نحن بأمس الحاجة إلى مسايرة ما يحدث، لا ما يجب أن يحدث، وما يحدث أن كثيراً من أبناء الجنوب اجتمعوا على موقف واحد، حتى أولئك الذين كانوا يتملصون من فكرة فك الارتباط، ويبحثون بين ثنايا الوطن عن حل آخر، لكنهم للأسف لم يجدوه!

أنا هُنا أُناشد أصحاب تلك الأساليب والمهاترات أن يخلعوا رداء صالح، وان يغتسلوا من عوالق الفكر الإقصائي الذي صار جزءاً من تكويننا الاجتماعي والثقافي، وأن ينبذوا ذلك الفكر في العراء، ويتسلحوا بالحق قبل أن يمسكوا الأقلام، لأنهم إن لم يفعلوا سيتحولون إلى أبواق تهرف بما لا تعرف، وأن يدركوا أن الثورة ليست حكراً على أحد، فهي الأيقونة الوحيدة التي تقف أمام الظلم والقهر، ومن ينادي بفك الارتباط ليس معنيّ ـ حسب ظني ـ برحيل صالح أو بقائه؛ لأن أزمته الأكبر مع الشعب الشمالي نفسه، والنخب الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تحاول تمييع القضية الجنوبية على وجه الخصوص.

أنا لن أدعو إلى الوقوف بجانب إخواننا الجنوبيين في ثورتهم تلك؛ لأنني أعتقد أنهم قد تجاوزوا ذلك الحلم بمراحل عدة، وصار الإنسان الجنوبي منفصلا انفصالا حقيقياً عن الإنسان الشمالي، وهذا أخطر بكثير من انفصال الأرض الصماء التي لا تتحدث.

كل ما أريده من أولئك النُخب أن لا يقفوا موقف ذلك الزعيم الذي ظهر على شاشة التلفاز ليخاطب الثوار مستخفاً بهم وبقضيتهم العادلة قائلاً: من أنتم؟

بينما كانت الثورة ساكنة في أعماقهم.. وفي طريقها نحو الإجابة..

كما أنني لن أتحدث عن ما قدمه الجنوبيون من أجل الوحدة، لأن ذلك صار جلياً للكثير، وإنما سأطرح سؤالاً آخراً.

ما الذي قدمناه نحن الشماليون من أجل بقاء الوحدة؟

كل ما نصنعه هو الدفاع عن الوحدة بفضاضة، وعنف لفظي وفكري، وما أشبهنا في ذلك بعاشق يستجلب معشوقته "بالعصا".

ناهيك أننا تركنا إخواننا يعانون في حرب 94 دون أن نكلف أنفسنا عناء الدفاع عنهم، وسلّمنا أنفسنا لقياد الإعلام المنحاز والوحيد، والذي قال فيهم ما يُقال في ثوارنا وأشد.

هاهم الأسبقون اليوم يتركوننا نرمم ما صنعوه، ونتجرع ويلات انقسام الأرض والإنسان، لكن ما يجب أن نؤمن به أن ما يجوز لنا يجوز لهم أيضاً، وأن الثورة في الجنوب جائزة إنسانياً، فلنؤمن بحقهم في تقرير المصير أو نصمت.

شيء أخير أود قوله: أكتب هذا المقال وأشعر أن كل كلمة فيه بمثابة سكين مسنون يحفر في قلبي المشغوف بحب الوحدة، لكنها الثورة!