الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠١ مساءً

ياأمة ضحكة من جهلها الأمم

يحي محمد القحطاني
الثلاثاء ، ٣١ يناير ٢٠١٢ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
الأمة العربية تعيش في أزمات مستعصية منذ مدة طويلة دون أن نرى لها نهاية على المدى المنظور وحالنا نحن العرب دون غيرنا من الشعوب أن نعيش حياتنا متخلفين عن الشعوب والأمم سياسيا واقتصاديا وتعليميا وصحيا وكنا ولا زلنا نعيش في حروب وصراعات وبفقر وجهل ومرض وبدون ديمقراطية ولا تبادل سلمي للسلطة ولا عدل ولا مساواة ولا احترام لحقوق ألإنسان ،رغم مرور أكثر من ستون عاما على قيام أول ثورة عربية ضد ألأنظمة الملكية السلالية الوراثية إلا أن الوضع لم يتغير إلا بالمسميات فالملكية أصبحت جمهورية والملك أو ألإمام أصبح رئيس أو أمير وولي العهد أصبح ابن الرئيس ومجلس أهل الحل والعقد أصبح مجلس النواب والرئيس العربي يختار من ينافسه في ألانتخابات،وفي اليمن خلال هذاالشهر سوف تجري انتخابات رئاسية تنافسية بين نائب الرئيس الفريق عبد ربة منصور هادي وبين المرشح التوافقي للسلطة والمعارضة المشير عبد ربة منصور هادي،وهكذا دواليك فالخطبة الخطبة والجمعة الجمعة وكما يقول الشاعر العربي:-

كلما قلنا عساها تنجلي*قالت الدنيا هذا مبتداها،فمثلا في اليمن قامت ثورة سبتمبر وأكتوبر ضد الظلم والعبودية والدكتاتورية والجهل والفقر والمرض والاستعمار وتم وضع أهداف ومبادئ للثورتين،إقامة حكم جمهوري عادل وإنها الظلم والقضاء على الجهل والفقر وتحقيق العدالة والمساواة والديمقراطية والحرية والتبادل السلمي للسلطة ومع ذلك قال ألإستاد أحمد مجمد نعمان عندما سجنوا في مصر عبد الناصر قال قولته المشهورة(كنا نطالب ألإمام بحرية القول واليوم نطالب بحرية البول) وقال في أحد قصائده(هربنا من إمام ظالم *فأتانا ألف ألف إمام) وفي نهاية الستينات قامت حركات تغييريه في الشمال والجنوب تحت مبرر إعادة الثورتين إلى سياقها الثوري وتصحيح ألانحرافات والأخطاء والتي حدثت للثورتين وإقامة النظام الديمقراطي العادل والقضاء على الفساد والثارات بين القبائل اليمنية،وفي بداية السبعينات قامت حركات تصحيحية في الشطرين تحت دعوى إقامة الديمقراطية والعدالة ألاجتماعية وإزالة الفساد والفاسدين والقضاء على الثارات القبلية بين القبائل اليمنية ومنع حمل السلاح في المدن اليمنية،بعد ذلك قامت حركات تصحيحية وتغييريه تحت مسميات عديدة في الشطرين والكل ينادي بالديمقراطية والعدالة والمساواة والقضاء على الجهل والمرض ،وفي بداية التسعينات قامت الوحدة اليمنية بين الشطرين،وتم عمل دستور جديد وإقرار التعددية السياسية والسماح بإنشاء أحزاب سياسية،والجميع قالوا وداعا للدكتاتورية وللحكم الشمولي وأهلا بالديمقراطية والمساواة وبالعدالة ألاجتماعية ووداعا للأزمات السياسية وللحروب بين اليمنيين،الكل ضد الفساد والفاسدين والجميع مواطنين يمنيين متساويين لهم حقوق وعليهم واجبات ،الجيش والأمن للبناء والأعمار،وحدثت صراعات بين الفر قاء السياسيين المؤتلفين في حكم اليمن وتطور ألأمر إلى حرب 1994م وكل فريق يدعي أنة على حق وغيرة على باطل هذا الفريق رفع شعار(الوحدة أو الموت)وذاك الفريق رفع شعار (ألانفصال أو الموت) وكما يقول المثل الشعبي(عادة حليمة لعادتها القديمة) رغم مرور ما يقارب من خمسين عاما على الثورتين سبتمبر وأكتوبر وجدنا القوات المسلحة والأمن ليست ملك الوطن اليمني بل ملك للقائد العسكري والمسلحين القبليين هبوا إلى المدن الرئيسة عونا لشيخ القبيلة أو ذاك المسئول ،وقاموا بترويع المواطنين وأثاروا الرعب والخوف في أوساط السكان واعتدوا على العدد الكبير من المرافق والمؤسسات العامة وقاموا بنهبها و إحراق بعضها مثلما حدث في 1948م من نهب لمدينة صنعاء من القبائل الموالية للأمام، ولولا ألأسلحة التي يملكها المواطنين في البيوت هذه ألأيام لتكررت مأساة عام 1948م،أي أننا عدنا إلى جاهليتنا وعصبياتنا ألأولى وإلى الثارات القديمة وكأ ن حالنا يقول(وكأنك يازيد ما غزيت) فمن قام بتدريب هؤلاء القبائل على استخدام تلك ألأسلحة المتطورة من القاذفات والصواريخ والبنادق الرشاشة المتوسطة والثقيلة؟ ومن سمح بتنظيمهم في مليشيات مسلحة تقوم بالانتشار في العديد من أزقة وشوارع مدينة صنعاء وتعز،واستحداث نقاط تقطع للمركبات تتولى تفتيش من بداخلها؟ وقامت بعض ألأحزاب بتسليح المليشيات التابعة لها،وتم إنتاج العصبية والطائفية من جديد ،وتم عسكرة المدن بعد أن كنا نطالب بإخلائها من المعسكرات،ووجدنا أحزابا سياسية كنا نعول عليها نشر ثقافة التسامح والمحبة والوئام بين أبناء المجتمع اليمني الواحد تتحول إلى وسيلة لتقطيع أوصال هذا الشعب وتفتيته وزرع الأحقاد والضغينة بين صفوفه،هذه الأحزاب السياسية رغم كثرتها سببت لليمن وأبناءه الكثير من النكبات والكوارث التي لا حصر لها، كما أنه من المخجل أن نرى أحزابا كنا ننتظر منها أن تصبح مدارس لنشر ثقافة الديمقراطية وتعميق القيم الوطنية ومبادئ الولاء لليمن وأن تساهم في ملئ الفراغات التي تتسلل منها المشاريع الصغيرة والأفكار المتطرفة ،وقد تحولت إلى أدوات للهدم وتقف إلى جانب المتنفذين الفاسدين والوجاهات القبلية التي هي أساس تخلف وطننا اليمني،وتعيق وتعرقل تطلعات وطموح الشعوب نحو التقدم والتغيير والتطور والحداثة والاستقرار وشوهت الاتجاه الديمقراطي وبناء دولة النظام والقانون والعدل واحترام أدمية الإنسان،وحكمت على الشعب أن يظل أسير الماضي وغارق في أوحال الجهل والتخلف والاستبداد ومستنقع لتطرف والتشدد والإرهاب والسلب والنهب ،و تستحوذ على الثروات وكل الخيرات والمقدرات إلى حسابها الخاص،وتم إعادة ثقافة التقطع بين المدن والقرى ضد القبائل بعضها البعض وضد الدولة، وتم قطع الكهرباء والمشتقات النفطية والغاز عن المواطنين بدون تمييز بين مواطن يقف مع الدولة ومواطن يقف مع المعارضة،وتم انتشار عناصر القاعدة ألإرهابيين وعناصر الحوثيين واحتلال بعض المحافظات، وكان من المؤمل أن نطور المناطق والمحافظات القبلية الشمالية والشرقية في شتى المجالات وأن نمحو ألأمية والجهل وثقافة الكراهية والثأر منهم،لكن الذي حدث أننا عممنا وتوسعنا في الممارسات والعادات القبلية الخاطئة في المناطق والمحافظات الوسطى والجنوبية وكما يقول اليمينين (كنا نأمل بتمدن محافظة عمران فقبيلنا محافظة تعز)ومما سبق لاشك أن الكثير من مشاريعنا وأفكارنا يتطلب عمليات نقدية شديدة وأحيانا قاسيه لعلها تحرك الرواكد وتصوب الخطوات على الكثير من المسئوليات ومواطن الخلل الذي أصابنا نحن اليمنيين وحتى لا نصبح كالتاجر حين يفلس يزوّر الفواتير ويسرق الأمانات, وكالطبيب حين يفلس يستبدل المبضع بالخنجر, وكالسياسي حين يفلس يتطرف وينزع إلى العنصرية, هكذا الإعلامي حين يفلس لا ينصرف إلى الخيال والتأليف فحسب, بل إلى السطو على الأمانات وتأبط الخنجر والاستغراق في التطرف! ونقول أين الدكاترة والمثقفين والباحثين والمهتمين من السلطة والمعارضة مما حدث في اليمن في الماضي ويحدث حاليا، وما هي النتائج المستخلصة من تجربتنا الثورية ومن الديمقراطية في اليمن ولماذا العالم يتقدم في جميع المجالات ونحن نتأخر ولماذا بعض الشعوب سبقتنا بعصور وكنا أحسن حالا منهم في الستينات مثل (كوريا وماليزيا) فمن خلال تقييم ذلك سنعرف أين أصبنا وأين أخفقنا، ماهي السلبيات وماهي ألإيجابيات،وماهيا الحلول المقترحة لخروجنا من هذا النفق المظلم الذي نحن فيه منذ سقيفة بني ساعده وحتى يومنا هذا.والله من وراء القصد والسبيل.