الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:١٥ مساءً

منير الماوري : حياة علي محسن في خطر

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً

منير الماوري*
كيف ينظر الأميركيون إلى اللواء علي محسن الأحمر؟ وهل يتعاملون معه بصفته الرجل الثاني في اليمن أم الرجل الثالث؟
هذا السؤال طرحه علي زميل صحفي يمني أثناء زيارة قام بها مؤخرا إلى واشنطن بدعوة من الخارجية الأميركية، فأجبته قائلا " لاعلم لي بأن اللواء علي محسن يتعامل مع الأميركيين أصلا، ولهذا فمن الصعب القول بأنهم ينظرون إليه كرجل أول أو ثان أو ثالث في البلاد، كما أني لست مطلعا على ما لدى الوكالات الفدرالية الأميركية من معلومات سرية عن الرجل المستقاة في معظمها من قصر الرئاسة في اليمن، ولكن المعلومات العلنية وحدها تكفي للاستنتاج أن الأميركييين لن يكونوا سعداء برؤية علي محسن الأحمر رئيسا لليمن، فهم في الواقع يفضلون أن يتولى "أحمد علي" الرئاسة بعد أبيه، بغض النظر عن القول المعتاد للخارجية الأميركية " هذا شأن داخلي لا علاقة لنا به". وسبب تفضيل الأميركيين لولي العهد أحمد لتولي الرئاسة هو كونه يتكلم لغتهم، ويسمح لضباط إف بي آي بمضغ القات في مجلسه، وتعلم اللهجة الصنعانية من أفواه المقربين منه، كما أنه في مؤشر على إنفتاحه على الغرب سمح لـ13 فتاة يمنية بالتوجه إلى فلوريدا للتدريب على مكافحة الإرهاب، وغير ذلك من العلامات الفارقة والنادرة التي ترغبهم فيه مهما كانت سطحية. ولكن هناك ما هو أهم من كل ذلك لدى الأميركيين، وهو شئ قد يقلب كل موازين المعادلة ويجعلهم يتعاملون مع الرئيس المحتمل علي محسن الأحمر بسبب صفة واحدة معروفة عنه قد تغفر له كل عيوبه الأخرى في نظرهم وهي صفة " الصدق" التي لا يتمتع بها الرئيس الحالي على وجه التحديد، وليس بمقدور نجله أن يتمتع بها لأنها صفة متأصلة وليست مكتسبة.
وبما أن الأميركيين بشر مثل بقية البشر على هذه البسيطة فإنهم بلا شك يحترمون الإنسان الصادق حتى وإن اختلف معهم أو عنهم، ويحتقرون الشخص الكاذب المراوغ، حتى وإن فتح لهم مياه بلاده وأجوائها كما يريدون. وسوف يتعاملون مع الشخص الجديد الذي عندما يقول لهم نعم فهو يعني ما يقول، وعندما يقول "لا" فإنه يعني ما يقول.
اللواء علي محسن الأحمر، في نظر الأميركيين وغير الأميركيين شخص غير متقلب، وغير مزاجي، وكل من تعامل معه من خصومه وأنصاره على حد سواء يقول بأنه يفي بكلمته، ولا بد أن أذكر هنا أن أحد المعارضين الكبار في الخارج من أبناء الجنوب رفض العودة إلى اليمن رغم تعهد الرئيس بضمان سلامته، وقال الرجل صراحة " لا ضمان لي إلا وجه علي محسن". وتنبأ آخر يعرف علي محسن عن قرب بأن الرجل سوف يسقط ضحية وفائه لكلمته، وعندما استفسرت عن معنى ذلك أوضح قائلا: "علي محسن تعاهد مع الرئيس على المصحف ألا يغدر أيا منهما بالآخر، ومازال علي محسن من جانبه وفيا للمصحف، وينسى أو يتناسى أن الرئيس نفسه سبق أن تعاهد مع المرحوم مجاهد أبو شوارب، ومع المرحوم محمد إسماعيل، وغيرهما بعهد مماثل، وكان شرطه الوحيد " لا تزاحموني على الرئاسة ولكم أي شئ عدا ذلك". ويتناسى علي محسن أيضا أن الرئيس نفسه اتصل للشيخ الأحمر بعد أربع دقائق فقط من حادث السنغال ليطمئن على صحته رغم العهد القائم بين الرجلين. ويتناسى علي محسن أيضا أنه هو نفسه ترأس لجنة التحقيق في وفاة محمد إسماعيل وأحمد فرج، ولهذا فهو أكثر شخص على دراية بأن الغموض يلف الحادث. وقد سئل يوما ما النصير الأقرب لعلي محسن وهو قائد المنطقة المركزية الظاهري الشدادي عن صحة ولائه لعلي محسن، فقال الرجل بذكاء " أنا وعلي محسن ولاؤنا للرئيس". فإذا كان ولاء علي محسن صادق للرئيس فهل سيظل الرئيس صادقا وفيا أيضا مع علي محسن؟!
الأميركيون يعرفون مثلما يعرف جميع اليمنيين أن الرئيس الحالي لليمن وفي أيما وفاء " للكرسي" وللكرسي فقط، وهو حاليا ينصت بإمعان لنصائح مستشاره عبدالكريم الإرياني الذي يقول له بكل جرأة وصلافة " لا مستقبل لإبنك أحمد إذا ما ظل علي محسن في الوجود". والرئيس يعرف من جانبه أن العسكر يخافون من علي محسن، ولكن علي محسن نفسه يقف "إنتباه" عندما يسمع باسم الرئيس، لذلك فإن رده على الإرياني في وجود البورجي غالبا ما يكون " .... لا لا لا .. يا دكتور".
وإذا كان علي محسن يخاف بالفعل من الفندم فهل يعني ذلك أن حياة علي محسن في خطر؟! ربما نعم وربما لا. نقول لا لأن الفندم مازال يحتاج لعلي محسن لمواجهة شحرور والنوبة، ولن نستغرب عندما يتم نقل مهدي مقولة، ومحمد علي محسن إلى مناطق أخرى وإرسال علي محسن إلى الجنوب، كونه الوحيد القادر على "قتال الجنوبيين بالجنوبيين" كما فعل في 1994. ونقول نعم حياة الرجل في خطر، لأن الكل يدرك جيدا أسلوب الإرياني والآنسي والبورجي في التآمر والوشوشة في أذن الرئيس.
ونتمنى ألا نسمع يوما نعيا في إذاعة صنعاء بأن الحوثيين تمكنوا من الشهيد علي محسن الأحمر، فالحوثيون بكل تأكيد أبرياء من دم الشهيد الحي، والخطر المحدق بالرجل هو حسن نيته، وإخلاصه للمصحف، وليس عدائه للحوثيين. كما أن الحوثيين أنفسهم وفقا لما نسمع من زعمائهم السياسيين يدركون جيدا أن علي محسن لم يكن يرغب بحربهم، وأنه ينفذ فقط أوامر لم يكن له أي مفر من تنفيذها. ومشائخ اليمن وأهل الحل والعقد يفضلون التعامل مع الرجل الذي عرفوه وعرفهم طوال الثلاثين سنة الماضية، ولا يرغبون في التعامل مع صبيان لا يقدرون أهل القدر بقدرهم، ولا يعترفون لأهل المكانة بمكانتهم.
مشكلة الرجل الأخرى أنه لا يرغب في الرئاسة ولا يسعى أن يكون الرجل الأول، ولكن إذا ما انتفضت البلاد في الجنوب والشمال والشرق والغرب ضد سياسات الفساد والإفساد والكذب والدجل والخداع، فمن يستطيع أن يمسك بالبلاد؟ وهل سينتظر اليمنيون أن يختار لهم الـ إف بي آي رئيسهم؟! وهل سيبادر علي محسن كعادته بتهدئة الثورة العارمة وتسليم الأوضاع على طبق من فضة لأحمد؟! عندها ستتحقق نبوءة الإرياني السرية " الطريق لإنهاء حكم سنحان هو إيصال ولي العهد أحمد للرئاسة". ويمكن أن نطرح تساؤلا آخر وهو "هل يعود علي محسن مجددا للإعتكاف في ألمانيا وهو يعرف أن ألمانيا لم تعد مكانا مأمونا في ظل سيل المعلومات المغلوطة التي قدمها النظام عنه، وعن احتوائه للإرهاب الذي قد يتحول مستقبلا إلى تهمة " دعم الإرهاب"؟!"
وبما أن علي محسن كان أقوى المدافعين عن الجمهورية في صعدة فنتمنى أن يكون هو نفسه أقوى المدافعين عن الجمهورية في صنعاء كي لا تنزلق البلاد نحو حكم وراثي يعيدنا نصف قرن إلى الوراء لنناضل من جديد في سبيل التحرر من الديمقراطية الوراثية.
* صحفي يمني مقيم في واشنطن
[email protected]