الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٣٤ مساءً

بُـشرى "العبقري"

اسكندر شاهر
الأحد ، ٠٥ فبراير ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
يُروى أنه عندما تم تكفير أبي نواس والوشاية عليه عند هارون الرشيد قال الأخير لأبي نواس أو لست القائل :

يا أحمد المرتجي في كل نائبة
قم سيدي نعص جبار السماوات
قال أبو نؤاس : أو صار القول فعلا ؟
قال : لا أعلم .
قال وتقتلني على ما لا تعلم ؟

وفي رواية أخرى قال أبو نواس لهارون الرشيد أيكفر من يعترف بأن للسماوات جبّارُ .. وعلى ضوء هذه الإجابة العبقرية عفا الرشيد هارون عن الأرشد أبي نواس .

كان ذلك إبان الدولة العباسية وأما في أيام حكومة المؤتمشترك والنفاق الوطني فيجري تكفير الشابة الأديبة الثائرة بشرى المقطري أو العبقري من قبل الحمقى من جماعة المفسدة الصغرى والكبرى والذين يقيسون صغرها وكبرها بميزان ما أنزال الله به من سلطان

بشرى المقطري التي شاركت في مسيرة الحياة الراجلة من تعز إلى صنعاء وارتفع مقاس رجلها إلى ما فوق السبعين قالت في مقال "سنة أولى ثورة" :

" وعيون لا ترحم تطل من بعيد، العسكر والقبائل والبيئة المعادية، والله الذي لا يرانا" ، وفي موضع آخر تقول:
"كانت الأمور كلها طيبة "بلدة طيبة ورب غفور" ,وتتابع " لكن الأمور لم تعد طيبة، والرب الشكور لم يعد حاضراً في ليل خدار .. تركنا الرب نتدبر أمورنا، "
وتمضي البشرى لتقول "لكن رب السبعين كان محجوباً بعباءة السفير الأمريكي، وبتصريحات السياسيين المرتعدين، وبابتهالات قادة المشترك"

أحسب أن هذه الابتهالات الأخيرة هي السبب الرئيس في تكفير بشرى فرب المشترك أهم من رب الكون عند أصحاب المفسدة الصغرى والكبرى الذين منحوا بشرى صك الدخول إلى جهنم وفتحوا أبواب جنانهم على مصراعيها للقاتل السفاح وأعطوه حصانة من جيوبهم وهم الذين يقرؤون في القرآن الكريم (انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)

إن نفس جواب أبي نواس ينطبق جواباً لبشرى العبقري ويمكنه أن يفحم التكفيريين لو كانوا يعقلون ، فكيف تكفر من تعترف بأن الله موجود فتعاتبه ، وكيف تلحد من تقول بأن الله تركنا نتدبر أمرنا وهو القائل و"قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" ، وكيف تُشرك من تقر بأن للسبعين رب وقد قال جد النبي محمد (ص) أنا رب إبلي وللكعبة رب يحميها

إن اعترافات أبي نواس بوجود جبار السماوات واعترافات بشرى بوجود الله الذي لا يرانا وتركنا نتدبر أمرنا والله الذي تربع على صدرها هي غاية الإيمان بالله ووحدة الوجود التي أكدها فلاسفة الوحدة الوجودية من فيلون السكندري إلى ابن عربي إلى الشيرازي إلى سبينوزا والأربعة كانوا مادة رسالة الماجستير التي أعددتها قبل أعوام ، ولكن التكفيريين لا يمكن أن يقدموا حرف الفاء على الكاف فيفكروا عوضاً عن التكفير ، ولذلك يشعر واحدنا بمرارة أن يضيع وقتاً لنقاشهم على أن الحديث يوجه لشعب انتصرت له بشرى ونريد له أن ينتصر لعقله .

نريده شعباً لا بيئة معادية ونحسبه قد ثار على هذه البيئة فلماذا لا يريد الشيخ والعسكري و( الكتبة بُتوعهم) أن يتركوا ثورتنا تمضي إلى خشبة الخلاص .. إنها لعنة الجنود الحُمر ورب الكعبة ..؟!

إيماءة
إذا كنت ثرثاراً فتلك مصيبتك ، وأما إن كنت ثرثاراً وتتوقع أن يردّ الناس على كل ما تقول فأنت واهم .. الثرثرة أيضاً مهنة من لا مهنة له ..!!!