الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٠ صباحاً

عام على ثورتنا .. .حصانة... وترحيل ... وضرب بالدزم

سمير الشرجبي
الأحد ، ٠٥ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
سيكتب المورخون ان بداية الثورة الشبابية سطرها الشباب اليمني تصاعديا على محطات ثلاث اولها ال15 يناير حينما خرج طلاب جامعة صنعاء في مسيرة هي الاولى التي تطالب صالح بالرحيل عبر مسيرة امتدت الى ان وصلت الى مقر السفارة التونسية صبيحة اليوم التالي لهروب بن علي.

إستمرت تلك المسيرات والمواجهات المحدودة امام جامعة صنعاء بوابة كلية التجارة من داخل السور وخارج السور سقط فيها العديد من الجرحى الذي تم الاعتداء عليهم من قبل عسكر وبلاطجة النظام المرعوبيين من إنطلاق ثورة التغيير في اليمن.
حينها كانت أحزاب المعارضة قد قررت ما اسمتها بالهبة الشعبية بمطالبها المحدودة بالاصلاح السياسي وتصحيح جداول الناخبين لاغير ولم يفكروا لحضة بحتمية التغيير الثوري حتى مع نجاح ثورة تونس.

أتت المحطة الثانية المهمة في ال3 من فبراير حينما تجمع مئات الالاف من اليمنيين في التضاهرة التي دعت اليها احزاب المشترك في ميدان التحرير ليتم تحويل المكان الى أمام جامعة صنعاء نتيجة لنصب خيام المؤتمر في ميدان التحرير ذعرا من تجربة ميدان التحرير الثوار المصريين.

في ذلك اليوم, كانت الاحزاب قد بدأت تفكر باستثمار نجاح الثورة التونسية واتقاد ثورة مصر والرعب الذي أصاب علي صالح وعصابته ليتراجع عن كل تحدياتها ويلغي قلع العداد وينفي التوريث وغيرها مما سماها حينها (الحزمة ) زي علف الغنم الذي سال لعاب الاحزاب عليها وبهررت عيونهم لها, لقد كانت وعوده تلك أكبر ما حلموا به عواجيز السياسة التي روضهم صالح طوال فترة حكمه الا من رحم ربي.

ذلك التجمع الجماهيري الكبير امام جامعة صنعاء ابهر الاحزاب نفسها لانها لم تكن تتوقع ذلك الحشد وبهرها اكثر هي الاصوات التي انطلقت من حناجر الشباب – ألشعب يريد إسقاط النظام...ألشعب يريد إسقاط النظام.

ارتعبت الاحزاب لهذا الهتاف واتهمت بعض قوى الاحزاب ومليشياتها هولاء الشباب (بالمندسين والامن القومي) الذين يريدوا ان يفجروا هذه التضاهرة الوديعة التي اتت فقط منعا للاحراج كونها تحددت بهذا التاريخ قبل التطورات الاخيرة وحزمة البرسيم التي قدمها صالح.

انفض التضاهر وهرب قادة الاحزاب ومليشياتهم الى بيوتهم مذعورين من هولاء الذين يريدون (يدبسوهم) في مواجهة (هم مش قدها) .

بومها بقي الشباب في الساحة وبنفس الروح والعزيمة يهتفون (الشعب يريد إسقاط النظام) ويرفعون لوحات كتبت عليها العديد من الشعارت كتبت على اوراق كرتونية وورقة بسيطة الحجم وبخط يد الثوار انفسهم...ولم تصمت حناجرهم لحضة لا خوفا ولا تعبا.

هولاء هم شباب 3 فبراير الابطال الذي قدموا نموذجا رائعا للتضحية والفداء فسقط منهم الشهداء والجرحى والمعاقين وكذا المعتقلين .

لم يبارحوا الساحة امام الجامعة الى هذه اللحضة بل تناوبوا على التواجد المستمر أمام ساحة التغيير.
شباب 3 فبراير هم في الغالب مستقلين ومتمردين على الواقع ثوار علي الظلم وحتى على أحزابهم التي نجد فيهم من إنتمى اليها يوما ولكنه تمرد على تعليماتها واصبح ولائه حينها للثورة وللثورة فقط.

المحطة الثالثة كانت حاسمة وليلة سقوط فرعون مصر الغير مبارك , حينما تسلل ليلتها الالاف من شباب الثورة في صنعاء وتعز ليغزوا الميادين والساحات رافعين الصوت عاليا , الشعب يريد إسقاط النظام.

ليلتها كنت ممن خرج فرحا بسقوط الفرعون وذهبت الى ميدان التحرير ولم اجد الا كلاب حراسة صالح وبلاطجته وبعدها توجهت ومع احد الاصدقاء الى امام السفارة المصرية فلم اجد تجمعا فانطلقنا الى امام جامعة صنعاء أمام نصب الحكمة اليمانية وكانت (اللقيه) وجدت شباب شامخا كالنخيل وشيوبه مثل أشجار الصنوبر ونساء كاشجار وارفه تجمهم أحلام الثورة وإيمان قوي بتحقيق الهدف بل والاصرار البادي على محيا الجميع في ان تكون هذه الانطلاقة لارجعة بعدها.

وفعلا تحركت مسيرتنا في إتجاه السفارة المصرية في شارع جمال عبد الناصر مرورا بشارع العدل والتحرير حيث تعاضم العدد الذي كان كالسيل الجارف الذي يحمل معه كل ما مر أمامه وبجانبه...التحق الشعب بالمسيرة وخرج الاباء امام منازلهم ليلوحوا لنا وتسللت نظرات الامهات من على شرفات المنازل تدعين لنا والتحق بنا الاطفال فرحين ببهجة كانها عرس ليلية سقوط الطاغية.
بعد إكنمال المسيرة لهدفها والزخم الذي اخذته زاد إصرار الشباب الذين كان منهم من نزل في 15 يناير وما بعدها وكذا شباب 3 فبراير وما بعدها وصولا الى نقطة التجمع الكبرى في 11 فبراير لتكون نقطة انطلاقة فاصله شارك فيها كل الشباب من الجامعات والمعاهد والعمال والموضفين وغاب عنها الاحزاب ولو ان شباب بعض الاحزاب كانت مواكبة للحدث منذ إنطلاقته إن لم اقل انها تقدمت الصفوف الاولى وسينصفها التاريخ على ذلك.
مسيرة صنعاء رافقتها مسيرة تعز ليلتها فالهبت شوراع تعز الحالمة التي لم تنم ليلتها وبقيت ثائرة مضحية دامعة دامية حتى اليوم.

ومنذ ال11 من فبراير مررنا بمحطات عدة لم يتوقف فيها قطار الثورة الا ليلتقط انفاسه ويسعف جرحاها ويدفن شهدائه ويجفف دموع الفراق التي عشناها كل يوم وكل لحضة مع كل محطة جديدة يتقدم فيها الثوار المسيرات فعرفنا مواجهات فبراير ونصب الخيام وتشكيل اللجان ونزول منصة بالبارشوت وتصاعد هتافات الثورة واختلاف الثوار بين الثائر والاكثر ثورية وبين الذين يتسابقون على الشهادة طلبا للنصر.

مرت جمعة الكرامة وسقوط النظام...يومها كان السقوط الفعلي للنظام اخلاقيا والى الابد.

ومرت مؤامرة الخليج وأخدود ساحة الحرية وموقعة النهدين واحتراق اركان النظام المنتهية أي شرعية له في ال18 من مارس 2011 يوم قتل الثوار بدم بارد في ساحة التغيير – صنعاء .

ما تلاها كانت كلها محطات ومنعطفات مهمة لثورة انتصرت ونظام سقط الى الابد رغم إحتفاضه بقوة البطش التي سفكت الدماء وازهقت الارواح لتزداد مسيرة الثورة إشتعالا واتساعا لتصل الى كل محافضات الجمهورية اليمنية من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال ومن اقصى الشرق الى اقصى الغرب...ثورة اليمن بجبالها ووديانها وشواطئها وجزرها ...تعمقت في مسيرة هذه الثورة قيم كانت قد غابت عنا وسحقها نظام صالح...الولاء الوطني...العلم اليمني...النشيد الوطني...الوحدة الوطنية.

لنصل اليوم الى قانون حصانة ضالم تجرعناه علقما حماية ليمننا التي هدد ان يحرقها القتلة ووحدة يسعى الى ضربها الماجورين .

لتتحدد ملامح تسوية سياسية سقفها رحيل صالح وعصابته عن اليمن والى الابد...وتم الرحيل الغير مأسوف عليه يوم ال21 من يناير التاريخي...الى حضن الاب اليانكي في واشنطن.
المشهد لم يكتمل...الحصانة لم تقبل من شباب الثورة....وثورة المؤسسات ماتزال تتفاعل....والثوار لم يغادروا الساحات كما كان يحلم صالح.

قريبا سياتي رئيس توافقيا..نقبله لانه يرمز الى روح وحدة وطنية مهددة...اول رئيس جنوبي لدولة الوحدة...ورئيس وزراء جنوبي لدولة الثورة...

المسيرة لم تنتهي بعد...القطار يسير...ومحطاته القادمة نجهلها ولكننا سنسير اليها بروح الثورة التي جعلت الثائر الحاتمي يرمي بحذائه أحد جهابذة العائلة البائدة , اللواء الطائر...وبالدزمة الطائرة...في القاعدة الجوية ...ليقول هذا الثائر...للثورة السلمية بشبابها...نحن هنا معكم...سننتصر لوطننا وسنستعيد وطننا وجيشنا وبكل الوسائل...ولو بالدزمة القديمة.