الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٥٥ مساءً

القاضي عبد السلام صبره ثائر الوطن...لا ثائر الغنائم

حمير أحمد السنيدار
الاثنين ، ٠٦ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٢٠ مساءً
نصف قرن من الزمان مضت على ثورة سبتمبر والتي كانت تهدف إلى إنتشال اليمن من الجهل والمرض والتخلف, وها نحن اليوم نعيش ثورة أخرى لنفس الأسباب إضافة إلى سبب آخر وهو إستئصال الفساد الذي ينخر دولة سبتمبر!!

وما هذا إلا دليل واضح على أن ثورة سبتمبر لم تستطع إستكمال أهدافها التي إشتعلت من أجلها, بل وأقول بأن كثير من المكاسب التي كانت موجودة قبل ثورة سبتمبر مثل العدالة النسبية بين الناس (مقارنة بما بعد الثورة) والإكتفاء الإقتصادي(وفرة المحاصيل الإستراتيجية) قد تم فقدانها بعد الثورة, والسؤال البديهي هو ما السبب في ذلك؟ وبالرغم من تعدد الأسباب إلا أن أهمها في رأيي هو إنشغال بعض ثوار سبتمبر بغنائم الثورة من مناصب وثروات وأراض من بقية تركة أسرة حميد الدين, في الوقت الذي كانت الثورة يتم سرقتها من أعدائها فكانت النتيجة ما وصلت إليه اليمن اليوم من سوء أحوال أدت بالضرورة لقيام ثورة جديدة بثوار جدد يعلنون جميعاً أن هدفهم هو مصلحة اليمن وإزدهاره, وستكشف الأيام والسنين القادمة نوايا كل واحد منهم وأهدافه.

وفي خضم ثورة الشباب صدمت اليمن وثوارها بوفاة أحد أبنائها المخلصين الشرفاء الذين كانت لهم بصمات واضحة في تاريخ اليمن المعاصر وأحد ثوار سبتمبر الشرفاء, إنه القاضي عبد السلام صبره الذي أسلمت روحه إلى بارئها بعد عمر تجاوز المائة عام, والذي أثبتت الأيام والسنين أنه كان من الثوار المخلصين الذين ثاروا من أجل وطنهم بعيداً عن مكاسب ومنافع شخصية, وأنه ممن قضوا سنين عمرهم وزهرة شبابهم في السجون والإعتقال من أجل أن ينتصروا لقضية اليمن في حقه أن يكون حديثاً متطوراً ومنفتحاً على العالم.

فبالرغم من المناصب والمهام التي أوكلت للقاضي عبدالسلام صبره بعد ثورة سبتمبر إلا أن الواقع أثبت أن هذا الرجل لم يسعى إلا إستغلالها في جمع الثروات الطائلة من تركة أسرة الإمام والتي كانت في حالة سائبة آنذاك لمن هبّ ودبّ.

فمن يعرف حال القاضي عبدالسلام سيجد أن هذا المناضل مات وهو يمتلك بيت في صنعاء على النمط الشعبي يسكنه هو وأحفاده من ولده المرحوم عبدالله والذي كان أيضاَ من طلائع ثوار سبتمبر, حيث يسكن في شقة أرضية بسيطة أسفل البيت, في الوقت الذي نرى بعض أقرانه من ثوار سبتمبر وقد تغير حالهم بعد الثورة إلى أصحاب ثروات طائلة من بيوت وأراضٍ شاسعة وأموال حصلوا عليها بطريقة أو بأخرى من بقية تركة أسرة الإمام أو من خلال المناصب التي تولوها بعد الثورة مستغلين نفوذهم أسوأ إستغلال لمصالحهم الشخصية.

لقد كان القاضي مثلاً يحتذى به وقدوة للثائر الشريف العفيف (ولا نزكيه على الله) الذي جاهد وحُبس وأوذي من أجل أن يرى الخير وقد عمّ اليمنيين جميعاً, لا أن ينشغل بجمع الثروات الطائلة له ولأسرته كما فعل البعض للأسف الشديد, بل لقد كان من التواضع والخلق الجم ما يجعله محبوباً من الكبيروالصغير, فعندما تقابله تجد منه الترحاب وحسن الإستقبال ما يذيب الفارق الزمني الذي بينك وبينه وبما يجعلك تشعر بكم هائل من التواضع في هذا الرجل العظيم, وإذا إستمعت لحديثه تشعر بما يحويه صدر هذا الرجل من إيمان قوي وراسخ ووعي بمجريات الأمور وخبرة حياة تتجاوز قرن من الزمان.

إننا اليوم ونحن نعيش ثورة شعبية تعم اليمن سنجد كم هائل ممن يسمون أنفسهم بالثوار وسنجد كثير من الناس يحاولون أن يثبتوا ثوريتهم وأنهم لا يريدون إلا الخير لهذا الوطن وهذا الشعب بعيداً عن أية مصلحة أو منفعة شخصية, ولكن بالرغم من أنه يجب علينا أن نحسن الظن فيما بيننا إلا أن الأيام القادمة ستظهر وبجلاء حقيقة أهداف كل من يتصدر المشهد الثوري باليمن فنميز بين ثوار الوطن وثوار الغنائم.