الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣١ مساءً

الفيتو الأمريكي ..و نظيريه الصيني و الروسي _ أيهم أخزى ..و أمرّ ..!

محمد حمود الفقيه
الثلاثاء ، ٠٧ فبراير ٢٠١٢ الساعة ١٢:٤٠ صباحاً
كما هو الحال من يوم خرجت الشعوب الانسانية من الحربين العالميتين الأولى والثانية الى يومنا هذا و أسماك القروش الدولية تثير أمواجاً هائلة في بحر الانسانية ، أغرقت المار على السطح و لوثت طريق الحياة بالدماء و نشرت الفوضى في عالمنا و استباحت الارادة و قيّضت الفكر و العقل و احرقت أخضر ما تنبته الأرض و يابسه ..

هكذا أصبح حالنا في الأرض بني آدم تتحكم بأجوائنا و هوانا و مائنا دول الفسق و المجون و الإباحية و عباد الحجر ، نتيجة أمر ضعف يمرّ بباقي الأمم و الشعوب ، و أصبحت هذه الدول الكبيرة في كل معاني الكلمة .. تتحكم ببحار الدنيا كلها ، فتأكل الاسماك من دونها و تبعثر سكون البعض و تدفن البعض في أعماق المحيطات و أخرى تلقيها خارج الحلبة الانسانية مكبلة اليدين و الرجلين و مكممة شفتيها لا تستطيع ان تستغيث بمن تراه من حولها كي ينقذها من أقدامها المزلزلة أو أيديها الباطشة الهالكة ، أهلكت الحرث و النسل و أعدمت المروءة و الحياء الآدمي ، زينت بيوتها نرجس و فل وورود مخملية تعانق حضارتها المزعومة و جعلت من دونها من يجفف و من ينظف و من يمسح الغبار عن الزجاج و آخرين من حولها يأكلون و يستريحون و عيناهم تشاهد الضعفاء و المساكين و ترقب مسلسلاً درامياً ينتهي أبطاله أما بالموت المحقق أو بالشقاء المستدام ..

هذه هي الحضارة الغربية و ما وصلت اليه استنتاجاتها من القيم التي اهتمت بحماية من يكن الى سورها ساكناً تقوم بتوزيع السلم والأمن الاجتماعي الى حضيرتها مقابل توزيع الخوف والموت الى بيوت البسطاء و من قدّر لهم ان يقبعون تحت الذل و الضعف الإنساني ، لا يرقبون في فقير أو ضعيف أو مسكين إلاّ و لاذمة ، انتزعت الرحمة من قلوبهم كما لو أنهم حجارة بل هم أشد قسوة من الريح و الحديد و الماء حين يغمر طوفانه المساحات الشاسعة من الصحراء ، لا يبقي من كان رأسه مطأطاً و لا يذر ، و يقولون للناس ان أردنا إلا الحسنى ، تلك هي أفواههم و تأبى أيديهم إلا ان تعيث في الأرض ظلماً وفساداً .

ومع مرور الزمن أفرز التأريخ الوقتي نتائج أصبحت عظيمة في طور الحياة الانسانية على الأرض ، و صنعت هذه النتائج جسيما مغناطيسياً ضخماً استباح بقعة واسعة في الارادة الانسانية جميعها ، متجاوزاً الهوية للتراب و الهوية للدين و مضى هذا الجسم يتدحرج بفعل الزلازل و الهزات التي تثيرها الحروب بين بني الإنسان ، و أصبح يجرّ اليه الكائن الإنساني و ما يحمله من غرائز و حاجات للمال و الحياة و الشهوة غير آبه بميكنة الدماغ الأنساني ، تمرد على الشرعيات السماوية و تجاوز كل قانون الضمير الإنساني ، لا ينام مستريحاً إلا حين يرى بقعة ما في الأرض في بلد ما تنتهك أجوائها و يقتل أطفالها الساكنون الأمنون أو ان تسلب أرضا أخرى أو يتلذذ بمتاع غيره من البلدان في الثروة و المال .

أنها أمريكا التي يصفها البعض بأنها الشيطان الأكبر ، و لو كانت كذلك لا ستعاذت البشرية منها و استراحت ، لكنها السياسة الخبيثة التي تتمتع بأدهى الذكاء الإنساني و التخطيط الناجح المستمر ، تنادي الى الحرية في بوق يسمعه من في الأرض ومن في السماء ، و توزعها على بيوت من يقيمون على أرضها ، لكنها أشبه بسديم كوني نرى وجهاً منه مشرقاً و خلفه العتمة و الظلام و البقع السوداء ، يحمل الوجه الآخر لهذا السديم الأمريكي عداوة للبشرية أشبه بمصاصي الدماء حين تتلاقى مع مصالحها و حين تتربص بمقدرات الشعوب في كوكبنا الأرضي ، نراها تستخدم شباكها الممدودة على أكثر من 119 موقعا حول العالم ، فتصيد بها الارادة الانسانية و تقتل أي حركة تغطيها ريش الحرية ، و تنظر قبل كل شئ الى وسامها التي سيلتف على كتفيها ، فتقرر ما تشاء في أحياء نيويورك و صالات مجلس الأمن الأمريكي العالمي ، و تلعب بحبال الفيتو أمريكي و النيتو أمريكي يرقص على الأرض ليس بحاجة الى الفتوى أو الشرعية الدولية حين تدق ساعة الصفر الأمريكونيتوية .

بدأ الفيتو الروسي في الظهور حين أدرك ان آخر معاقل حراسته في الشرق الأوسط موشك على الانتهاء و أن يعرف انه لا يسمن من جوع الافريقيين و لا يغني عن من يطالهم الظلم في كل مكان ، لكنه هذه المره استعان بالفيتو الصيني عملاق التجارة والاقتصاد الدوليين في العصر الحديث ، محاولين دغدغة المشاعر الأمريكية المحبطة من ثورات الربيع العربي التي تقترب من الدولة الصهيوامريكية ، في اشارة واضحة الى تقاسم النفوذ و الاستيلاء على مقدرات الشعوب الغربية والإسلامية من جديد و مكامن الثروة ، و لم تمضي مرحلة من المراحل العربية المتوترة ، نجد فيها الدب الروسي يستخدم قوته أبداً ، ليس إلا مشاعر و أحاسيس من منظور قديم قد أفل نجمه ، الاشتراكية الروسية و الاشتراكية العربية اللتان دائماً ما تلدا ميتاً ، و لم تستطع الاشتراكية من يوم خطت سطورها الى اليوم ان تصمد أمام العواصف الدولية ، آخرها الحرب الباردة الروسيامريكية التي انتهت بسقوط الاشتراكية العالمية .

كل ما يسمى "فيتو" أياً كانت هويته داخل أروقة مجلس الخوف العالمي ، إنما هي مسلسلات تشبه الى حد كبير الدراما التركية التي تسببت في هدم الكثير من البيوت التي تتابعها ظهراً عن قلب في المجتمعات العربية ، لأنها ليس سوى نتاجاً إعلامياً نهايته ضياع حقوق الانسان ، و هدم البنية السياسية للمجتمعات الصغيرة و المتوسطة ، و إقرار صكوك دولية باختام من ينتجون هذه الدراما في الساحة السياسية الدولية ليتسنى تسويق مخرجاتهم و بيعها في الأسواق النامية التي لا يوجد بها هيئات المواصفات والمقاييس للمنتجات السياسية .

ولذلك تقع الحجر مثل كل مره على الرأس العربي بما يحمله من أسفار تلك المنتجات السياسية ، و يموت الانسان العربي بارداً بسلام .