الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٥٨ صباحاً

شباب يعيش بالحب بعد أن ضاع بين الأحزاب والطوائف

معاذ راجح
الاربعاء ، ٠٨ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
"جميل أن يموت الإنسان من أجل الحب ، لكن الأجمل أن يحيى من أجل من يحب".

نحن للماضي كل يوم ، لطفولتنا الجميلة ، لتلك العاطفة التي سبحنا خلالها في محيط أسرتنا وجيراننا ومجتمعنا، حتى وصلنا إلى شاطئ شبابنا ، و لا زلنا نحمل تلك المشاعر الرائعة التي اكتسبناها في ظل الحب الذي نشانا فيه وتلك الحياة الحلوة ، التي تذوقنا حلاوتها مع كل قطعة خبز جافة أو قطعة لحم شهية .

لم نهتم بنوع الطعام لأن كل شيء في حياتنا كان جميل ،تنبع حلاوته من القلوب البيضاء التي رعتنا وأغرقتنا في طفولة مثالية ، لا تتأثر مثاليتها بمستوى المعيشة أو الدخل, فهذه المسميات لم نكن نستوعبها بعد .

مرت علينا تلك الأيام مسرعة أو بالأصح خدعتنا حلاوتها ، حيث أسرعت السنين ، لتحط بنا الرحال ، في عالم فُقدت مثاليته ، وضاعت معاني الحب من أناسه ، وتاهت العاطفة الوطنية بين أسماء وهمية ، زادت في صنع المسافات بين مكونات المجتمع الذي كان رائع .

ازدادت المسافات بين مكونات المجتمع وأطيافه ،بينما نحن منشغلين بالبحث عن ماضينا أو قليلاً من العاطفة التي كانت تلون شوارع المدن وتضفي عليها السكينة رغم وحشة الظلمة وشدتها .

عظمة المسافات بين أحزابنا السياسية ،وحاول كل طرف أن يبني حدود خراسانية وان يقويها بمعدات وقطع حديدية بعضها تقذف بنيران الكراهية ، لتحرق بعض المعالم التي نسترشد بها في بحثنا عن العاطفة المفقودة .

لم نعر تلك الحدود أي اهتمام وخرجنا نبحث في تلك المنطقة التي أحرقت فيها العاطفة وذبحت أواصل المحبة بين مجتمعاً عاث فيه الجهل كثيراً ،وتغلغل الفساد بسهولة حين انشغلت العقول المتنورة بالمماحكات السياسية وصنع الأزمات وزيادة الفرقة ، ضناً من كل طرف أن الصواب والحق في جهته ، مما كان يزيد في ارتكاب لأخطأ ويكثر من ضحايا تردي الأوضاع المعيشية والفقر المتزايد .

استمر ينا بالبحث وسط ركام المعركة عن بعض العاطفة ، كنا نبحث في صحراء يضن الضمان فيها ماء ،حتى إذا أتاهوا لم يجده شيء .

وبينما نحن كذلك إذ بنيران الكراهية"الجاهلية" تتساقط علينا من كل حدب وصوب ، أزهقت الأرواح الباحثة عن الحب من كلا الطرفين ، سالت وديان من الدماء الزكية الطاهرة العامرة بالحب .

أشلاء مبعثرة في كل مكان ، أنين جرحى وصراخ ألم يهز الأرض بصواعق تخطف الأبصار ، لتتوقف النيران ، وتتضح حجم الكارثة التي صنعت ، صخور سوداء ، وارض حمراء، جثث متناثرة وبعض الحركة هنا ،أو بعض الأنين والتوجع هناك.

سادت الضبابية الموقف وتلعثمت العقول قبل الألسن ،ليبحث الجميع عن شيء مفقود، لكنه أمل الجميع لإيقاف حمام الدم ونيران الكراهية والفرقة التي أشعلت بقصد أو بدون ذلك.

لا استطيع أن اصف ماذا حدث بعد ذلك فالرواية كنت صعبة وسط الضبابية التي حجبت عنى بعض الأحدث والتحركات وإن كنا نسمع بأن مبادرة أو اتفاق توافق عليه الجميع وسط تشجيع ودعم إقليمي ودولي .

لم نهتم بهذا الأمر ،بل حاولنا البحث عن العاطفة أو ما تبقى منها في قلوبنا بعد أن أحرقت بنيران الكراهية ، تلمس بعضنا بعض ،دون جدوى فالضبابية تعم المكان والزمان معاً.

وفي أثناء بحثنا كانت دماء الشهداء تتغلغل في الرمال أو التراب المحترق تشق طريقها نحوا أعماق الأرض المحتفظة ببعض طيبها، لتتشرب ارض وطننا دماء طاهرة تدفقت من قلوب عامرة بالمحبة و العاطفة ، فأنبتت عاطفة جديدة تشق طريقها للنور وسط ركام المعركة ومن بين أشلاء الشهداء .
جرفتنا في برهة من الزمن بعض النيران المرتدة وسط قانون الانعكاس كرد فعل لبعض البنود المتفق عليها والتي قدم خلالها كل الأطراف تنازلات متفاوتة حرصاً من الجميع على الحفاظ على ما تبقى من الأرضية المشتركة للوطن الذي يتسع للجميع.

نضرنا للجوانب السلبية فقط وتعاهدنا بالوفاء لدماء شهداءنا ، والتي كانت تشق طريقها للنور ،ومع بعض الانفراج ، تسللت بعض جزيئات النور لتقبل الأرض بشوق العشاق وبلهفة المفارق المجبر تتسارع مشاعر المحبة وإن كانت خافته لتدوب فينا من جديد وتظهر بعض المعالم للعاطفة التي نفتقدها من أيام الماضي .

تلاشت بعض الضبابية التي كانت تكتم أنفسنا واتضحت لنا بعض المعالم الجيدة في الاتفاقية مع رفضنا أو قبولنا بها.

الجانب الإيجابي والذي يجعل من الانتخابات الرئاسية في 21 من فبراير بدائية جديدة أكثر من كونه نهائية .

وصار القرار الآن ملكنا نحن ؟ وبخيارين لا ثالث لهما

الأول - إما أن نعود إلى احد معسكرات التفرق و حدود التحزب الضيقة ،وتعود بذلك الأمور للتأزم من جديد بين الأطراف ونكون نحن ضحيتها مرة أخرى .

الثاني - أو الوفاء بعهودنا لدماء الشهداء وحفاظنا على تلك الأرضية المشتركة التي أنبتت فيها ثمار الدماء التي سالت من أجل العاطفة والمشاعر العظيمة التي نبحث عنها لنعيش بعض سعادات الماضي .

أن التضحية الكبيرة التي قدمها الشهداء حتى وصلنا إلى هذه المرحلة المتقدمة من النجاح والتوافق، توجب علينا القيام بأعظم عمل نقوم به وهو الحفاظ على ثمار تضحياتهم بتنمية جوانب المحبة والتقارب بين الأطراف المتوافقة وأن نهي لهم الأرض المشتركة لتسهيل تحلحل خلافاتهم السياسية ،وأن نكون على مستوى التضحية التي قدمها الشهداء بأن نجعل من دمانا سقيا لأرض التوافق ، كلما حاول الجفاف أن يغزوها ، وأن نشكل القوة الضاغطة على جميع الأطراف من أجل النّي بالوطن عن أثار الخلافات السابقة وتوسيع التوافقات القادمة.

وعلينا أن نعلم علم اليقين أن كل الأطراف السياسية في المؤتمر والمشترك وكل قواعدها قد استفادوا من ماضيهم التوافقي ولتناحري، وعرفوا مواطن القوة والضعف والتي لن يقعوا فيها مجدداً ، لنعمل إذاً معاً بعد ذلك لحل أكبر مشكلتين نمت في زمن الخلافات وهي القضية الجنوبية وقضية صعده ولن تستطيع القوى السياسية أحزاب وحراك وحوثي وأطياف أخرى من حل هذه المشاكل دون أرادة المحبة التي نبحث عنها نحن ونفتقدها من الماضي .

علينا جميعاً إذاً وبالذات نحن الشباب مستقلين ومتحزبين متشيعين وسنيين ، انفصاليين ووحدويين ، أن نكون القوة التي تنجح الانتخابات الرئاسية وتفشل المخططات الإجرامية التي تحاك لنا من أطراف عديدة يحسبها البعض صديقة وهي تزرع سمومها في الأرض التي حررها الشباب بدمائهم كمنطقة يضع الجميع عليها أوراقهم.

وعلينا أن نسابق الزمان ونستعيد المحبة التي كانت بيننا ونصل بعض ما قطع بفعل التأزم.

أنني أشتاق لوصل حبيبي وصديقي الغالي ألمؤتمري لنذهب معاً بصحبة جارنا الحبيب الشيعي لحضور زفاف زميلنا الغالي في الجنوب ألحراكي.

وخلال رحلتنا ننثر تحياتنا على كل نقاط الأمن المركزي والحرس الجمهوري الذين يحرصون على الوطن ويضحون أكثر منا ،ونبعث ابتساماتنا للأبطال الجيش الوطني المرابطين في جبهات الوطن المتعددة .

لننثر الحب و مشاعر الأخوة والوحدة وعاطفة الوطنية ولنتخذ القرار الصحيح .

سنشارك في الانتخابات الرئاسية ونرشح رئيس الوفاق الوطني عبد ربه منصور هادي في يوم 21 من فبراير ،لنوفي لشهدائنا الأبطال ونكون خير ما يقال عنا حين إذاً" جميل أن يموت الإنسان من أجل الحب ، لكن الأجمل أن يحيى من أجل من يحب .

وحبيبنا جميعاً هو اليمن وبنفس العاطفة التي غناء بها نجوم ومنشدين وفنانين أغنية "سوا نبنيها" أختم مقالي الطويل بأخر أبيات لأغنيتهم.

أحناء البدر الذي نورة يحنيها....وحنا ألي لما تزعل نراضيها
وحنا المستقبل والحاضر فيها...والعصفور إلي يطرب بواديها

مع إهدائي لكلماتي لكل مبدع منهم ، "لصاحب أو صاحبة" الابتسامة الساحرة والحركات الجميلة و التلويحة الراقية و التي نودع بها ماضي بكل أحزانه ، و بنفس المشاعر ننظر للمستقبل .
شكراً لكم جميعاً على هذا الفن العاطفي الوطني الرائع !!
وسوا نبني اليمن ،ونحميها بعون الله .