الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٠٣ مساءً

العيد الأول لإنطلاقة ثورة الحلم

يحيى الخولاني
الأحد ، ١٢ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
لم يكن ليتصور أبداً صانع المعجزات والمآسي والويلات أن شعبه الذي أمعن في تجهيله وتجويعه وبث الفرقة بين قبائله ومناطقه ومذاهبه سيجتمع عليه بثورة سلمية حضارية أدهشت العالم ولم تكن لتخطر على باله ولا على بال بشر!

ولم يكن من الغريب أيضاً أن تنطلق شرارة الثورة من تعز, ولكن الغريب أن تنطلق بسرعة البرق إلى العاصمة معقل إقامته هو وأركان نظامه وزبانيته وحاشيته ومخابراته وألوية جيشه , صنعاء التي كان يعتقد بأنه يقبض عليها بأسنانه ويده..

إحتل ميدان التحرير في ليلة ظلماء , وكأن التحرير هو المكان الوحيد الصالح لأن يكون ساحة إعتصام إستخفافاً منه بشعبه وظناً منه بأن هذا الشعب ليسوا إلا قردة لا بشراً وأنهم سيقلدون سيناريو الثورة المصرية حرفاً حرفاً وشبراً شبراً!
"إرحل , من يرحل؟!" قالها ساخراً مستكبراً وكلما أمعن في شباب الساحة تقتيلاً زادوا قوة وإصراراً وعدداً ومساحةً حتى كانت جمعة الكرامة الدامية!

وما تلا جمعة الكرامة كان إنعطافاً كبيراً ومفصلياً بل وخطيراً أيضاً في تاريخ الثورة السلمية الخالدة..

في إعتقادي أن النظام قبل إنقسامه وبكل كينوناته كان سيتهاوى دفعة واحدة لو أنه إرتكب حماقة أو حماقتين فقط كحماقة إرتكابه لجريمة جمعة الكرامة الدامية..

هناك من ينظر إلى أن الفرقة الأولى مدرع حمت ساحة التغيير وأنا أرى أن الأمر معكوس تماماً !

أنا هنا لا أؤيد فكرة أن إنضمام علي الأصغر إنما هي خطة مرسومة من علي الأكبر , وإنما ما جرى هو محاولة إنقاذ علي الأصغر لنفسه قبل أن يجرفه الطوفان مع علي الأكبر!

نعم قوة الثورة كانت وما زالت في سلميتها , ولكن ليس هذا فقط , كانت قوتها في عفويتها وأصالتها وصدقها أيضاً وأنها بهذه المكونات صنعت من نفسها طوفاناً متزايداً جراراً كان سيجرف كل قلاع النظام لو لم يُبنى أمامه سداً بحجة حمايته!
ومع ذلك الثورة لم تمت , والثورة باقية , وعلينا أن نعي حساسية هذه المرحلة جيداً , وبأن نستفيد من الأخطاء السابقة ونحاول أن نتداركها قبل فوات الآوان , يجب علينا أن نواكب المرحلة وبألا نكتفي بالرفض دون طرح حلول بديلة!

لا أحد يختلف معي بأن الثورة شهدت مخاضاً صعباً وبأنه كان لابد من إجراء عملية قيصرية لإنجاحها , وبأن المبادرة الخليجية لم تكن هي حلم الثورة والثوار ولكنها شكلت الحل الوحيد والآمن والمتاح للخروج من هذه المرحلة الصعبة..

أياً يكن الرفض ليس حلاً دون طرح بديل آخر!

وفي المقابل ليس حلاً أيضاً تخوين وضرب وتهميش الرافضين لهذه المبادرة , فالثورة قامت ضد الإستبداد لإسقاطه وليس لإستبداله بآخر!