الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤٠ مساءً

الإتحاد الإفريقي ... صراع فرانكفوني - أنجلو سكسوني برعاية صينية

علي حسن الخولاني
الأحد ، ١٢ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
قبل أيام انتهت أعمال القمة العادية الثامنة عشرة للإتحاد الإفريقي، بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، هذه القمة التي تعتبر الأولى منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي، أحد الداعمين الأساسيين للإتحاد ب15 بالمائة من ميزانيته.

معركة لم تحسم بعد :

حدثت خلال هذه القمة معركة دبلوماسية / انتخابية من أجل الفوز برئاسة مفوضية الإتحاد [ الأمانة العامة ]، كون منصب الرئيس يعتبر رمزي، وكانت هذه المعركة بين جنوب إفريقيا [ المحرك الاقتصادي للقارة ]، والتي لا تخفي طموحاتها الإقليمية، في مواجهة الغابون الذي يسعى مرشحها لولاية ثانية تدوم أربع سنوات. وبشكل أدق، فإن المعركة دارت في الواقع بين إفريقيا الجنوبية الناطقة باللغة الإنجليزية، وإفريقيا الغربية الناطقة باللغة الفرنسية، ومن بين الانتقادات التي وجهتها الدبلوماسية الجنوب أفريقية [ نكوسازا دلا ميني زوما وزيرة الخارجية السابقة لجنوب إفريقيا والزوجة السابقة للرئيس جاكوب زما ] في الأروقة الخاصة بالإتحاد، أن رئيس المفوضية المنتهية ولايته والمرشح لولاية جديدة الغابوني " جان بينغ " أنه فشل في إسماع صوت إفريقيا في الأزمات التي ألمت بها، خاصة في العام الماضي، وبالذات خلال الثورة الليبية التي أطاحت بالعقيد " معمر القذافي " بدعم عسكري جوي من قبل حلف شمال الأطلسي.

أما بالنسبة للدبلوماسيين المؤيدين للغابوني " جان بينغ " فيعتبرون أن جنوب إفريقيا ليست في موقع يخول لها إعطاء الدروس في هذا المجال بعدما صوتت بريتوريا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار الذي أجاز لحلف الناتو فرض حظر جوي على الأجواء الليبية، قبل أن تأسف فيما بعد على تصويتها معتبرة أن الحلف تجاوز حد تفويضه وعمل من أجل إسقاط " معمر القذافي ".

وعندما جرت الانتخابات لم يستطع أي من المرشحين أن يحرز الأغلبية المطلوبة [ الثلثين ] بالرغم من إقامة أربع جولات، وفي الجولة الأخيرة [ الرابعة ] كان فيها ممثل الغابون المرشح الوحيد، ومع ذلك لم يستطع أن يحصل على الأغلبية المطلوبة، بفارق أربعة أصوات [ 32 صوتاً وعشرون بطاقة بيضاء ]، وعليه تم تمديد ولاية المفوضية وكافة أعضائها لمدة ستة أشهر أخرى، حتى القمة القادمة المقرر إقامتها في ليلونغوي عاصمة مالاوي في شهر يونيو من هذا العام. وفي اعتقادي إن مثل هذه الانقسامات تبرز مدى التغير الذي طرأ على توازن القوى في القارة الإفريقية بعد مقتل العقيد الليبي " معمر القذافي ".

أما بالنسبة لنتائج القمة، ففي اعتقادي أنها غالباً ما تخضع لمنطق التنافس بين إرادات القوى الكبرى في هذا العالم شرقاً وغرباً. وسأتناولها في مقالة قادمة إنشاء الله.
الدخول الهادئ للصين :

من الملاحظ أن اجتماعات القمة الثامنة عشرة للإتحاد الإفريقي جرت في مبنى جديد مولته وشيدته الصين بمبلغ 200 مليون دولار [ 154 مليون يورو ] ويبلغ ارتفاع المبنى 99 متر [ ثلاثين طابق ] وهو أعلى بناية في إفريقيا حسب ما يؤكد مصمميه، وقد دشنه مستشار الرئيس الصيني الذي اعتبر ضيف الشرف، وفي اعتقادي ومن خلال هذه الرمزية تريد الصين أن تقول للقوى المنافسة لها على موارد إفريقيا أن العصر هو عصر التنين الصيني وأن الإرادة الصينية هي من ستقود إفريقيا في المستقبل.

ويبدو أن هذا بداية لتجسيد عملي لما تحدث عنه الرئيس النيجيري حينها " أوبا سانجوا " في إحدى القمم الإفريقية، نيابة عن العديد من القادة الأفارقة، والذي قال" القرن الواحد والعشرون هو قرن الصين لقيادة العالم، وعندما تتولون قيادة العالم نريد أن نكون ورائكم مباشرة، وعندما تذهبون إلى القمر، لا نريد أن نترك في الخلف ". وهذا إقرار بإنجازات الصين التقنية في مجالات متنوعة مثل أجهزة الكومبيوتر والطاقة النووية والفضاء الخارجي ...

العلاقات الصينية – الأنغولية :
وفي إشارة إلى مكانة الصين في القارة الإفريقية على حساب القوى الغربية وشركاتها المتعددة الجنسية، أورد المثل الأنغولي الذي يتكرر في أغلب دول القارة، حيث أكدت الحكومة الأنغولية ، إن الصلة مع الصين هي مصدر رئيس للاستقلال المالي من الضغوط التي مارسها عليها صندوق النقد الدولي لتلبية معايير المساءلة. وقد تأكد ذلك بعد وقف المفاوضات مع صندوق النقد في عام 2007 حيث قال مسؤولون أنغوليون أن لهم شركاء آخرين يمكن أن يلجئوا إليهم للحصول على ما يحتاجون إليه من قروض. حيث يؤكد المسؤولين الصينيين أن " الصين تقدم المساعدات لإفريقيا بعميق الإخلاص ومن دون شروط سياسية " ويؤكدون أيضاً " أن عدم التدخل [ في الشؤون الداخلية للدول التي تأخذ المساعدة ] هو علامتنا التجارية مثل ما هو التدخل العلامة التجارية لدى الأمريكيين " .

وعموماً أصبحت أنغولا منذ العام 2002 المزود الرئيس في إفريقيا لحاجات الصين من النفط، حيث توفر لها 15 بالمائة من جميع وارداتها النفطية.