الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٠ صباحاً

إلى الرئيس صالح... كن بطلاً وانسحب بهدوء

حمير أحمد السنيدار
الاثنين ، ١٣ فبراير ٢٠١٢ الساعة ١٢:٣٠ صباحاً
أيام قليلة تفصلنا عن إنتخابات يوم 21 فبراير والذي سيكون بالفعل يوم تاريخي لليمنيين عامةً وللشباب خاصةً, ذلك أن الشباب اليمني سيرون ولأول مره في حياتهم رئيساً لهم غير على عبدالله صالح ويالها من تجربة جديدة سترتبط بإذن الله بأذهانهم بعد أن حرموا منها فترة جيل كامل.

إن أكثر ما يشغل اليمنيين اليوم هو مدى إمكانية أن تتم الإنتخابات بسلام وقدرتها على إحداث التغيير المنشود, الغريب في الأمر أنه بالرغم من هدوء الأوضاع نسبياً باليمن حتى الآن وقرب الإنتخابات والحملة الإعلامية المنتشرة لها إلا أن كثيراً من عامة الشعب مازال في خوف وريبة من إحتمالات حدوث شيء ما يعكر هذه الأجواء بل ان البعض يشكك في حدوث الإنتخابات نفسها, علماً بأن هناك نطاق واسع من الشعب اليمني يشكك في نوايا الرئيس صالح حتى لو تمت الإنتخابات على خير, فهناك إعتقاد سائد بأن الرجل لن يدع الرئيس القادم وشأنه بل سيسعى إلى إفشاله وعرقلة أي تقدم أو تغيير يمكن أن يحدثه رغماً أنه نائبه السابق الذي أختاره بنفسه والمنتمي لحزبه.

لا شك بأن الرئيس علي عبد الله صالح مازال يسيطر على قوة لا يستهان بها من الجيش والأمن, فالحرس الجمهوري بألويته وكذلك قيادة المنطقة الجنوبية وغيرها من ألوية بالجيش والقوات البحرية والجوية مازالت واقعياً تحت إمرته وتصرفه إضافة إلى قوات الأمن المركزي والنجده, أي أن الرجل يمتلك قوة ضاربة مدججة بأسلحة حديثة ومدربة يستطيع بها إشعال كل شبر في اليمن هذا لو سلمنا بأنها لا تستطيع السيطرة على البلد بأكمله ولو عن طريق حرب طويلة أوقصيرة المدى, بل إن الرجل يمتلك من مخازن السلاح السرية وغير السرية والأموال الضخمة ما يمكنه من التدخل في شؤون إدارة البلاد لسنين حتى بعد إنتخاب الرئيس الجديد.

ومع ذلك هناك مسببات قوية المفترض أنها تجعل لدي الرئيس القناعة المرّة بأن عليه ترك السلطه وتسليمها لغيره, من هذه المسببات عامل السن الذي ناهز السبعين وصحته المتدهورة خاصة بعد حادثة جامع النهدين إضافة إلى المآل الذي وصل إليه زملائه في الحكم بالذات القذافي الذي حاول أن يستخدم القوة ضد من ثاروا عليه ففشل وقتل في النهاية شر قِتله, ولقد جرّب الرئيس صالح كل المحاولات سواء السياسية أو العسكرية أو حتى البلطجية ولم تؤتي أية ثمار تذكر بل على العكس كانت وقود أشعلت الثورة أكثر فأكثر, فبالتأكيد أنه لو كان الرئيس صالح قد إستجاب لشعبه من بداية الثورة ما كان السخط الشعبي ضده سيصل إلى هذا المدى الكبير, بل سيجد تعاطفاً كبيراً من عوام الشعب اليمني الذين سينظرون إليه نظرة إحترام لمن تخلى عن السلطة في أوج قوته لمصلحة اليمن وحقناً لدماء شعبه.

مما سبق يمكن القول بأن الرئيس صالح بيده قرار إستغلال ما لديه من قوة سلاح ومال في إفساد فرحة التغيير على اليمنيين أو أن يترك اليمن وشأنه وأن يقبل بأن يكون جزء من ماضيه بسلبياته وإيجابياته وأن لا يجر اليمن إلى صراعات إنتقامية وحروب مفتعلة قد تضاعف آلام وأعداد الضحايا, لو فعلها الرئيس وتغلب على نوازعه الشخصية في الإنتقام وكذلك على الضغوط التي يفرضها عليه أصحاب المشاريع الصغيرة ممن حوله والذين أبداً لا يهمهم أمره بل همهم الأول والأخير أن يحتفظوا ولو ببقايا سلطة حتى ولو كلف ذلك دماء اليمنيين أو دم الرئيس نفسه, وبالرغم من كوني مناهظاً لحكم الرئيس صالح والأسلوب القمعي الذي أتبعه أثناء الثورة إلا أنني أعتقد أنه مازال لديه فرصة القيام بدور البطولة الأخير في حياته (فيما يبدو) لذا أقول له : كن بطلاً وانسحب بهدوء.