الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً

المعارضة وتحدي المصداقية

عبدالرقيب اليوسفي
الاربعاء ، ١٥ فبراير ٢٠١٢ الساعة ١٠:٥٤ صباحاً
قبل هبوب رياح الثورات العربية وعندما كان حزب المؤتمر الشعبي العام يمسك بزمام الحكم في وطننا الحبيب , وكانت بقية الأحزاب الفاعلة على الساحة اليمنية وخصوصا تكتل أحزاب اللقاء المشترك تمثل المعارضة السياسية في البلد , كانت خطابات المعارضة وتقاريرهم التي كانت تستند أساسا إلى تقارير دولية تتحدث عن حال الدولة والنظام اليمني وفي أغلب مجالاته وعلى اختلاف قطاعاته سواء سياسيا أو اقتصاديا أو أمنيا أو اجتماعيا إلى غيرها من المجالات.

لقد كانت هذه الخطابات الصادرة عن المعارضة تركز على كثير من جوانب الفساد المستشري في أغلب أجهزة الحكم – إن لم تكن كلها- وتنتقدها , مبينة أوجه القصور والانحراف الكبير فيها , ومفندة ما ترى أنه مواقع الخلل وسوء الإدارة والتسيب والنهب الموجود وتذكره بالأرقام والتحاليل الدقيقة المدعومة بآراء الخبراء وتقارير مراكز الأبحاث المعنية بالشأن اليمني سواء ما كان منها داخليا أو ما كان خارجيا.

اليوم وبعد مرور عام التغيير اللاإرادي للأنظمة العربية المتساقطة تباعا والممهور بتوقيع الشباب العربي الحر الأبي, تقف المعارضة اليمنية ممسكة برأس الحكومة ونصف مقاعدها , كإفراز من إفرازات هذا التغيير والذي نتج عن حالة التوافق السياسي الذي نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والمقدمة لحلحلة الوضع اليمني والخروج من عنق الزجاجة التي وصلت إليها الثورة الشبابية الشعبية نتيجة تمترس النظام الحاكم ومراوغاته وتهربه عن الاستجابة لمطلب غالبية الشعب اليمني في رحيله والتي كانت تنذر بكارثة وشيكة على البلد –لا قدر الله-.

وكلنا يعلم أن غالبية وجوه وكوادر المعارضة والجالسة اليوم على كراسي وزارات الحكومة المسلمة لهم بحسب المبادرة, هي وجوه ألفناها مسبقا وعرفناها معرفة إعلامية من خلال مواقفهم وتصريحاتهم وتحليلاتهم وانتقاداتهم لما يسمى من وجهة نظرهم (جوانب الفساد والنهب والعبث الممنهج) والذي كانت تعيشه الحكومات اليمنية المتعاقبة وخصوصا بعد انفراد حزب المؤتمر الشعبي العام بالسلطة وبالتالي فإننا نحسبهم مدركين وواعين لكل جوانب القصور التي كانوا يلاحظونها في أداء هذه الوزارات ومن خلال كلامهم وانتقادهم السابق لها يتبين لنا أنهم كانوا يقارنون ما هو واقع بما كان يجب أن يكون , وبالتالي فمعرفتهم بها يوجب أن تكون لديهم الحلول العامة والمعالجات الممكنة لسد القصور الموجود فيها وتغيير الواقع المؤلم الذي كانوا يصفونه.

ونتيجة لذلك فإن المطلوب منهم اليوم هو البرهان على أن ما كانوا يتحدثون عنه سابقا –وهم في موقع المعارضة- من جوانب قصور وخلل ويؤكدون على إمكانية معالجتها بتغيير السياسات وتنقية الإدارات ووجود الإرادات هو اليوم قابل للتطبيق والإصلاح وبحسب رؤيتهم السابقة –بفرض أن يترك لهم المجال- ولو بشكل جزئي أو فردي وذلك من خلال الوزارات التي بأيديهم وهذا فقط ما سيبني لهم الرصيد الشعبي الفعلي والحقيقي وسيبرهن على أن النظام السابق كان عقبة كئود أمام نمو وتطور المجتمع بسياساته الخاطئة وممارساته الحمقاء التي كانت تدمر اقتصاد البلد وتؤخر نموه وتطوره وعملت على توسيع دائرة الفقر والتخلف والمرض وحولت البلد إلى سراديب مظلمة تحمل في دهاليزها الخطر والموت وتفوح منها روائح الفساد والتخلف.

إن ظهور بوادر حسن الإدارة ورشد السياسة في مواقع الوزارات المستلمة من قبل الوزراء المحسوبين على المعارضة هو الدليل على صواب تحليلاتهم السابقة عن جوانب القصور ومواقع الفساد الذي كان مستشري في أجهزة الدولة ومرافقها المختلفة , كما أنه البرهان على نزاهة نواياهم وتوجهاتهم أفرادا وأحزابا وتكتلات وتصديق لأقوالهم وشعاراتهم التي كانوا يرفعونها من خوفهم على مصلحة البلد والمواطنين وأمنياتهم في إصلاح الأوضاع وتغييرها وسعيهم الحثيث في هذا المجال ومقارعتهم الدائمة للنظام من أجل تحقيقها.

فهل يعي كل هؤلاء ومن يقف وراءهم من الأحزاب والتكتلات أنهم وكما وضعوا بقايا النظام على المحك بتوقيع المبادرة الخليجية , فإنهم قد وضعوا رقابهم وأحزابهم تحت مقصلة الشعب عندما قبلوا الدخول في تشكيل حكومي خليط غير ممزوج ولا متجانس على شاكلة ما حصل عند إعلان الوحدة عام 90م وكانت نتيجته الطبيعية أحداث صيف 94م.