الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٥١ صباحاً

رداد السلامي عن فرج بن غانم : تموت وحيدا في اليمن يحاربك المتدين الجاهل..يعاديك الماركسي المتطرف..يقمعك الحاكم المستبد..ويستغلك الانتهازي اللئيم..وتلف

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
ما زالت ذوات من يطلق عليهم أو يطلقون على أنفسهم "نخب" مليئة بركام التخلف وإن بدت واجهة الصورة عكس ذلك..فكثيرا ما يخدع المنظر عين الرائي وكثيرا ما يكون القلم معيارا مختلا في تقييم الكاتب..
في اليمن نخب أغلبها مسكونة بعشق الماضي..مشددوة إليه في أعماق اللاوعي..نخبٌ مليئةٌ بالتعصب المذهبي والمناطقي والقبلي..تقسيمية تتناسل في أعماقها مفاهيم الارتداد والانحطاط ،في الممارسة يكون الجانب المتخلف هو المسيطر على فكر النخب وهو الموجه لها من خلال مسكونات ماضوية قديمة تأبى إلا أن تكون هي الجاهزية في مسألة البت في قضايا المجتمع ومشاكله..تنطلق النخب بكافة تكويناتها وتشكيلاتها حين تمارس حياتها وعلاقاتها ومواقفها من صلب التقاليد وأعراف القبيلة وإملاءات المذهب ..حتى قيم الدين السامية لم تعد ذلك الموجه والمحدد ..فكثيرا ما يلغى الدين وتستباح مفاهيمه ليسيطر العرف وتفرض إرادة الأقوى وتتحول إلى دين يدين به المجتمع ولا مناص من الالتزام بشريعة القوة.. يخاتل المثقف اليمني ذاته وحين يجد أن ثمة ما يرغمه على استساغة أعراف الهيمنة والقوة والقبيلة ومفاهيم الجمود يتعاطى معها ويحاول أن يجد له مكمن قوة وموطئ قدم ودرعا يقيه ضربات المستبدين وينحاز قلمه إلى فكر الموت والاستبداد من أجل أن يكون في محل رفع فاعل ولو على حساب القيم والمثل التي كان يتغنى بها ..لايستطيع صاحب الفكرة الحقيقية والرؤى الخلاقة أن يحيا في مجتمع مكدس بأفكار ميته وأخرى قاتلة حيث لا سيادة للضمير ..ولا مكان للأخلاق ولا فسحة لقلب يحمل في دواخله هم التعايش السلمي والاختلاف الشريف ..
في اليمن يحاربك المتدين الجاهل..يعاديك الماركسي المتطرف..يقمعك الحاكم المستبد..ويستغلك الانتهازي اللئيم..وتلفظك أفواه القبيلة لأنك لم تنسجم مع أفكارهم ولم تقبل التحريف والمداهنة وفكرة الصراع المستمر كجدلية لابد منها..
في اليمن ستموت شريفاً..لكن لاقيمة لك..شامخا لا طودا يعلي هامتك..فريدا لاقريبا يواري ما تبقى منك ثرى الأرض..لن يقبلك كما أنت برؤاك وتفكيرك حاكما ومعارضة..سيتحتم عليك أن تكون قطعة سكر ذائبة في فناجينهم كي يشربوك..أو يتركوك نهشا لمخالبهم ومرمى لأهدافهم ..وشيئا حقيرا يمتطى إلى أمجادهم المصنوعة من جماجم الضحايا وأنات المشردين في شوارع الضياع..
في اليمن لاتوجد حرية الرأي والرأي الآخر ولكن سلطة القمع والقمع الآخر ..مسلسل مشاهدة التقطت في دهاليز الرعب والدمار ..لاترفرف حمامة للسلام أوتنمو شجرة للحرية إلا وقُيض لقطعها ألف فأس بدءً بفأس الحاكم وانتهاء بفأس الرقيب في صحف المقايضة والمعارضة والتبرير لمسلسل الحزن ..والخبز المفقود..