الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥٣ صباحاً

مواقف مؤيدة للرئيس الفائز ... فهل نائبه من الشباب أم من العجائز ؟!

د. علي مهيوب العسلي
الثلاثاء ، ٢١ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
من خلال المتابعة لما يجري في الساحة اليمنية من استعدادات لتنصيب عبده ربه منصور رئيسا للبلاد بعد يوم الواحد والعشرين من هذا الشهر يصاب المرء بالدهشة والذهول من مواقف وتصريحات لأناس كانوا إلى وقت قريب، إما من سدنة الرئيس علي صالح وأصبحوا في النقيض تماما ،أو من أناس كانوا ضد النظام السابق بكل رموزه وأصبحوا الآن ينظرون للعزيز عبده ربه من انه هو المنقذ الوحيد لهذا البلد ولن يتحقق ذلك إلا إذا هب الشعب اليمني كله للتصويت له باعتباره مرشح التوافق !

الغريب أن شباب الساحات الذين كانوا إلى ما قبل التدشين للحملة الانتخابية التي بدأت منذ اقل من شهر منسجمين بما يقولون ويفعلون , فجأة انقلب كل ذلك إلى العكس ،وتحولوا إلى مادة إعلانية للترويج للانتخابات ،بل وأكثر من ذلك تحولت توكل كرمان كما توقعنا ذلك في مقال سابق بان خروجها من اليمن قد اكسبها تعلم السياسة من أوسع أبوابها بل وفي اعتقادي قد غلبت السياسيين المخضرمين في المزايدة عندما أعلنت تأيدها للمرشح عبده ربه منصور بل وذهبت بعيدا عندما أعلنت بان الانتخاب يوم الواحد والعشرين هو عمل ثوري وتحدت الذين لا يعتبرون ذلك أن يخرجوا من اليوم التالي لإسقاط عبده ربه وقالت ما معناه إن من لم يوافق فهذا هو العجز الثوري والفشل السياسي ونست أو تناست لو استحضرنا لها مقولاتها وشعاراتها التحريضية للشباب لإسقاط النظام وعدم اعترافها بكافة أشكال الحوارات والمبادرات والياتها التنفيذية وان الثورة والثوار لم ولن يعترفوا بذلك وأنهم سينجزون ثورتهم وسيحققون أهداف ثورتهم دون المرور بالمبادرة بل وشنت حملة على الشقيقة الكبرى فما الذي جرى يا تواكل !

أما العزيز فؤاد الحميري الغالي الشيخ المحامي الخطيب المفوه الشاعر المتكلم المتحدث المنسق صاحب فكرة المنسقية الشهيرة التي لا يوازيها ولا يساويها احد هي الأكبر من حيث الجسم بالنسبة لبقية التكتلات في الساحة فقد أتحفنا بالزحف نحو السبعين ولكن ليس من خلال المسيرات والاعتصام ولكن عبر صناديق الاقتراع في الواحد والعشرين من فبراير ،أي في يوم غد ،فكيف ستزحف إلى دار الرئاسة عزيزي الغالي واحمد مازال هناك ينتظركم!

أما اليدومي الغائب عن الظهور منذ بداية الثورة والذي كما يقال يعتبر الثاني بعد جمال بن عمر في انجاز المبادرة الخليجية والياتها التنفيذية من خلف الأضواء ظهر أخيرا بخطاب حماسي وثوري وعاطفي ومترفع عن الصغائر وأشاد بكل الشعب اليمني في انجاز الثورة بكل فئاته وان اليمن يحتاج إلى كل أبنائه لبناء اليمن الجديد ولكنه حذر من أولئك الذين يريدون جر البلاد إلى الحروب وتوعدهم في الهزيمة ،والحقيقة إنني كنت احد المتلهفين لسماع رئيس التجمع اليمني للإصلاح باعتباره اكبر حزب قدم وضحى في هذه الثورة وكنت أتمنى أن اسمعه لكي اطمئن على مستقبل اليمن مثلي مثل غيري الكثيرين فوجدته دقيقا ومرتبا ويبشر بخير غير إقصائي مؤمن بحقوق المواطنة يرفض التوريث يؤكد على حق المرأة وقضايا كثيرة تناولها لا يتسع المجال لذكرها ولكن السؤال لماذا احتفل مبكرا قبل الانتخابات بالنصر المؤزر وهو الذي شكك بان بقايا النظام لازالوا متمترسين خلف دباباتهم وأسلحتهم؟!

أما اللواء علي محسن فقد أذهل الجميع بذكائه الحاد في المواقف واختيار الوقت المناسب لإشهاره أو التصريح به ،فبما يخص الانتخابات فقد صرح تأيده للمرشح التوافقي بعد أن أعلنوا الشباب تأيدهم للمرشح عبده ربه هادي في الساحات وفي جمعتهم التي سموها صوتك مكسب للثورة ، رغم علمنا جميعا من أن اللواء علي محسن هو من الذين أسهموا في انجاز المبادرة والياتها التنفيذية .كذلك كنت قد أشرت في مقال سابق قبل اكثر من أربعة أشهر في رسالة عاجلة إلى اللواء علي محسن من جملة تلك الرسالة أن يفتح حوارا مع الحوثين تيمنا بما فعل الشيخ صادق الأحمر عندما قال للحوثين عداكم العيب..الشاهد في الأمر أن اللواء علي محسن يختار الوقت المناسب في إبداء مواقفه عندما ذكر بأنه على استعداد على الاعتذار الشخصي لأي شخص وعليه لا يرى مانعا من الاعتذار للحوثين على المستوى الشخصي لا على مستوى المنظومة أي النظام وهو بذلك قد أدان النظام على حروبه الست على الحوثين وأهل صعدة عموما ،لكن سؤالي البريئ هو لماذا الآن قال اللواء هذا الكلام ونحن قبيل الانتخابات والحوثيين قد أعلنوا رفضهم للانتخابات ؟ في اعتقادي هنا تتجلى البراعة والتميز الواضح بين موقف الشخص أو الجهة أو الحزب وبين موقف الآخرين وبالتالي احترام مواقف الآخرين. أتمنى أن يتعلم من هذا اللواء قادة الأحزاب السياسية!

ودائما وأنا أراقب المشهد السياسي أسئل نفسي هل حكم الرئيس صالح كل هذه الفترة بالبركة أم أن هذا الشعب كما يقال عنه شعب "عرطة " ؟ ؛إلى أن جاءت الثورة وتعرفنا على اللواء علي محسن أدركنا انه حكم كل هذه الفترة بعقل علي محسن الذي كان دائما خلف الأضواء، كذلك أيد المرشح التوافقي هادي اللواء محمد علي محسن رغم ما كان يشاع من أن الرئيس قبل سفره التقى أبناء حاشيته الذين معه والذين ضده وعمل معهم مصالحة وان من بين الذين عمل معهم مصالحة هو اللواء محمد علي محسن ،لكن تأيده للمرشح ومباركته لما أنجزته الثورة يفند تلك المزاعم .لكن ملاحظتي هي في هذا المقام لماذا فقط القادة المنضمين للثورة هم من ظهروا للإعلام ولم يظهر بقية القادة الموالين للرئيس صالح على الإعلام ويؤيدوا المرشح التوافقي كما فعل الموالين للثورة؟!
أما المرشح التوافقي عبده ربه منصور كان خطابه الأول اعترافاً ضمنياً بدور الشباب وتجاهل صالح ، أما في الخطاب الثاني فقد تجاهل الشباب وأشاد بصالح ،فقد وصف ما يجري في اليمن من أنها أزمة وانه كان زاهدا في طلب السلطة وطالب الجميع إعانته في بناء الدولة المدنية القائمة على العدل والمواطنة المتساوية ولم يخرج عن المهام المحددة له بالآلية التنفيذية من المبادرة الخليجية ،وقد أشاد بصالح وطالب الجميع أن يحذوا حذوه، في العموم كلام جميل مرتب مكتوب بعناية يحتاج إلى تطبيق .

بعد ما عرضت بعضاً من المواقف والتأيدات من بعض الأحزاب والقادة العسكريين وكذا قسم كبير من الثوار في الساحات ،أعلن امتناعي عن التصويت ليس كرها لعبد ربه منصور وليس انتقاما من علي صالح وليس تخندقاً بجانب طرف من الأطراف ولكي لا يساء الفهم ، وأوصف بأنني حوثي ،أو حراكي ،أو آمن قومي كما يطيب هذه الأيام لبعض القوى المؤيدة للانتخابات وصف كل من له رأي مخالف ،أحببت أن اصف نفسي ٍبالممتنع (أي المتحفظ) وليس المقاطع ،وهو عمل ديمقراطي ،وكوني متحفظ أريد أن أوضح أسباب تحفظي وهي كما يأتي:

1. التأكيد على أنني مستقل ولست متحزب والمبادرة والياتها تلزم من وقع عنها.

2. إن ما سيتم يوم غد هو انتخاب وليس استفتاء والانتخاب يتطلب المنافسة والمنافسة غير متحققة ،وبالتالي لا اسمح لنفسي أن أتقطرن كما قطرن الإمام شعبه قبل اكثر من 50عام.

3. عندما أعلنت انضمامي إلى الثورة تأيدا للشباب الذين أعلنوا ثورتهم لإسقاط النظام و منظومة الفساد ،وأنا أرى أن النظام لم يسقط ولا منظومة الفساد في طريقها للزوال بدليل ما يجري في هذه الأيام من نزول الوزراء إلى المحافظات كما كان يتم بالضبط في الانتخابات السابقة بالرغم من أن المرشح هو حيد،وكذلك المبالغة في نشر الصور للمرشح وكأننا نصنع صنما جديدا ولا أحب أن أكون من بين من يفعل ذلك .ولذا انصح مرشح الرئاسة إذا كان يريد النجاح أن يتجاهل كل المزايدين من كافة الاتجاهات وان يأمر بإزالة كل صوره بعد تنصيبه وان يعمم شعاره المرفوع لانتخابه وهو العلم اليمني وفي كل المكاتب الحكومية،ونصيحة أخيرة أن لا يسكن في دار الرئاسة مطلقا لأنه من غير المعقول بعد الدماء الذي أزهقت أن يكون رئيسنا القادم ساكن في مساحة لا تقل عن ثلاثة وثلاثين الف متر مربع وانصحه أن يحوّل دار الرئاسة إلى دار للأيتام وجامع الصالح إلى جامع للشهداء وكلية علمية لتعليم أبناء الشهداء اليمنيون جميعا.

4. امتنع عن التصويت أيضا أن المبادرة والياتها لم تكن بتوافق يمني وإنما فرضت من الخارج وأنا كيمني لا أرضى لنفسي أن أكون تابعا لأي طرف إقليمي أو دولي .

5. امتنع عن التصويت لأنني أومن بان الديمقراطية لا تستقيم إلا بوجود معارضة .

6. امتنع عن التصويت لان نائب الرئيس خلال الشهرين لم يستطيع ان يحل المعضلات الكبرى مثل هيكلة الجيش وتغيير الفاسدين ولا أظنه يستطيع فعل ذلك بعد الانتخابات.

7. امتنع عن التصويت وأنا أرى من يديرها في صنعاء نائب الرئيس الأمريكي لشؤون الإرهاب.

8. أخيرا وأنا ممتنع عن التصويت وأنا لست رقما ولا ادعي ذلك ولست حزبا عريضا طويلا ولم أمارس التحريض ولا انهج العنف في سبيل إعاقة الانتخابات وأتمنى من كل قلبي أن تكون الأسباب التي بنيت عليها قناعتي مخطئة وان يكون الرئيس الفائز موفقا في بناء الدولة المدنية الحديثة عندها فقط سأعلن تأيدي له بما يحقق أهداف الثوار التي خرجوا من اجلها وتخلى بعظهم عنها مؤقتا بكل تأكيد.

اختم مقالي ما عنونت به مقالي من انه لابد أن المرشح الرئاسي سيختار له نائبا ،ولا اعتقد انه سيمارس ما مورس عليه منذ توليه نائبا للرئيس وبخاصة عندما سمعت خطابه الثاني وما فيه من زهد لديه أتمنى الاستمرار في ذلك .أقول طالما والمنطق يحتم على النائب تعيين نائب له بعد انتخابه فهل سيختاره بالتوافق ،أم سيختاره بحسب إخلاص الجهات له في التحشييد للانتخابات ، أم سيختاره طبقا لقناعته فقط ،ثم ما هي معايير الاختيار هل هي الكفاءة ، الشفافية ،الصدق ،كل ما سبق ،وهل قد تشكلت لديه قناعة ممن حاورهم في الفترة السابقة ،أي من العجزة ،أو من الشباب ،أو من التكنوقراط ،أو من العسكريين،إذا كان من العسكريين ،فهل تم ذلك بالاتفاق مع الرئيس ضمن صفقة بان يكون احمد علي نائبا للرئيس ،فإذا تم ذلك هل سيتغيرون الذين هم متحمسون له الآن ، أم أن الآمر طبيعي ومنطقي ضمن الوضع والواقع القائم وهل سيبررون عندها بان بقاء احمد نائبا للرئيس هو آمر مؤقت لكي يتوافق على هيكل الجيش وبعد الهيكلة سيتم تنحيته .
أتمنى على المنظرين الذين يحوّلون الهزيمة نصرا والذين لا سبيل لهم إلا الفتاوى فالبلدان لا تبنى بالفتاوى التي عادة ما تحضر عندما يراد هلاك الأمة فاتقوا الله واشتغلوا في السياسة من دون فتاوى ودعوا الفتاوى لأهلها يرحمني ويرحمكم الله ....