الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٢٢ صباحاً

لا عذر اليوم

محمد النظاري
الثلاثاء ، ٢١ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٤ مساءً
• هناك من الواجب ما لا يتم إلا بالأداء الفوري له، فلا يجوز فيه التوكيل أو التواكل، بل ينبغي معه التوكل على الله جلت قدرته، وكلما تعلق الواجب بمصير الأمة، واقترن بكيان الدولة وبسلامتها وأمنها ووحدتها الترابية والمجتمعية، أصبح الواجب حينها فرض عين لا فرض كفاية على كل من ينتمي لذلك الكيان وذلك المجتمع، ولم يعد ترفاً بل ضرورة تقتضيها المصلحة العليا للوطن والمواطنين.

• ولأن الانتخابات الرئاسية المبكرة هي مخرج هذا الشعب العظيم، فكان لزاماً على كل أبناءه الإسراع في تأديتها، لكونها أضحت واجباً على كل مواطن ومواطنه بلغ السن القانونية للإدلاء بصوته لمرشح الوطن المشير عبد ربه منصور هادي، ومن هذا المنطلق فلا عذر اليوم إطلاقاً في عدم الذهاب لصناديق الاقتراع، والتصويت بنعم للمرشح التوافقي.

• لا عذر اليوم لأحد في ظل هذه المرحلة الراهنة التي فرضت على الجميع تحمل المسئولية وان بدت السبل أمامه سوداء ومعتمة وغير ممهدة، إلا بالتصويت بنعم، فذلك تطلع لأن تكون المرحلة المقبلة نافذة نلج من خلالها إلى المستقبل الأجمل. ولهذا فإن أداء هذه المهمة الوطنية هو بمثابة إتمام واجب الوفاء لوطننا الغالي.

• لا عذر اليوم لأن اليد العربية والإقليمية والعالمية ممدودة لمساعدتنا، فلا عذر لنا في عدم مد أيدينا نحو تلك الأيادي الخيرة. لننعم نحن بالاستقرار المنشود والذي لن يتحقق إلا بتعاون الجميع، وعيب علينا أن يكون الغريب أكثر حرصاً على أمننا، ولا ضير إن التقت مصالحه مع مصلحتنا .

• لا عذر اليوم في أن نرمي الماضي خلف ظهورنا، ونصوت بنعم للتعاون مع الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق الوطني لنعمل سوياً بروح وطنية لا تطغى عليها الحزبية، لكي يشعر المواطن العادي الذي لا انتماء له إلا لتربة وطنه فقط بايجابيات التغيير السلمي السلس والآمن الذي تحقق.

• لا عذر اليوم في أن نواجه معاً كل من يدعوا لمقاطعة الانتخابات، فلا ينبغي لأحد منا بعد اليوم دفن رأسه في الرمال هروباً من أداء الواجب الذي تفرضه عليه وطنيته، فما مر بوطننا طيلة الأشهر الماضية من فوضى عارمة، ولولا حكمة فخامة الرئيس علي عبد الله صالح الذي كما قال مساعد الرئيس الأمريكي - نائب مستشار الأمن القومي لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، جون بيرنان: "نحن ندرك بأن صالح سيكون داعماً للمرحلة الانتقالية"، وكيف لا يكون كذلك وهو من تنازل عن فترته المتبقية، تمهيداً للشروع في بناء اليمن الجديد رغم ما أصابه خلال الفترة الماضية .

• لا عذر اليوم لمن ما زالوا ينصتون لأولئك المتشائمين الذين يحبطون عزيمة الأمة، لا لشيء إلا لأن ما تحقق قضى على مآربهم السيئة في الانفراد بمقدرات الوطن، وسيجعلهم متساوون مع كل المواطنين في الحقوق والواجبات، ولتأكدهم بأن الانتخابات الرئاسية المبكرة هي الوسيلة الوحيدة للحفاظ على اليمن من التشتت والتشرذم والانقسام.

• لا عذر اليوم لعامة الناس وهم يرون العلماء - ورثة الأنبياء- أول من سارع لدعم الانتخابات لعلمهم بأنها تحقق الطموحات والتطلعات المشروعة والشرعية للجميع، فهم يدركون أنها بوابة كبيرة للتقاء الكل حول طاولة الحوار، الذي لن يستثني أحداً، سواءً المنادين لحل القضية الجنوبية تحت مظلة الوحدة الوطنية، أو لقضية صعدة، وبينهما كل القضايا التي كانت محرمة حتى على من يريد التحاور فيها .

• لا عذر اليوم لمن صبر طيلة الأشهر الماضية وهو يرى صوت السلاح في كل مكان ويصعب عليه أن يقول كفى، فقد حان اليوم ليقول ألف كفى، عبر قوله لنعم في صناديق الاقتراع، من اجل صياغة دستور يلبي مصلحة من خرجوا منادين بالتغيير، ومن وقفوا ضد الفوضى والتدمير.

• لا عذر اليوم لمن أراد القضاء على المشكلة الاقتصادية، إلا بتوفير البيئة المناسبة، ولن يكون ذلك إلا إذا تكاتفنا جميعاً ضد المستأثرين بقوت الناس، والمستقوين على الضعفاء بمواقع النفوذ، فظروفنا الراهنة واقتصادنا الذي أنهكه الفساد وقضت على ما تبقى منه الأزمة التي عشناها، يحتاج إلى أن نفكر بالإصلاح كخيار وحيد، وأول مسار للإصلاح يبدأ من صندوق الاقتراع.

• لا عذر اليوم لمن لا يريد سفكاً للدماء البريئة إلا بتحجيم من يرى نفسه فوق الجميع، وتحجيمه لن يتم إلا إذا جعلنا القانون هو سيد الموقف، ولن يحصل ذلك سوى بوقوفنا صفاً واحداً، وحينها فليس أمام المتمردين إلا الانخراط في المجتمع السلمي، أو تنفيذ القانون عليهم بحذافيره.

• إخوتي في الوطن الحبيب أينما كنتم وتحملون بطاقة انتخابية أو يحق لكم التصويت، لا عذر لكم اليوم بالبقاء في بيوتكم، وانتم ترون الناس قد نهضوا باكرين واحتشدوا أمام المراكز الانتخابية عجائز وشيوخ، نساء ورجال، حتى ذوي الاحتياجات الخاصة لم تعقهم حركتهم الجسدية عن المشاركة، فلا يكونوا هؤلاء أفضل منكم، فشاركوهم من أجل بناء اليمن الجديد.

• إخواني وانتم تضعون ورقة الاقتراع في صناديقها تذكروا واستحضروا الأرواح الطاهرة التي دفعت حياتها ثمناً لكي نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم – بالتغرير تارة وبالغدر تارة أخرى – ولا تحرموهم بإهداء فاتحة الكتاب لأرواحهم، فإن كنتم تضعون اليوم أصواتكم في صناديق الانتخابات، فقد وضعوا أرواحهم في صناديق الموت قبلكم من اجل الوطن، كما لا تنسوا المرضى والجرحى من دعواتكم لهم بالشفاء العاجل.. ودعونا نجتمع معاً على كلمة سواء من اجل اليمن السعيد.

- وداعاً للسلطة.. وخطاب هادي
• عشية الانتخابات كان اليمنيون مع خطابين هامين.. الأول خطاب الرئيس صالح والذي كان مؤثرا للغاية خاصة في نفوس محبيه، واعتقد من بعض معارضيه الذين يحكمون العقل ويجنبون العواطف، لقد قال في أهم فقراته: وداعاً للسلطة، وأدرك تماماً انه ودعها فعلاً حين خط بيديه المبادرة الخليجية، وقبلها حين اقترح قبل اندلاع الأزمة، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة مخرجاً لها، وهو ما يتحقق اليوم بفضل الله ثم بتنازله الذي يؤسس لمرحلة إكمال الاعمار، ونحن بدورنا نقول للرئيس صالح: نعم وداعاً لك وأنت ولي للأمر، فقد ساندناك من منطلق ديني ووطني، وكنت أهلاً لتلك المساندة، وما زلت جديراً بحبنا لك، واليوم نستقبلك أخاً كبيراً آثر الوطن والمواطنين على نفسه، فدمت كما كنت رمزاً لهما.

• الخطاب الثاني والذي لا يقل أهمية، هو ما سطره نائب رئيس الجمهورية - حتى اللحظة - ورئيس اليمن الجديد ابتداءً من السادسة مساء بتوقيت اليمن من يوم الثلاثاء 21فبراير2012م، لقد لا مست كلماته ما يحس به المواطن المسكين، الذي لا هم له سوى العيش بسلام وأمان مكفول بالخدمات الأساسية، ومحاط بالتفاف الجميع تحت راية الوطن الغالية، لقد كان صريحاً صادقاً وخطابه بلا ريب سيؤسس عهداً من الشفافية، فمرحباً بك ولياً للأمر له حق السمع والطاعة، كما كان لسلفه ومن سبقوه، وحفظك الله من بطانة السوء، وأكمل على يديك مسيرة البناء المؤسسي للدولة المدنية الحديثة.

• للرجلين الكبيرين – الصالح والهادي – سنستمد من وفائكم لبعضكم البعض وللوطن، عزيمة لنتجاوز بها الصعاب، لن نضيع تضحيات (الصالح) ولن نخذل تطلعات (الهادي) وسنطوي صفحة الرئيس صالح، لنفتح بعدها صفحة الرئيس هادي، فكلاهما صفحتان من كتاب الوطن، ولا يمكن تمزيق إحداها، لأنها تحكي مصير أُمة، وتاريخ وطن بسلبياتها وايجابياتها، ويبقى التاريخ هو من سيحكي عنها بإنصاف عندما تهدأ النفوس، ويُحَكّم العقل... فلنكن مع هادي وفاء لصالح.