السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٢٠ صباحاً

21 فبراير ... تأسيس لبداية التوافق والمشاركة في بناء الوطن

فائز سالم بن عمرو
الثلاثاء ، ٢١ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
لم يأت الحادي والعشرين من فبراير في ظل أوضاع اعتيادية وطبيعية ترسي لانتخابات رئاسية ترسخ العهد الديمقراطي وتدفع بعجلة الديمقراطية والتحولات الكبيرة التي إرساءها الرئيس علي عبد الله صالح ، باني الدولة الحديثة وصانع الوحدة اليمنية ، ما تحقق في اليمن لم يكن وليدة الصدفة أو أتى على طبق من ذهب بل أتي في ظل موروث ثقيل من الشمولية والإقصاء والثقافة المتخلفة ذات المرجعيات القديمة والنظرات الاقصائية وفي ظل صراع سياسي وحزبي متصف بالدم والعنف والتوتر الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والحزبي ووسط هذا البحر من الدماء والسيل من الصراعات قدم الضابط علي عبد الله صالح ليوقف سيل الدماء ومسلسل الاغتيالات ويوطد سلطة الدولة وإشراك جميع القوى في الحكم بدل الإقصاء والإبعاد ، وليستعيد السياسة اليمنية إلى صنعاء بعد إن كانت تمر عبر الرياض والقاهر . فعندما أسس الرئيس صالح المؤتمر الشعبي العام عام 1982م الذي ضم كافة الاتجاهات السياسية والحزبية والقبلية والمذهبية وانعكس هذا التوافق الوطني على الساحة الوطنية ليسري هذا التوافق الوطني على الشارع الذي تجاوز خلافاته السياسية والحزبية ، وظلت هذه الصراعات مؤطرة في المجالس والأحزاب والهيئات السياسية تلك الخطوة الأولى من تأسيس المؤتمر الشعبي العام حزبا توافقيا سياسيا يؤمن بالاختلاف وقائم على التعدد ويقبل باختلاف الآراء والنظرات ، والخطوة الثانية من تأسيس المؤتمر التعددي التوافقي هو التأسيس للحياة السياسية ليكون التغيير بطرق سلمية وحضارية ولتغادر اليمن إلى الأبد الحكم على رؤوس الثعابين والحكم عن طريق الدبابات والعسكر إلى الاحتكام إلى الشرعية الشعبية ولتطوي اليمن طريقا مليئا بالدم والعنف إلى طريق حضاري أسس لقيام دولة الوحدة واليمن الحديث .

قدمت الأطراف والقوى الشعبية اليمنية إلى الوحدة لمغادرة مرحلة مرة وقاسية من الصراعات والاختلافات الحزبية والسياسية والعسكرية والعنفية التي تسببت فيها موروثات شمولية فرضت على الوطن شماله وجنوبه نتيجة الاستقطاب الدولي وانقسام العالم إلى معسكرين اشتراكي ورأسمالي وزعت اليمن بين هاتين الشموليتين وفرضت على الشعب اليمني ان يكونوا إخوة أعداء تتنازعهم ثقافتين شموليتين تمنع تقاربهم وتعرقل توحدهم بل تستمد هذه الشمولية الأيدلوجية قوتها من إذكاء الصراعات وإحياء الخلافات المناطقية والعرقية . في ظل هذا الجو من الصراع الدولي والمحلي والذي ألقى بثقله على المجتمع اليمني المجزئ جنوبا وشمالا شهد العالم متغيرا كبيرا تمثل في سقوط المعسكر الاشتراكي وانفرد الولايات المتحدة بسيادة العالم مما ساعد في انجاز الوحدة اليمنية كمنجز وطني يمني محلي خالص ، وظل هذا الوليد بعيدا عن الرعاية الدولية والإقليمية بل نظرت بعض دول المنطقة إلى هذا الوليد الحديث والذي يحاول إرساء الثقافة الديمقراطية والنهج التعددي وتركت الدولة الحديثة تعاني مشاكلها وتتراكم الصعوبات أمامها بل ساهمت بعض التقاطعات والمشاريع المتعارضة إلى جر اليمن إلى مربع الصراعات وتقاطعات المشاريع الإقليمية والدولية وكانت نتيجة هذه الصراعات انفجار أزمة جزيرة حنيش واحتلالها من قبل ارتيريا بدعم خفي من قوى خارجية مما أنتج ضغط شعبي رهيب على الرئيس لدخول في حرب عسكرية لاستعادة السيادة اليمنية ولكن الرئيس الناظر للمشاريع الخارجية اثر إتباع الدبلوماسية والتحكيم الدولي لتتجاوز اليمن محنة جديدة وتصاعدت هذه المشاريع التآمرية على اليمن وتنوعت من مشاريع خارجية تجلت في حرب الحوثيين والاضطرابات في الجنوب وتمت عرقلة برنامج الرئيس مما دفع بالرئيس إلى الامتناع عن ترشيحه عن انتخابات 2006م الرئاسية رافضا التوافقية السياسية التي أدخلت اليمن في مربع الصراعات الداخلية والخارجية وأطلق الرئيس صرخته لن أكون تاكسي للمفسدين وأطلق برنامجه الانتخابي الرئاسي لعام 2006م القائم على تحديث الإدارة وإطلاق الحكم المحلي الواسع الصلاحيات وتوجه بالنقاط العشر لتحديث الدولة ومؤسساتها التشريعية والقانونية وقد وقف المتنفذون ضد مشروع الرئيس الإصلاحي وحاولوا إفشال الرئيس وبرنامجه وجر اليمن نحو المشاريع الخارجية والداخلية وتصاعد التوتر في صعدة لنصل إلى ست حروب أنهكت اليمن والقوات المسلحة لتتبعها أعمال الفوضى والتخريب في الجنوب إضافة إلى تفاقم التسيب الإداري لنصل إلى الأزمة اليمنية الراهنة التي انفجرت فيها الصراعات واتضحت المشاريع وكشفت عن نواياها وأهدافها وغاياتها .

فمنذ انطلاق ما يسمى بالربيع العربي أدرك الرئيس أهداف المشروع وقد كان الرئيس صريحا في خطابة الشباب بتأسيس حزب سياسي يعبر عنهم ويمكنهم من استيعاب مطالبهم حتى لا يصبحوا غنيمة للأحزاب السياسية التي تتاجر بقضاياهم وتتاجر بقضاياهم لتحسن أوضاعها لتحسين شروطها في مقاسمة العكعة والسلطة وقد تحمل الرئيس المسؤولية وأطلق المبادرات لحل الأزمة اليمنية عن طريق الحوار والنقاش والتشاور ومشاركة الجميع في التي تدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة وتأسيس لدستور وقانون انتخاب وإنشاء أقاليم على أسس اقتصادية وجغرافية ولكن المعارضة كانت تراهن على الانقلاب الثوري والوصول إلى السلطة عبر الشعارات وتحت مظلة الشرعية الثورية التي تتجاوز الدستور والقانون ، وظل بعض الأطراف التصعيد والانتقال إلى العمل العسكري للانقلاب على السلطة والوصول إلى السلطة عن طريق العنف والإقصاء وتعرض الرئيس والقيادة الانتخابية لعملية اغتيال غادرة تجاوزت كل الأعراف والقيم الدينية والأخلاقية والسياسية وعلى الرغم من ذلك تجلت حكمة وقيادة الرئيس وعدم انجراره إلى الانتقام ومقابلة العنف بالعنف بل طلب في خطاب جماهيري إلى الهدؤ وضبط النفس والاحتكام إلى الحوار لتجاوز مشكلات اليمن واستمرت مؤسسات الدولة في ضبط النفس وعدم الانجرار إلى العنف وتجلى ضبط النفس والسعي إلى إرساء نهج الحوار في التوقيع على الاتفاقية الخليجية التي حارب الرئيس ان تكون مزمنة ومحددة لتنقل اليمن في مرحلة انتقالية مؤقتة يكون الحكم فيها توافقيا يخرج اليمن من أزمته وينعم الشعب اليمني اليوم في توافق وطني على التوجه نحو الانتخابات الرئاسية المبكرة التوافقية لإخراج اليمن من أزمته ومغادرة ثقافة العنف والاحتراب إلى ثقافة الحوار ونهج التوافق والمشاركة لحل مشكلات اليمن وتشكيل دولة حديثة ذات مؤسسات دستورية وقانونية حديثة قابلة للتطور وتتوافق مع المتغيرات وتعبر عن كل أطياف الشعب اليمني وتستجيب لطموحاته وآماله وتتوافق مع تضحيات شعبنا اليمني في ثورتي سبتمبر وأكتوبر .