الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١٧ مساءً

جميل الجعدبي يكتب عن : المهرجون الجدد!!

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
جميل الجعدبي:

" يستطيع المهرجون حشد عدد من المواطنين حولهم في حلقات دائرية وحركات بهلوانية تثير اهتمام المارة وتدفعهم إلى التجمع والتزاحم حول (أراجوز) الحلقة، لكنهم لا يستطيعون إقناع الجمهور مهما استحدثوا من حركات إثارة بصدق أقوالهم ومنحهم الثقة حتى في تولي إدارة ساحة ميدان عام، كون بضاعتهم ومؤهلاتهم تعتمد في الأساس على خداع الجمهور والتلاعب بالألوان والألفاظ وكذا أدوات اللعبة.

وحتى وإن تنقلت تلك الأراجيز من مدينة إلى أخرى ومن ميدان إلى آخر في إطار المدينة الوحيدة، أو تنوعت أساليب عروضها بما يلبي رغبات الجمهور المستهدف فإن ذلك لا يعد قياساً ولا يحسب معياراً لحجم شعبيتها، ولا تؤهلها تلك الاستعراضات للادعاء بامتلاك السيطرة على الشارع وتحريكه لحسابها، مهما كانت طريقة خداع البصر المبتكرة لصيقة بحياة الناس ومعيشتهم.
وذلك كون عوامل الاندفاع حول (المهرجون الجدد) تبقى بيد الجمهور الذي بطبيعة الحال والبيئة ذاتها والثقافة والإرث الاجتماعي وأحيانا كثيرة النخوة يتدافع طواعية عند أي حدث يثير فضوله للتدخل والمساعدة فما بالك حين يكون العرض المقدم من جميع المهرجين هنا مرتبطاً بالإمتاع والإثارة والخداع والتضليل والزيف المشترك.
ولذلك يخطئ هؤلاء المهرجون حينما يتوهمون أنهم قادرون على تأجيج مشاعر الجمهور ضد خصومهم لبعض الوقت لأن مشاعر الجمهور هي في الأصل إشفاق على المهرجين وسخرية منهم، وهو ما يتجلى واضحاً حينما ينقسم الجمهور إلى غير معبر بالمهرج، وآخر يلقي نظرة ويغادر حلقة التهريج. وثالث يجدها فرصة للتسلية فيغادر عند انتهاء العرض، مترحماً على قدامى المهرجين، وأيام زمان، حينما كان المهرج يموت جوعاً ولا يتاجر بقضايا وهموم الجمهور.

> وإذا كان هواة إرباك السير وإعاقة المارة من مهرجي العصر الحديث في بلادنا يشعرون بالعظمة وهم يجلدون أنفسهم تهريجا لإنتاج الزحام وإرهاق المتنفسات العامة، فلا بأس ونحن نستعرض لمحة من (نضالهم وتضليلهم) من الإشادة بجهودهم ومساهماتهم في رفد عملية التنمية الاقتصادية بإنتاج (الضجيج والصخب) من خلال الاستثمار في مجال قضايا وهموم المواطنين وإنشاء مصانع (للبيانات والهدره) والإسهام في الحد من البطالة ولو بتوفير متطلبات واحتياجات الجمهور من (الفرجه) ..!!