الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:١٩ مساءً

الى الرئيس هادي .. العاطفة لا تنصف العدالة

محمد حمود الفقيه
السبت ، ٢٥ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٠٠ صباحاً
الأخ عبده رب منصور هادي رئيس الجمهورية تحية و تقدير وبعد
أولاً أهنئك باختيارك رئيساً للجمهورية اليمنية الذي نسأل الله ان تكون خير منقذ لهذا البلد الطيب بعد الله سبحانه و تعالى ..
إليك أيها الأخ الرئيس هادي المحترم ، هذه الكلمات خذها من ابن اليمن البار البعيد عن وطنه و أهله و المشارك بالفرحة الغامرة التي بدأت تغطي آمالنا و طموحاتنا و انتظرناها طويلاً للخروج باليمن من النفق المظلم الى عهد نتمنى ان تكون انت بداية خير للمنتظرين لخير بلادهم .
قد بدأت مخاطبتك أيها الأخ الكريم بكلمة الأخ كي تعلم ان الحكم الرشيد يجب ان يبنى على المساواة بين الحاكم و المحكوم إلا من المسؤولية التي تقع على كل منهما ، فلا شك انك اليوم الراعي و نحن الرعية ، و لهذا فإني اعيرك اهتمام كأخ في الوطنية و الدين و الانسانية قبل ان تكون سيداً و رئيساً علي و على اخوتي من أبنائك أبناء اليمن ، و أعلم ان مخاطبتك بالأخ الكريم محور التواضع بيننا و إبعاد الفروقات التي من شأنها ان تكون بالأساس خادماً لشعبك و ليس العكس ، و المسؤولية التي منيت بها هي تكليف بدايتها و تشريف ان وفقت بها لخدمة هذا الوطن الغالي الكبير ..
ان ما حدث في الماضي أخي الرئيس كفيلٌ بأخذ الحيطة و الحذر من أي مخالفات قد تصدر منك لأبناء بلدك ، و دروس كبيرة يعلمها الصغير و الكبير تكفي ان تأخذ بنواصيها للتعرف على أوجه القصور و الخلالات التي ارتكبت بحق شعبنا اليمني ، و الحديث عنها اليوم ليس محل اهتمام فهي ماضية و جعلناها كذلك ، لكنها أرضية مواعظ للمستقبل الآتي الذي بدايته ستكون انت .
في مستهل الإمساك بزمام المسؤولية الوطنية يجب عليك ان تتخلى و تتجرد من المرحلة الماضية كلها ، و أن يكون أول يوم تؤدي فيه اليمين الدستورية هو يوم ميلاد جديد من حياتك ، في مثل هذا اليوم _ يوم اليمين الدستورية _ يجب ان تضع ملابسك القديمة في دولاب الذكريات ان كنت تريدها لنفسك ، أما نحن فلا !! و الظهور بلباس جديدة لباس التقوى أولاً ، و ثانياً لباس التواضع يجب ان يرافقك في مكتبك في موكبك في خطاباتك الموجهه ، خير الكلام ما قل ودل ، العمل أساس النجاح ، لا نريد وصفاً للشعب. بحروف العسل على شفرات الطريق ! لا نريد تعظيماً لأحد يعمل في بلده بأجر ، فجزاء من يخدم بلده يأخذه و هذه هي عين المناصفة ، من يظهر حياً لليمن عليه ان يعمل له قبل ان يدعي الحب الوطني ، و انك لتعلم ان مسامعنا قد ملّت و أعيننا اليوم حتى و أن رأت فلا يمكنها إلا ان تدرك حقيقة من يعمل و من لا يعمل في رحاب وطننا اليمني .
عليك أيها الأخ الرئيس مهام عظيمة ليست بالهينة ، لكن العمل بمقتضاها هو من سيجعلها تهون على كاهل المسؤولية ، و قبل كل شئ عليك ان تعير الشعب اليمني اهتمام كبير قبل ان تعير البلد اهتماماته ، فالشعب هو اليمن و لا يمكن ان ينظف المكان ليظل خالياً من الساكنين ، الشعب اليوم غير شعب السبعين و غير شعب الثمانين و غير شعب التسعين .
اليوم ان خرجت لتخطب بهذا الشعب عليك ان تعلم انك تتحدث الى جيل جديد لا يعرف إلا العمل ، و كفاية ان ملّت مسامعه من كلمات الماضي التي لم تسمن و لم تغني من جوع ، اليوم الشعب قد أفاق و بالتالي لا يمكن اللعب على إرادته و لا يمكن لأحد اليوم الضحك عليه ، زمن الرقص على المشاعر الوطنية انتهى ! و عليك ان تأخذ ذلك بالحسبان ، اليوم المجاملة على حساب الحقوق هي من يتوجب مصادرتها الى مزبلة التأريخ ، و المحسوبية قد تم اقتلاعها من بيئة اليمنيين كافة ، الفوارق للقبيلة قد وضعة الثورة لها حدود ، و الجاه و السلطان اليوم هو الشعب لا فرق بين من يسكن صنعاء و الآخر الذي يقطن عدن ، كلنا بنوا آدم و كلنا هويتنا واحدة ، التعامل يجب ان يكون وفق هذه المعايير و كفاية التجزئة التي قطعت بنا السبل إرباً إربا ، كدنا ان نكون عشرون دولة في أرض واحدة .

أخيراً أريد ان أقول لك أيها الأخ الرئيس .. هناك أموراً في الحكم و الضبط الاجتماعي لا تتفق مع العاطفة و أن كانت العاطفة هذه تندرج تحت الوطنية ، فلا مجال لها في روح العدالة ، و لا يمكنها ان تنصف العدالة في الحكم الرشيد ، العاطفة القبلية في هرم الحكم شيء غير مقبول به ، و العاطفة لذوي القربى منبوذه كذلك و ممقوته ، العاطفة لا يمكنها ان تقودك الى النجاح ، فالسوط لم يخلق عبثاً أبداً ، فله مكان و السيف له وظيفة بحق ، فلتحرص على حدود الحق في كل أروقة الإدارات و المؤسسات ، فهي الكفيلة بحمايتك و و طنك و شعبك من الضياع أخرى.