الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٤١ صباحاً

رؤساء من ورق !!

د . أشرف الكبسي
السبت ، ٢٥ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
يبدو أن الإطار الفوتوغرافي للحاكم العربي لا يحدد فقط ابعاد صورته الشخصية ، وإنما المنطلقات الفكرية الحاكمة ايضاً ، فتصبح صورة الزعيم والرئيس منبعاً رسمياً للإلهام في ممارسات التسلط السياسي ، وتشكل ملامح تطورها وتغيرها عبر عقود الزمن ، انعكاساً بصرياً خادعاً ، حيث يرى عموم الشعب صورة زائفة للرخاء والفخامة التي تجسدها صورة الحاكم ، فتصبح صور الزعيم - وبقياساتها الضخمة تلك – مرآة ، تخفي وراءها صورا أخرى لشعب بائس ومجتمع يائس !.

وبما أن قوة الجذب في مركز السلطة ، تستهوي دوماً حشرات الإنتفاع ، وقوارض الفساد ، والتي سرعان ما تتبلور عنها قوى انتهازية ونفعية تحيط بالحاكم وتشكل بطانته ، فهي تحديداً من يتولى الخطوات الأولى في صياغة ونحت صنم الزعيم ، وصولاً إلى فرض رفع صوره وتجلياتها على الجميع وكأنها واجب دستوري وتكليف وطني.

وإذا كانت رياح التغيير قد هبت اليوم على بلد الايمان والحكمة ، ومنحنا القدر امتياز حضور مسرح يقدم وببراعة أحد مشاهد الكوميديا السوداء ، والذي ينتهي بتنحي رئيس وتنصيب آخر فإننا نجد أنفسنا أمام خيارين : إما أن نسقط صور (السابق) ونستبدلها بصور (اللاحق) ، أو أن نؤسس لثقافة مغايرة تقتضي الكف عن ذلك العبث التاريخي والإسفاف الحضاري والسياسي ، وأن نرتقي بأنفسنا عن تأليه وتمجيد الزعيم القائد المنقذ ، والذي قد يتحول يوماً إلى صنم – صنعناه بأيدينا - فلا يمكن تغييره أو تنحيته ، لنجد أنفسنا أمام ربيع يمني آخر ، لن تزهر أوراقه إلا بعد أن ترتوي بدماء الشهداء وأنات الجرحى !!

ألا تكفينا تلك الصور الرئاسية التي تم طباعتها خلال 33 عاماً ، وما تطلبته من مبالغ ونفقات طائلة ، لم ينتج عنها سوى إختزال الوطن في فرد ، ألم يكن الأحرى بنا إنفاقها لسد جانباً من احتياجاتنا المتزايدة ، بدلاً عن إنتهاج سياسات التسول إقليمياً ودولياً ..!!

أيها السادة ... كفانا رؤساء من ورق ، دعونا نتخلص من سياسات الإطار الفوتوغرافي للزعيم، إلى واقع الإطار الفكري الوطني الحر ... دعونا نسقط الصور الزائفة من قلوبنا وعقولنا ، دعونا نسقطها من حيزاتنا الذهنية والمكانية ، ونرفع بدلاً عنها قيم الإنتماء الوطني ، ومبادئ العدالة والنزاهة ، وتوجهات حب العمل والإنتاج ، وليكن لنا رئيسا يرانا أكثر مما نراه ..!!