الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٧ صباحاً

السلطة والمعارضة وجهان لعملة واحدة

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
يمن برس - فؤاد محسن ثامر* :


أحسست وأنا في بلد الدراسة كم هو شرف لي أن انتمي إلى هذا الشعب العظيم الذي له من الماضي ما يجعل المرء شامخا كشموخ الجبال ، كما أن ما تحقق لليمن خاصة منذ توحده والى اليوم في الجانب الديمقراطي والتعددي واحترام الرأي والرأي الآخر لشيء يبعث بالفخر والاعتزاز، رغم الواقع المتردي الذي يعيشه اليمن المعاصر اليوم في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ...الخ .

قد يحكم المرء من أول وهلة وهو يقرأ هذه السطور أنني ربما انتمي إلى الحزب الحاكم الذي دائما ما يتهم المعارضة بأنها تنسف كل ما تحقق لليمن ولا تذكر إلا البؤس الذي يعيشه أبناء اليمن والفقر والفساد ونهب أموال الوطن ، وتتناسى كل ما أنجز طيلة عقود من الزمن خاصة بعد تولي الرئيس علي عبدالله صالح مقاليد الحكم في اليمن وما حققه هذا الرجل من انجازات تحسب له ، بل وتجعله من عظماء حكام اليمن .

وقد يرى المرء نفسه في كتابتي لهذه السطور أنني ربما من أحزاب المعارضة التي بدأت اليوم تحارب النظام أو بمعنى آخر تعالج المرض بمرض اكبر منه ، وتحاول أن تهاجم النظام الفاسد بشق صفوف الوحدة الوطنية ، وبدأت تستغل الأزمات والمشاكل السياسية التي يعيشها يمن اليوم لأجل إيقاظ النعرات الطائفية والفئوية والشطرية ، وبين هذين الواقعين يصبح المرء حائرا ، وبدأت مقولة ( كلمة حق يراد بها باطل ) نستشعرها اليوم أكثر من أي وقت مضى في كل ما نشاهده ونسمعه ونقرأه .

فالسلطة ترى أن كل ما تطرحه المعارضة من تسليط للفساد والإفساد إنما يراد بها شق الوحدة الوطنية والنيل من وحدة اليمن ونظامه الجمهوري وتعدديته السياسية والحزبية وانجازاته التنموية والاقتصادية التي لاينكرها احد ، وبالمقابل ترى المعارضة أن كل سياسات الحزب الحاكم من فساد أو نهب للثروات واستغلال للمناصب وإهدار للمال العام وفشل للخطط التنموية والاقتصادية وتدهور للاقتصاد وزيادة للفقر إنما يهدف بالمقام الأول إلى الرجوع باليمن إلى العهود الاستبدادية والى حالة الجهل والفقر والمرض الذي كانت تعيشه اليمن خلال عهد التشطير والاستعمار والحكم الأمامي ( الاسطوانة المشروخة!! ) .

وبين المرين يظل الشعب في حيرة ، فلا الحزب الحاكم لبى طموحاته وأنجز وعوده التي طالما قطعها لأبناء اليمن خلال مسيرة حكمه ، ولا المعارضة كسبت ثقة الشعب لها ، فلعبها بحبال الوحدة الوطنية وإثارتها لكل ما يسبب الطائفية والفئوية والمناطقية جعلها في محل شك واتهام بنواياها المبيتة تجاه مستقبل الوطن الموحد ، ولذلك فان رهانه على الحزب الحاكم في كل الانتخابات التي أجريت ليس حبا في المؤتمر الشعبي العام أو في كفاءته وجدارته بحكم اليمن ، لكن عدم وجود ثقة بالمعارضة جعل الشعب يختار أهون الأمرين .

إنما يحصل اليوم من سجال عنيف بين أبواق الحزب الحاكم والمعارضة تجاه العديد من القضايا اليوم كقضية حرب صعده ، وقضية المتقاعدين العسكريين يشعر المرء بوجود مؤامرة تحاك على الوطن وعلى الشعب ووحدته يحيكها الطابور الخامس ، فللحكومة استطاعت أن تحسن الأوضاع المعيشية للشعب وان ترفع من رفاهيته (بل إن الأمور تسير من سيء إلى أسوأ ) ولا المعارضة كانت عند مستوى المسئولية التي أصبحت اليوم تعزف بأوتار الأمن وزعزعة الاستقرار والتهديد والوعد والوعيد ، جعلت كل مواطن يتجه بأنظاره وبتأمل أعمق لما يحدث اليوم في عالمنا العربي العراق ولبنان وفلسطين ، وبدأ السؤال يطرح نفسه هل اليمن يسير بهذا الاتجاه ؟ خاصة وان مصطلحات كأصوات التشطير وشعب الجنوب والاحتلال الشمالي بدأت تسمع بكثرة وتستغل أفضل استغلال من ما نسميه اليوم المعارضة ، وما يحز في النفس أن هناك أحزابا في المعارضة (كالإصلاح والاشتراكي!!) بدأت تتعاطف مع أصحاب هذا الاتجاه فما هو الهدف من هذا كله ؟

وعندما يتصفح المرء الذي يعيش خارج الوطن( لا عتب عليه!! ) صفحات الويب على الانترنت سواء مواقع السلطة أو مواقع أحزاب المعارضة يحس بخطورة القضية وحجمها ، ويحس أن اليمن ربما تكون على شفا حرب أهلية .
فلابد من الجميع سواء في الحزب الحاكم أو المعارضة أن يراعوا ضمائرهم تجاه هذا الشعب المسكين الذي يعاني الأمرين وان لا يستخدموا وحدة الشعب و الوطن في لعبتهم السياسية وإلا ستصيبهم لعنة الشعب والوطن والتاريخ .



*كاتب يمني مقيم في تونس