الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢٢ مساءً

رؤساء للجامعات أم جامعات للرؤساء ..!

د . أشرف الكبسي
الثلاثاء ، ٠٦ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
لعل البعض يتسائل اليوم عن الاسباب والدوافع وراء خروج الآلاف من الطلاب والمئات من الاكاديميين والإداريين في العديد من الجامعات اليمنية الحكومية للمطالبة برحيل رؤسائها واتهامهم بشتى صور الفساد ، وبالرغم من محاولات البعض اختزال تلك المطالب وتحجيم دوافعها في أطر حزبية وسياسية ، إلا أن الإجابة تأتي سريعاً لتتحدث عن نفسها وبوضوح ، فإذا كان تردي حال الجامعات أمر مسلم به ، وواقع يصعب إنكاره أو إخفاؤه ، فإن مسئولية قياداتها يصبح كذلك أمراً قطعياً، فعليهم تقع المسئولية الإعتبارية سواءً ثبت تورطهم في جرائم فساد أم لا ، وسواءً كان ذلك عن قصد أم لا...!

فانحراف الجامعات اليمينة عن أداء دورها الاساسي والطبيعي والمتمثل في (صناعة العلماء) يكاد يكون من المسلمات ، حيث انشغلت جامعاتنا ولعقود من الزمن بتوجهات وممارسات (رئاسية) كان ديدنها الأول والأخير تأدية دور استعراضي لنجاحات وانجازات سلطوية وهمية في معظمها ، حيث عمدت قياداتها إلى تجميل (أو تزييف) الواقع وإخراجه بصورة مغايرة لحقيقته خدمة لزعاماتها السياسية والحزبية ، وضماناً لطول بقائها على كراسي السلطة والمنصب..!

وكان لابد في سبيل تحقيق تلك الرؤى الضيقة والمصالح الفردية من خلق واقع جامعي واكاديمي هش ، تجذرت في ثناياه سياسات الاستهتار بكافة القوانين واللوائح الاكاديمية وتحويلها إلى واجهات كرتونية ، في حالات ، وتطويعها بشكل فاضح في حالات أخرى ، بالإضافة إلى العمل على خلق كيانات نقابية اكاديمية ضعيفة وهشة ، وسرعان ما وجدت تلك التوجهات (الرئاسية) طريقها إلى كافة المناصب القيادية على مستوى الكليات والمعاهد والمراكز، ليصبح المعيار الأبرز -إن لم يكن الأوحد- في التعيين هو التبعية العمياء والولاء المطلق...

وإنه لمن دواعي الحيرة والتساؤل ، ما يطرحه البعض اليوم من ضرورة اشتراط تقديم وثائق وأدلة ، تثبت فساد بعض رؤساء الجامعات حتى يتم إقالتهم من مناصبهم استجابة لمطالب غالبية منتسبي تلك الجامعات ، فقد نسي أو تناسى أولئك ، أن رضى المحكوم هو مبرر سلطة الحاكم ، كما أنه يتوجب التفريق بين المطالب بالإقالة – وهو مالا يتطلب اثبات - وبين الإحالة للمحاكمة بتهمة الفساد، ففي سياق التوجه القائم نحو التغيير، كان لزاماً تحميل القيادات الحالية - ولاسيما تلك التي قضت سنوات طوال على كراسيها- تبعات قصور ادائها ، ومسؤليتها عن تدهور الوسط الجامعي برمته ، وهو ما يحتم عليها تقديمها لاستقالاتها أو إقالتها وتعيين – أو انتخاب – قيادات جامعية بديلة ، بناءً على معايير تنسجم والتطلعات نحو جامعات جديدة في يمن جديد !

لقد آن الآوان لوقف العبث بمؤسسات تصنع العقول ، والكف عن تحويلها إلى شركات ومؤسسات شبه خاصة للدعاية الحزبية والإنتفاع السياسي، وأصبح من الواجب إعادة حرمة الحرم الجامعي إليه ، حرمة لا يمكن معها لرئيس جامعة – أياً كان – أن يتنقل داخل اسوارها وبين منشآتها برفقة حمايات أمنية مسلحة ، ولتكن أولى خطوات بناء الدولة المدنية الحديثة ، في تحقيق جامعات مدنية حديثة !