الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٦ مساءً

يا أيها الثوار: مواكبة التطورات قبل أن يفوتكم القطار!!

سامي محسن السري
السبت ، ١٠ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٩:١٥ مساءً
شهدت الساحة اليمنية العديد من المتغيرات الكبيرة والجوهرية ابتداء من توقيع المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة وفاق وطني وانتهاء بانتخاب رئيس جديد إضافة إلى البدء بتغيير أو نقل بعض القيادات، ولكن الملاحظ أن هذه المتغيرات لم يواكبها تغيير يذكر على مستوى الساحات الثورية أو على مستوى الخطاب الإعلامي، وهذا يترك انطباعا بأن التغييرات الحاصلة على مستوى الدولة ليست لها علاقة بساحات الثورة وأنها ليست ناتجة عن تأثير فعلها الثوري، لأنه لم يحدث أي تغيير في مواقفها أو خطابها الإعلامي، فمما يجمع عليه الكل أن أهم هدف قد تحقق وهو كان يمثل الهدف الأول للثوار في الساحات، وبقدر أهمية وحجم هذا الهدف لم نجد خطوة موازية له، وكأن ما تحقق ليس أهم أهداف الثوار وإنما هو هدف دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية فقط جاء نتيجة لما بذلوه من جهود ومساعي وضغوط، وأن الثوار غير معنيين به من قريب أو بعيد!!

ولذلك يتحتم إظهار حسن نية وإحداث نقلة نوعية في المواقف وفي الخطاب الإعلامي و الفعل الثوري على الأرض بقدر ما يتحقق من خطوات ومكاسب، والبعد عن المبالغة في التشكيك والتخوف، حتى يشعر الناس بانفراجة في الوضع القائم وبأن هناك شيء تحقق على أرض الواقع، وتوجيه الجهود والطاقات نحو المشاريع التي تخدم وتبني البلد وتصلح ما أفسدته الفترة الماضية، أما إذا مكثنا في الساحات بنفس النمط والآلية السابقة فمن سيحدث التغيير المنشود الذي نادى به الثوار وقامت من اجله الثورة وقدمت في سبيل تحقيقه التضحيات؟؟
واقترح في هذا الصدد الآتي:

- تغيير أو تخفيف الخطاب الإعلامي والعدائي، وان يحمل الخطاب معاني التصالح والأمل والتبشير بالمسقبل المشرق للبلاد، وأفضل أن لا يذكر الرئيس السابق نهائيا لا بخير أو شر ويتم تجاهله تماما، فقد تم الانتهاء منه وهو الآن في عداد الأموات (سياسيا) ، وكما قيل (الضرب في الميت حرام) ولن أقول (اذكروا محاسن موتاكم)، ولكن لا تنشغلوا بسبه أو حتى تعداد مساوئه لان أي ذكر يحييه، ويعطي الأمل لإمكانية عودته أو تأثيره المستقبلي.

- إحداث تغيير فعلي في ساحات الاعتصامات وعلى وجه الخصوص ساحة العاصمة صنعاء، ويكون التغيير برفعها مع إبقائها رمزيا في مساحة محدودة أمام بوابة الجامعة، لإحياء بعض الفعاليات وإعلان بعض المواقف، فإمكانية الحشد والتجمع في أي وقت وفي أي مكان متاحة، فإذا كان متاح لهم التظاهر أمام منزل رئيس الدولة فماذا يريدون بعد ذلك؟؟ أما إذا لم يستحسن رفع الاعتصام فاضعف الإيمان أن يتم تقليصه بصورة تتناسب مع ما تحقق من أهداف وخطوات على ارض الواقع، وإذا لم يكن ذلك إلا من اجل الارتياح النفسي لسكان العاصمة وشعورهم بحدوث انفراجه فإن هذا يعد سببا كافيا.

- عدم النظر لكل القيادات التي عملت مع النظام السابق نظرة واحدة، وبأنهم كلهم فاسدون يجب تغييرهم، فهذه نظرة غير عادلة وحكم جائر، لان هناك الكثير نظيف وعفيف لم يتلطخ بالفساد ويمثل كفاءة وخبرة في مجاله، والبعض منهم سمح بوجود الفساد أو غض الطرف عنه بتوجيهات أو ضغوط عليا ومسايرة للجو العام، أي انه ليس فاسد ومفسد في الأساس وإنما تصادف وجوده في بيئة فاسدة، والأصل مع أمثال هؤلاء أن تجدد لهم الثقة في ظل العهد الجديد ويمنحوا الفرصة لإثبات جدارتهم في بيئة نظيفة وجو صحي ومن أساء منهم أو من غيرهم يحاسب ويعاقب بعد التثبت من إساءته، بمعنى أن نتناسى المواقف والأحكام المسبقة ونبدأ صفحة جديدة في عهد جديد.

- تبني وتشجيع أفكار ومشاريع تخدم التنمية الاجتماعية والاقتصادية وبمشاركة فئات المجتمع المختلفة، وبحيث يلمس الناس تأثيرها الفعلي، خاصة وان العقبات التي كانت تحول دون تنفيذ مثل هذه الأفكار قد انتهت بزوال النظام السابق.

أما إذا لم يتم اتخاذ أي خطوات عملية على ارض الواقع مما يخفف الاحتقان في الشارع فأخشى أن تمر السنتين ونحن منشغلون بالمظاهرات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية، ولم نحقق أي تغيير يلمسه المواطن يجسد ما ندعو ونطمح إليه من إقامة العدل وسيادة القانون وإصلاح المؤسسات، مما يجعل الناس تترحم على العهد السابق وتجعله خيارها الأول في أي انتخابات قادمة، فانتبهوا فالأيام تمر سريعا ووجهوا الجهود والطاقات للبناء وإعادة الثقة والأمل في إمكانية التغيير للأفضل وحشد الأمة لمشروع بناء اليمن الجديد قبل أن تتحقق فيكم مقولة (فاتكم القطار....فاتكم القطار...).