الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٨ مساءً

الرحابة الوحدوية والديمقراطية

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
{ .. ليس هناك ما هو أرحب من الديمقراطية إطارا يتسع لمختلف الرؤى والمواقف المختلفة ويستوعب أطروحات البدائل والخيارات على تعددها وتنوعها وتكتسي هذه الرحابة طابع الديمومة والاستمرارية في ظل العطاء الوحدوي الذي شكلت الديمقراطية إحدى تجلياته وثمرة من ثماره الخيرة، وتبلغ تلك الرحابة مداها في أن تصبح الديمقراطية هي المرجعية التي تحتكم إليها أطياف المجتمع والضمان الحقيقي لإزالة جفوة الاختلاف دونما خروج على تلك المرجعية مهما كانت درجة التباين والتباعد في الاجتهادات والرؤى.

وهذا ما يبدد صحة الادعاءات التي يتكرر ترديدها حول الهامش الديمقراطي وأنه الذي يزداد ضيقا بل إنه وعلى العكس من ذلك فإنه وكلما ضاقت صدور البعض من الديمقراطية كان ذلك محفزا للإرادة الوطنية على توسيع قاعدة الانتشار الديمقراطي على الرغم مما يعمد إليه البعض أو يتعمده من الممارسات الخاطئة والمسيئة لقيم الديمقراطية مستغلا رحابتها في تبرير وتمرير مشاريعه الارتدادية.

لا يتطلب أمر تمثل القيم والتقاليد الديمقراطية سوى اللجوء إلى قنواتها المؤسسية ووسائلها الدستورية والقانونية في التعبير عن القضايا والتقدم بالمطالبات،والمجال مفتوح والإمكانية أكثر من متاحة للتطور في مناحي البناء الديمقراطي بشكله المحقق لأوسع وأسرع أشكال المشاركة الشعبية في صنع القرار وخطوة التحول نحو إحلال نظام الحكم المحلي شاخصة أمامنا وتنتظر من الجميع أن يتنادوا إلى العمل الوطني والحضاري المشترك من أجل استكمال الأركان الواقعية لتجسيدها في الحياة اليمنية بمختلف مجالاتها.

وتتحدد في ضوء ذلك اتجاهات وحدود المسؤولية عن معالجة السلبيات وحل المشكلات وبتلك الكيفية التي تتراجع معها عمليات التركيز المفرط لوجهات المساءلة في المسار الاستهدافي وتخلو معه الساحة من المصادر التبريرية التي تغذي النزعات الاستغلالية لمعاناة المواطنين وتوظيفها في مخططات تدميرية للوطن.

ولا وجه للاستخدام التمزيقي للتعبير عن أية شكوى أو مطالبات خاصة وأن المشكلات ليست محصورة في نطاق جغرافي معين أو أنها بذلك الضيق، والأجدى من كل ذلك هو العمل التكاملي من أجل تجاوز المشكلات أينما وجدت وإيجاد الحلول والمعالجات لها وبأي منطق ديمقراطي ومبدأ إنساني يمكن تسويغ الانحراف بممارسة العمل الحزبي من الوجهة السياسية للاختلاف مع الآخر إلى الواقع الاجتماعي ومجريات التعايش بين أبناء الوطن الواحد.

وبمجرد حدوث شيء من هذا فإننا نكون بالنتيجة أمام توجه عدواني يستهدف تمزيق أواصر الأخوة الوطنية وتقطيع أوصال وطن يدين كله بعقيدة الإسلام ما يعني أن في الأمر فعل مروق وتحلل من قيم ديننا الحنيف.

والبحث أو بالأحرى الاندفاع الأعمى نحو حافة الهاوية والسقوط فيها هو ما يفعله ولا أكثر غواة سفك الدماء ونشر الخراب.
وإن كان في الأمر سعي لمصلحة سياسية قريبة ولا تذهب بعيداً في حسها ومرماها التأزيمي فبئس النهج عند أن يبنى على المبدأ التدميري للغاية التي تبرر الوسيلة وهو المسلك الذي دائماً ما يعبر عن الفردية المفرطة في الأنانية ويكون استخدامه على حساب البشر الآخرين والمجتمع بأسره.
ولطالما والحال كذلك فلا خير فيمن يأتي فعاله لنفسه قبل مجتمعه ووطنه أو ما كان يفترض أن يؤكد وجوده كإنسان.