الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٠ صباحاً

الحصانة ,,, والعصمة من العقاب

عباس القاضي
الجمعة ، ٣٠ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠١:٠٠ مساءً
لا أدري لماذا تستعيد ذاكرتي ذلك المشهد, كلما قرأت أو سمعت كلمة الحصانة , والمشهد هو القصاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقد كان في آخر أيامه, بعد أن نزلت سورة " الفتح " فقد شعر رسول الله بدنو أجله, فجمع الناس على صوت أذان بلال, وقال خطبته المشهورة التي مطلعها : " أي نبي كنت فيكم ؟ ", حتى أنهاها بمناشدة , فقال لهم : " أنا أنشدكم بالله, وبحقي عليكم, من كانت له من قِبَلِي مظلمة فليقم فليقتص منِّي " فلم يقم أحد فناشدهم الثانية والثالثة " معاشر المسلمين , من كانت له من قبلي مظلمة فليقم فليقتص مني قبل القصاص يوم القيامة " فقام من بين المسلمين شيخ كبير يقال له عكاشة , فتخطى المسلمين , حتى وقف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم, فقال : فداك أبي وأمي, لولا أنك ناشدتنا مرة بعد أخرى, ما كنت بالذي أتقدم على شيء منك .

كنت معك في غزوة, فلما فتح الله علينا ونصر نبيه, وكنا في الانصراف, حاذت ناقتي ناقتك, فَنَزَلْتُ عن الناقة, ودنوتُ منك لأُقَبِّلَ فَخِذِك, فرفعتَ القضيب فضربت خاصرتي, فلا أدري أكان عمدا منك أم أردت ضرب الناقة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعيذ بجلال الله أن يَتَعَمَّدَكَ رسول الله بالضرب , يا بلال , انطلق إلى منزل فاطمة وائتني بالقضيب الممشوق " فأعطت فاطمة رضي الله عنها بلالا القضيب بعد أن عرفت أنه قصاصا, فدفعت بالحسن والحسين بعده ليفديا رسول الله, وصل بلال, ودفع بالقضيب إلى رسول الله, فدفع رسول الله القضيب إلى عكاشة, فلما نظر أبو بكر وعمر رضي الله عنهما , إلى ذلك قاما , فقالا : يا عكاشة هذان نحن بين يديك , اقتص منا ولا تقتص من رسول الله . فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم : " امض أنت يا أبا بكر وأنت يا عمر , فقد عرف الله مكانكما ومقاماكما " فقام علي رضي الله عنه, فقال : يا عكاشة, اقتص مني , واجلدني مائة جلدة, ولا تقتص من رسول الله, فقال رسول الله : " يا علي , اقعد , فقد عرف الله مقامك ونيتك ", وكذلك فعل الحسن والحسين فقال لهما : " اقعدا يا قرة العين, ولا ينسى لكما هذا المقام " فقال النبي مخاطبا عكاشة : " اضرب إن كنت ضاربا " فقال: يا رسول الله ضربتني وأنا حاسر عن بطني. فكشف رسول الله عن بطنه, وصاح المسلمون بالبكاء , وقالوا أترى عكاشة ضارب رسول الله, فلما نظر عكاشة إلى بياض بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم, لم يملك أن أكب عليه فقبل بطنه وهو يقول : فداك أبي وأمي, ومن تطيب نفسه أن يقتص منك, فقال الني صلى الله عليه وسلم : " إما أن تضرب وإما أن تعفو " فقال : عفوت عنك رجاء أن يعفو الله عني يوم القيامة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"من سره أن ينظر إلى رفيقي في الجنة فلينظر إلى هذا الشيخ"
هذه قصة رسول الله مع عكاشة , هذا هو ديننا,, القصاص في الدنيا أهون من القصاص في الآخرة, هذا منهجنا الذي نتعبد الله به وتستقيم به حياتنا.

فكيف بمن طلب حصانة تنجيه من أعمال هو أعلم أكثر من غيره ببشاعتها.

منحه الشعب اليمني ليحافظ على ما تبقى من دوله , وليُسْلِمًه التمزق, فيخرج من المشهد السياسي من الباب ليعود من النافذة, متكئا على سيطرته لنصف الحكومة وثلثي الجيش, وبصورة عجيبة , يهدد بأنه سيكون في المعارضة ولكن ليست أي معارضة يقولها وعين تغمز ويد تلمز, وضحكة ساخرة تخرج من فيه, تعني قطع طريق, وتحريض على الفوضى, ودعم مشبوه لجماعات مسلحة.

هو لا يعي أن الشعب عندما منحه هذه الحصانة إنما منحه ليحقق أهداف من خلالها,, إذا لم تتحقق فبأي حق يُمْنَح ؟ وسيعمل على إسقاطها.

هل يعتقد أنها عصمة من العقاب ؟