الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٤٩ صباحاً

إلهي لقد ضاقت القلوب وفاض التنور

نصر شاجره
الجمعة ، ٣٠ مارس ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
يقول الله تعالى في محكم تنزيلة على نبي البشرية محمد صلى الله عليه وسلم اذ يقول في ظن الكفار بربهم، فما بالكم بظن المسلم فكما قال تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 22-23]، فإنهم لما ظنوا أن الله لا يعلم كثيراً مما يعملون، تمادوا في غيهم وضلالهم فأرداهم هذا الظن وجعلهم من أهل النار.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “قال الله: أنا عند ظن عبدي بي”(3)، وفي رواية عند ابن حبان: “فليظن بي ما شاء”(4)، وفي رواية عند الإمام أحمد: “إن ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله”(5)، فمن حَسُن ظنه بالله ظن به خيراً فدفعه هذا للتفاؤل وعدم التشاؤم، الذي هو قريب من الإياس من رحمة الله وهو من الكبائر، والعياذ بالله.

ثاني هذه القناعات أن تكون المقاييس والموازين شرعية، فإن من قاس الأمور والأحداث بمقاييس الدنيا؛ فإن فتحت له أو سارت كما يحب ويشتهي، أو رأى أمته تنتقل من نصر لآخر استبشر وتفاءل، وإن ضيق عليه في رزقه وعيشه، أو رأى الباطل ينتفش أو رأى الأمة تتعرض للمحن والهزائم تشاءم، كانت مقاييسه غير منضبطة شرعياً، لأن هذه الدنيا دار ابتلاء، ولو أنها كانت دار جزاء أيضاً لحق له ذلك، لكن الصورة لا تكتمل إلا بإضافة الآخرة إلى الدنيا، فإنها هي وحدها دار الجزاء، قال تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 77]، وقال: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 32]،

كذلك إن اتاكم خيرا فمن الله وان أتاكم شرا فمن انفسكم
فلقد وصلت الامور في بلادنا الى درجة كبيرة من الانغلاق والابتعاد كثيرا عن تعاليم ديننا فاين الحكمة اليمانية ونحن نتغافل مأسينا ويتمعن كلا منا أذيت البعض للبعض الاخر وتفشي فينا روح الكراهية وحب الانتصار والتهميش وسحق كل من يخاصمنا ..فهل هذه هى الامور التي تحصل في بلادنا توصلنا الى سبل الرشاد ..ام ان الحكمة فينا والايمان الراسخ في ذواتنا تفرض تغلب الاغلال والاحقاد ومحاولة كل طرف التفرد والاستعلاء والمكابرة لمصلحة دنوية وذاتية وحزبية ..حتى اصبح الاخ يفتك باخيه من أمية وابيه ومن عمه وابن عمه وقريبه وجاره..وكل من يخالف فكره وما يطمع ان يكون حاله وماتشتهيه الانفس ..

نعم لقد وصل حال الامة الى درجة الغليان والنفور كلا من الاخر وكلا يدك حصون الاخر وكلا يحاول تجريد الاخر من كل القيم تشابكت الافعال وتنوعت التبريرات والاسباب ..ولكن الايقاع واحد في جروح غائرة وألام متنامية وانقسامات في الجسد الواحد والعضوا الواحد فاين نحن من قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم باننا كالجسد الواحد اذا اشتكى عضوا تداعى له بقية الاعضاء بالسهر والحمى او كما قال صلى الله عليه وسلم ..

فهل نتقي الله في انفسنا وفي ديننا وفي شعبنا وفي وطننا وامتنا وان نعي المرحلة وندرك المزالق والاخطار المحدقة بنا وباجيال الامة من بعدنا ونحكم ضمائرنا وندعوا جميعا ونقف وقفت رجل واحد في صد هذه المخاطر والعمل على الاصلاح بالتي هى احسن إذ يقول الله تعالى (( ادفع بالتى هى احسن فاذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم)) ويقول في أية أخرى (( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )) أل عمران 159

ثم ذكر ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ))

فأين نحن من كلام الله تعالى وهو يخاطب سيد الاولين والاخرين يامعشر المسلمين في يمننا الحبيب يامن خصكم رسوله بمقولته الشهيره عنكم (الايمان يمان والحكمة يمانية) فهل لازلتوا من اصحاب رسول الله الذي خصهم بهذه المقوله نتمناء ذلك والله المستعان على ماتصفون وتصنعوه بانفسكم واهلكم ووطنكم وشعبكم