السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً

قمة بغداد بسندباد وشهرزاد

أحمد إبراهيم
السبت ، ٣١ مارس ٢٠١٢ الساعة ١١:١٧ مساءً
لم يكن سندبادا بحريا ولا شهرزادا عربيا حضرا القمة وقطعا الشريط وتقاسما الكعكة العربية، ورغم ذلك انجزا للقمة وعن القمة من خارج القمة .. هذه القمة المرجوّة من أولوّياتها إطفاء اللهب السورية بخرطوم مياه عربية، لم تأت بأي تغيير لدمشق من الخارج، كما لم تكن لها أذن دمشقية صاغية من الداخل، عجيبٌ وغريب، ان من يخاف على العرب يأتي دائما من خارج المنظومة العربية، كما والعرب يستمعون جيدا لمناديهم من خارج المنظومة العربية.!

"سندباد وشهرزاد" خيالان صورتهما لي أفكاري بشخصيتى (كوفي عنان وبانكي مون)، حيث جاء قرار موافقة الرئيس السوري على البنود الستة لكوفي بعد رحلاته الكوفية المكوكية السندبادية للأخير، وهو المبعوث من شهرزاد الأمم المتحدة بانكي مون .. والقمة هذه التي منذ النشأة وحتى الآن، وكأنّ واجب كل رئيس يحضرها أن يحنى لآخر لم يحضرها، وآخرٌ لأخر لن يحضرها، وهكذا دواليك ..

بغداد المستضيفة بالمعارضة والموالاة، دمشق الغائبة الحاضرة بالمعارضة والمعارضة، وبلدان الربيع العربي بلا معارضة ولا موالاة، وبلدان أخرى بالموالاة ولا معارضة، وقمة بغداد 2012 بنداء العودة للعرب، والعرب لها بقبول العودة لبغداد تلك التي كانت قبل عشرين عام بقمة تمهيدية لغزو العرب، فغزت الجارة الشقيقة الكويت العامرة بعد عام من إنعقاد تلك القمة.!

ماكنت مولودا ولا انتم قرّائي الاعزاء يوم ولدت الجامعة العربية ببروتوكول الإسكندرية في 22 مارس 1945، لكننا اليوم عندما نتكلم عن الجامعة العربية وقممها بلا قيعان، فذلك يعني اليقين والإيمان بعالم عربي كله بلامجاعة، ناهيك عن صومال العروبة الجائعة المُجفّفة، فلو تم استصلاح واستزراع واستغلال مساحات 13,953,041 كم² يملكها 350 مليون عربي قادر على البناء والانتاج، ذلك يعني ان هذا العربي يملك من مغديشو الى بيروت، ومن القدس الى نواكشوط من المساحات ما يحق له ان يدّعي (انا الرجل الثاني عالميا بعد روسيا بمساحاتي الأرضية، وأنا الرجل الرابع عالمياً بعد الصين، والهند والاتحاد الأوروبي بطاقاتي البشرية.!)

بعد مشاهدة قمة بغداد مباشرة من الألف للياء على الفضائيات مستلقيا في غرفة النوم، بدأت أتخيل المواطن العربي ممن كان في سن الرشد قبل 67 عام، أنه إذا سمع في يومه عن قمة عربية تعقد في بغداد مثلا، فكان هو يومذاك بصوته نحو الإتجاهات الأربعة: (أليس فيكم رجل رشيد يرشدني إلى بغداد؟ هل سأصلها سندبادا بحريا او شهرزاد رومانسيا؟)

هذا المواطن الطموح بات بوسعه اليوم، واينما وجد في موطنه أو دول الجوار من داكار الى بوجنبورا أو جزر القمر ومالديف، صار بمقدوره ان يطير بخياله ومشاهداته ليرى كل الأحداث في الدهاليز مباشرة من غرفة نومه وبتكلفة تقل حتى عن مئة دولار للصحون اللاقطة للفضائيات.

بينما قمة بغداد 2012 التي كنا نشاهدها مجانا من الافتتاح الى إعلان بغداد في 29 مارس 2012 بـ:
(نحن قادة الدول العربية المجتمعين في الدورة الثالثة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في بغداد المحبة والسلام، في جمهورية العراق وإنطلافا بمباديء وأهداف ميثاق جامعة الدول العربية إلى أخرها ....)، يقال عنها ان تكلفة الحكومةالعراقية لعقد هذه القمة، التي كنا نستمتع مشاهدتها مجانا بتكلفة كهرباء التلفزيون، تكلفة إنعقادها في بغداد، تجاوزت 2.5 مليار دولار.!

طبعا الجانب الامني هو السبب، فماذا عن كلفة بغداد بلا أمن، لتلك المليارات الفلكية لموازنات طوال الأعوام التسعة الماضية؟ هذا يؤكد على أن الهمّ الاول للمواطن العربي اينما وجد هو ان يجد الأمن بجواره، فإن توفر فإنه لم يعد يطمع بالكثير .. إذن وفروا له الأمن، وهو كفيل بالرغيف والكساء، لايريد غير حقوق المواطنة بسيادة القانون .. فلنحترم بالاجماع العدالة، ولانعطيها الاجازة ولاندوسها بالاقدام، ونروّض الكل على الانحناء لقدسية القضاء، و محاربة الفساد، فسادٌ يتنزّه عنه الانسان الكريم الأصيل، فيندسّ بيننا من خلال اللئيم الدخيل.

وايضا علينا مراقبة إستغلال البنوك الربوية بخبراتها الانتهازية للمواطين البسطاء، حيث بنهاية كل سنة مالية عشرات المواطنين في السجون، على حساب مدراء تلك البنوك الذين يمسحون على شواربهم الإستعراضية بأرقام فلكية للأرباح .. فلو قمنا بتلك الاصلاحات في الوطن كله، فان الوطن كله سيتحول من الداخل الى الربيع العربي، ودون ان يأتيه خريفٌ تتعطش أوراقه المتساقطة في ميادين التحرير للدماء والدموع.