الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٠٠ مساءً

قصف السادة القرّاء!

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
قلت سابقاً، ولا زلتُ أقول، وسأبقى أردد بإذن الله، إن الإعلام عملية تفاعلية، ولا شيء أكثر إبهاجاً لقلب كاتب من ردود السيدات والسادة القراء. وقد تعرض أبو عبدالله غفر الله له لردود أشبه ما تكون بالقصف الكتابي، ويصح أن نقول إن بعضها كانت شبيهة بصواريخ أرض- أرض، فأحمد الله الذي سلمني، وسلمكم جميعاً.

قبل أيام تلقيت رسالة تقطر غضباً من رجل أحسبه ناصحاً، وإن اشتط في الخصومة، وأغلظ في النصيحة، ينتقد مقالي (يصير خير)، ويرى أنني عندما اعترضت على "إن شاء الله"، فكأني اعترضت على مشيئة الله تعالى. وأقولُ وبالله التوفيق، لا يملك أحد أن يقوم اعوجاج الفهم عند البعض، فأنا لم أعترض على المشيئة، معاذ الله، ولا أردت ذلك، بل اعترضت على استخدام هذه الألفاظ للترويج لثقافة التمطيط وعدم الحسم، والإيغال في الكسل.

ألم يقف ابن تيمية في جمع من الناس يحثهم على قتال المغول، وقد وجد أن إذكاء العزيمة في نفوسهم، يكون بتأكيد النصر في المعركة المقبلة، فقال له رجل من الحاضرين: يا شيخ، قل إن شاء الله! فقال أبو العباس: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً.

وأقف عند قصة شيخ الإسلام، ففيها غنية لمن أراد أن يستوعب.

ثم أنتقل إلى قوم انتفضوا لأني استخدمت في عنوان مقالي أول من أمس "بريدة المكرمة"، معتبرين أن التكريم توقيفي لا يجوز نسبته لغير مكة!

فأقول مستعيناً بالله، إنه لا مدينة تداني شرف مكة، ويكفيها قول النبي الكريم في هجرته: والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله وأنت أحب البلاد لي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت.

لكني أعلن عن جائزة قدرها عشرة آلاف ريال لمن يثبت لي في القرآن أو في السنة وصف مكة بالمكرمة. وإنما التصقت المكرمة بمكة، في عهد متأخر، ما يبين أننا مع تقديسنا لمكة، لسنا مؤاخذين لو لم نربط اسمها، شرفها الله، بالمكرمة.

ثم ألا يبعث الناس بدعواتهم إلى السيدات، فيذيلوا أسماءهن أو أسماء العوائل بالمكرمة. والبنات بالكريمات وفي ذلك طرفة أن سيدة تلقت دعوة لحضور زفاف وجهت لها كالتالي: السيدة فلانة وكريماتها، فجمعت كل الكريمات على تسريحتها وحملتها إلى الحفل.

لقد نقلت العنوان، ولم أقره، بل عنيت به التقاط المعاني الكامنة وراءه لدى من يستخدمه، في سبيل استيعاب الظاهرة، ليس إلا.

وأقول، ختاماً، إني أعتز بانتمائي إلى بريدة، كما يعتز كل خلق الله بديارهم، لكني كتبت عن معظم المدن السعودية قبل كتابتي عن بريدة، وأنا رجل أمقت التعصب، وأعشق أن يكون تراب الوطن كله مقدساً، ولا أنظّر هنا، بعيداً عن التطبيق، بل أشهد الله على ذلك، وإن طالني القصف من كل الجهات، والله أعلم.

* نقلا عن صحيفة "الوطن" السعودية