الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٢٨ صباحاً

الامتحان الصعب

محمد الحاج
الأحد ، ٠١ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٠٧ صباحاً
خرج الشعب اليمني في ثورته التي لم يشهد لها التاريخ اليمني مثيل, ولا أبالغ إن قلت لم يشهد لها التاريخ البشري مثيل, خرج فيها الكبير والصغير الرجل والمرأة الغني والفقير المدير والغفير العسكري والمدني ...

خرج الجميع في وحدة رائعة يهتفون بشعار واحد ,كلمات وحدت القلوب قبل الألسن,ومرت الأيام وبعد صبر وجلد تمكن الثوار من تحقيق أول أهداف ثورتهم ,وقبل وبعد تحقيق هذا الهدف تتجه الأنظار إلى ثورة أخرى لا تقل أهمية عن الثورة الأم وهي ثورة المؤسسات والتي انطلقت في عدد من المؤسسات الحيوية كتب لها النجاح في بعضها وتعرضت للإجهاض في البعض الآخر,

لا يختلف اثنان أن السبب الرئيس لثورات الربيع العربي هو الفساد والإفساد الذي عاث في الأرض واستشرى حتى أصبح من مزايا بعض الدول ومنها طبعا اليمن, إن مشاهدة هذا الواقع الفاسد، والسكوت عليه مشاركة فيه بطريقة أو أخرى، والمطلوب التفاف الجميع وفي مقدمة ذلك رئيس اليمن الجديد وحكومة الوفاق الوطني حول مكافحة الفساد والمفسدين، حتى لا تأتي الطامة فتلف الجميع وتطويهم في دوامتها: {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} .

إن الناس يصبرون على القلة، ويكنّون كل مشاعر الولاء لأوطانهم مهما كانت مواردها شحيحة، وظروفها صعبة، لكنهم لا يرضون عن الفساد المتعمد، ولا يهنأ لهم عيش وهم يرون الظلم الفادح والعدوان السافر على الحرمات والحقوق , إن مكافحة الفساد وتضييق موارده يشكل عاملاً مهماً في تخفيف التوتر في بلد تضيع فيه الحقوق جهارًا نهارًا، ويأخذ فيه أقوام ما ليس لهم من غير خوف من أحد, إن الامتحان الصعب الذي تمر به ثورة المؤسسات هو هل الجميع قادر على أن يتوحد تحت مطلب واحد بعيداً عن المصالح والمصلحة والمناطق والمنطقة والأحزاب والحزبية والمذاهب والمذهبية والأشخاص والشخصنه, يجمعهم حب الوطن وصيغة مشتركه للتعايش, عند ذلك فقط يمكن تحقيق الأهداف وانجاز المهام وكتابة التاريخ في انصع صوره, وهذه الحالة لا يمكن لها أن تنشأ من غير توفير الحد الأدنى من القيم المشتركة والفهم المتبادل والنضج الحضاري.