الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٤ صباحاً

الأوضاع الراهنة ... وفقه الواقع

عباس القاضي
الثلاثاء ، ٠٣ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
الكثير من الحوارات تدور حول الوضع الراهن محليا وإقليميا, بسبب حالة من النزوع إلى حريات الشعوب, بحسب مؤيدي التغيير, وحالة الفوضى بحسب رأي مؤيدي الحكام, بما تم الاتفاق عليها بثورات الربيع العربي.

الوضع المحلي القائم, فيه الكثير من الإختلالات...وذلك بسبب الحركات المفتعلة من بقايا النظام, والذي يؤيد هذا التفسير الكثير من الشواهد منها الحركات المريبة التي قام بها " مقولة " بعد إقالته والأنفس التي أزهقت, كذلك التنسيق بين الثلاثي الإرهابي ( القاعدة - الحراك الانفصالي - الحوثي ) وهذا التنسيق لا يكون إلا بوجود قيادة مشتركة , ودعم غير عادي, وسقوط بعض المواقع وإفساح المجال لبعض الجماعات, كما هو الحال في أبين, كما أن ظهور أسلحة بأيديهم لا تمتلكها سوى الدولة عززت قناعات من تبقى.

ليس هذا الموضوع الذي أريد كتابته , وإن كان مرتبط به.

الموضوع الذي نحن بصدده, هو ما موقفنا من هذه الأحداث, من حيث الجزع والتفاؤل , وكيف جاء الدين ليكون بلسما يداوي الجروح, وترياقا لتهدئة النفوس.

يقول لي : أصبحت البلاد في خراب, الأمن منفلت, الفقر وصل إلى العظم, الفوضى هي السائدة, مدن تسقط, النهب والسرقة أصبحت في وضح النهار, لا أمل في المستقبل القريب, كان هذا وهو على نافذة الدردشة, وأنا أرقب حالته النفسية من خلال كتاباته..التي تتخللها علامات التعجب والكثير من أدوات الاستفهام, والفواصل والنقاط.

قلت له : هون عليك يا هذا, الدنيا ما زالت بخير, قال : حتى لو كنت بخير , أين نحن من الحديث " من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم "؟ فرديت عليه, وأين نحن من الحديث " من أصبح منكم آمنا في سربه, معافى في جسده , لديه قوت يومه, فكأنما حيزت له الدنيا "؟ وهنا وجد ضالته, فقال :أيوااااه أين الأمن؟ فقلت له : وزن الأمن في الحديث الثلث,, باقي لك ثلثي الدنيا, أليست هذه نعمة ؟ قال لي : طيب والحديث الأول , كيف نتعامل معه ؟؟

قلت له مجتهدا , مستعينا بالله : بحسب فهمي أن هذا الدين جاء ليراعي حياة المسلم كلها, وبحسب الظروف والإمكانيات.

فعند كثرة الفتن وعدم قدرتك على التغيير جاء ليقول " الزم غرزك " فالعمل الذي تزهق به نفسك ولا تحدث فيه تغيير لا داعي له, كما هو الحال في العهد المكي, كان يمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركون يعذبون سمية زوج ياسر وأم عمار, والرسول يقول لهم :" صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة " لم يقاتلهم حينها.

وإذا شعرت بالخوف من أوضاع تمس شتى متطلبات الحياة, جاء الحديث " من بات آمنا في سربه , معافى في جسده ,عنده قوت يومه, فكأنما حيزت له الدنيا " أي أن بيته في سعة الدنيا, التي يتكالب الناس عليها, وسوف يبارك الله بكفاف يومه من قوت أفضل من طعام الملوك, مادام لم يدخل الخوف إلى داخل داره, وقد عافاه , فهذا الحديث ينزل على قلب المؤمن بردا وسلاما, يملؤه طمأنينة وأملا.

وحديث " من لم يهتم......"قائم ولكن في ظني عندما تتوفر الإمكانيات, والإمكانيات نسبية, فاهتمام الفرد ليس كاهتمام الجماعة واهتمام المحكوم ليس كالحاكم, والفقير ليس كالغني, والضعيف ليس كا لقوي, فكلما أنعم الله عليك بفيض من نعمه, أوجب عليك مسئولية, وبهذا تتكامل الأدوار, ويجد الفقير المعدم العزاء في الحالتين.

أردت عرض هذين الحديثين, ليكون مدخلا لفهم الأحاديث وإسقاطهم على واقع الأمة, فعمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يسقط حد السرقة عام المجاعة , ولكنه أعاد تعريف , من هو السارق ؟ .....وحتى لا يكلف المسلم فوق طاقته.