الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٤١ مساءً

الهدهد مراسل غير

احلام القبيلي
الأحد ، ١٥ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٨:٥٢ مساءً
الإعلام هو المهنة الوحيدة التي يمارسها " كل من هب ودب" " رغم أهميتها وخطورة دورها إيجاباً وسلباً.

فالإعلام يؤثر في سلوك الأفراد , ويغير القناعات ويعيد صياغة الأفكار , ويخلق الرأي العام , بل إنه سلاح فتاك لا يهزم من يمتلكه وكنت قبل أن أتعرف على عالم الصحافة والإعلام , أسمع الناس يقولون "كلام جرايد" وكنت أستغرب من ردهم هذا على كل من ينقل إليهم خبراً قرأه في صحيفة وبعد أن عرفت هذا العالم أدركت أن كلام الجرايد " أكثره خرط في خرط" والصحفي الناجح هو الذي يعمل من الحبة قبة , ويزيد فوق السباعي رباعي وفي زمن الصدق قالوا الكاميرا لا تكذب أو الصورة لا تكذب , وفي زمننا هذا أصبحت الكاميرا تكذب وتزيف وتخدع وتقلل الكثير وتكثر القليل, وأصبحت وسيلة الكذب الناجحة الكاميرا، لا تكذب إذا كان من يحملها إنسان صادق.

الأخلاق الإعلامية:

وفي قصة الهدد عبرة لكل إعلامي لا يراعي أخلاق المهنة, فعندما جاء الهدد إلى سليمان عليه السلام نقل الخبر كما رآه ولم يصنعه قائلاً" إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم, وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله" وبعد أن نقل الخبر, علق عليه وأبدى رأيه فيما رأى قائلاً " فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون, ألا يسجدون لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون".
وهكذا ينبغي لكل إعلامي أن ينقل الخبر بحيادية تامة، ثم إن شاء فليقل رأية في الحدث بكل حرية
وليتذكروا قوله تعالى" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد".

ماذا لو كان الهدهد؟

وتعالوا نتخيل لو أن الهدهد مراسل لقناة عربية كيف كان سينقل الخبر:
سيقول : في تلك البقعة من الأرض , في أرض تسمى اليمن, بلد الأنصار , رأيت قوماً يعبدون الشمس , ولكنها شمس مختلفة عن تلك الشمس التي نراها في كبد السماء , إنها شمس محرقة وحارقة, شمس تسطع في الليل والنهار.. وجدت قوماً يسجدون لها عند الشروق وعند الغروب في اليوم والليلة مائة مرة " كيف والشمس لا تشرق ولا تغرب في اليوم إلا مرة واحدة"، أما الملكة فقد كانت ترتدي ثوباً يبلغ قيمته ميزانية دولة لمدة عام ويبدو أنها صففت شعرها بمئات الدولارات , إنها ملكة رعناء , ظالمة لشعبها ولا ندري كيف يطيعونها في ذلك , "وأكيد زوجها ضعيف شخصية" " وتزوجها غصب عنه" إنهم قوم يسجدون للشمس من دون الله تعالى بخشوع وخضوع ويتركون زوجاتهم وأطفالهم دون طعام وشراب ليوفروا قيمة القرابين، لكهنة شمسهم المعبودة , إنهم قوم يستحقون القتل لابد من ذلك قبل أن ينتشر شرهم , وتفشو بين الناس عقيدتهم".

أما لو كان الهدهد مراسلاً لقناة أجنبية فسيأتي
تقريره على النحو التالي:
إنها ملكة سديدة الرأي, قوية الشخصية, استطاعت أن تتربع على عرش الحكم في بلد لا يعترف بحقوق المرأة ولابد أن تقوم ثورة ضد تلك العادات البالية، وجدتها وقومها يعبدون إلهاً واحداً هو الشمس ,وهي وقومها بحاجة ماسة إلى من يحميهم من الطوائف والجماعات المتشددة التي لا تحترم حرية الأديان , ولابد من إرسال قوات دولية من أجل توفير المناخ الآمن لهؤلاء الأقلية، نعم يعبدون الشمس , وما أجمل تلك الشمس.. ويختتم التقرير بأغنية يمنية عن الشمس " يا شمس بعد المطر تفرح بها الأكوان".

أين الحقيقة؟ :
خبر واحد تتابعه في أكثر من قناة, وكل قناة تعطيك معلومات مختلفة عن الأخرى وأحياناً تتناقض القناة مع نفسها، فيكون الخبر في الشريط الإخباري أن عدد القتلى واحد وخمسون، ثم تتلو المذيعة الخبر وتقول إن عدد القتلى أربعون , ثم تستضيف المراسل الذي يؤكد لها أن عدد القتلى عشرون ومن قناة إلى قناة تجد عدد القتلى يزيد وينقص وهكذا.